السيسي يبيع 10% من أراضي مصر ويرفع شعار “حق الانتفاع”

- ‎فيتقارير

في نوفمبر المقبل وفي غفلة من الشعب الذي يعيش في دوامة الأزمات الاقتصادية والبحث عن قوت يومه، سيفرط السيسي ثانية في أكثر من 10% من مساحة مصر الكلية بمباركة ممثلين من هيئات وشركات أمريكية وأوروبية، بالاتفاق المبدئي على بيع 30 “محمية طبيعية” بنظام “حق الانتفاع” تخضع لإشراف “صندوق النقد الدولي” في إطار الخصخصة التي ينتهجها نظام السيسي العسكري.

وتعد شرم الشيخ المدينة السياحية التي تقع عند ملتقى خليجي ” العقبة والسويس” على شاطئ البحر الأحمر، المقصد الجديد لعيون الانقلاب للتفريط في أراضيها.

ويبدو أن “الجزء الأغلى” على المصريين سيكون على موعد مع تفريط جديد من خلال ما أطلق عليه ملتقى رءوس الأموال الخليجية والأوروبية، وإقامة فعاليات ضمن نشاط وزيرة البيئة بحكومة السيسي، التي طرحت خلالها المحميات الإستراتجية للبيع بدعوى الاستثمار المحلي والدولي.

الموقع المتميز للمحميات الطبيعية يؤكد أن تأجيرها 10 سنوات قادمة ما هو إلا إيذان من العسكر لتسليم مصر بواباتها في جهاتها الأربع لجهات أجنبية متعددة الجنسيات بينها “شركات صهيونية”.

العقل الصهيوني

الكاتب والمؤرخ عامر عبد المنعم يصف الأمر بالخطر ويقول: يبدو أن العقل الصهيوني لا يريد أن يتركنا نلتقط الأنفاس في مصر، ويواصل صعقنا بالصدمات الكهربائية المتلاحقة حتى نفقد الوعي ويصيبنا الشلل ونقف مخدرين أمام تسليم الأراضي المصرية قطعة قطعة للدوائر الصهيونية بدون حرب، وكأننا أمة بلا عقل، وذبيحة بلا حراك، استسلمت لشبكة من الصيادين الدوليين لا ترحم.

وأضاف في تصريحات صحفية : التفريط هذه المرة ليس بالبيع كما حدث مع جزيرتي تيران وصنافير، وإنما بتأجير ما يزيد عن 10 % من مساحة مصر وهي المحميات الطبيعية، والتعامل معها وكأنها منشآت اقتصادية تخضع لبرنامج الخصخصة الذي تتبناه الحكومة تحت إشراف البنك الدولي.

وأشار “عبد المنعم” إلى أن قرار التخلص من المحميات الطبيعية في مصر أعلنت عنه وزيرة البيئة بحكومة السيسي الدكتورة ياسمين فؤاد في مؤتمر التجمع الإفريقي لصندوق النقد والبنك الدوليين بشرم الشيخ الذي حضره ممثلون لهيئات ومؤسسات من الولايات المتحدة وأوربا.

كارثة سياسية

ويشرح خطورة الأمر على حود مصر ويقول: لا يمكن التعامل مع المحميات على أنها شأن خاص بوزارة البيئة، أو قرار يخص الحكومة ونظام الحكم، فهذا الملف له أبعاد سياسية واستراتيجية ومرتبط بأمن ومصالح الدولة العليا؛ فالمحميات ليس فقط لها قيمة حضارية وثقافية وبيئية، وإنما قضية حدود وسيادة وأمن، ولا يجوز تسليمها للأجانب، وفرض نوع جديد من السيطرة الأجنبيه عليها.

ويضيف: الملاحظة الأهم أن معظم المحميات تقع على الحدود ولها أهمية استراتيجية واضحة، ففي سيناء بعد بيع تيران وصنافيرللسعودية توجد 5 محميات، منها أربع تطل على خليج العقبة، وتمثل هذه المحميات معظم المثلث الجنوبي لشبه الجزيرة الذي تمتد قاعدته من طابا إلى السويس ورأسه في رأس محمد، وتقع محميتي علبة والعلاقي في الزاوية الجنوبية الشرقية، وتمتد من أسوان وحتى البحر الأحمر، وتقع محمية الجلف الكبير في الزاوية الجنوبية الغربية في منطقة التقاء الحدود مع السودان وليبيا، وتقع واحة سيوة في غرب مصر على الحدود مع ليبيا.

ويؤكد أن الموقع الجغرافي لهذه المحميات يكشف أن تأجيرها للأجانب نوع من التحايل والتفريط يفوق في نتائجة الكارثية الخروج من مضيق تيران؛ فتسليم بوابات مصر من كل الجهات إلى شركات أجنبية متعددة الجنسيات غربية وصهيونية نوع من الاحتلال الجديد معتبرا ان دخول الشركات الغربية على المحميات يعطيهم الحق في استقدام العمالة الأجنبية وشركات الأمن الخاصة، وفتح الباب لدخول المرتزقة من بلاك ووتر وفرسان مالطا والفرق العسكرية السرية لخدمة الاستراتيجيات المعادية وإعادة السيطرة الاستعمارية المباشرة.

دولة الرهبان

ويكشف عبد المنعم ، أن قرار تأجير المحميات يلبي الأطماع الإسرائيلية بدون قتال ويوفر حلا سحريا للرهبان الانفصاليين في جنوب سيناء، ويعطي رهبان الصحراء الغربية الحق في وضع اليد على مساحات ضخمة من الأراضي المحمية.

ويحذر من أن الإسرائيليين سيسهل عليهم وضع اليد على كل المنطقة الغربية لخليج العقبة والمتمثلة في محميات طابا (3595 كم2) وأبو جالوم (500 كم2) ونبق (600 كم 2) ورأس محمد (480 كم2) لإنهاء الوجود المصري ولتأمين الملاحة في ميناء إيلات، وبالتأكيد لن تفلت منهم محميات الجزر الشمالية بالبحر الأحمر التي تتحكم في مدخل خليج السويس.

ويتابع : بخدعة التأجير سيستولي الرهبان اليونانيون في دير سانت كاترين على المحمية التي تصل مساحتها إلى 5750 كم2 وهو حلم سعوا لتحقيقه منذ قرون بشتى الوسائل، والعجيب أن قرار تحويل هذه المنطقة الشاسعة عام 1988 إلى محمية كان لمنع أي يد من الاقتراب منها حتى يأتي قرار التأجير اليوم ليأخذوها بكل سهولة.

ويعتبر رهبان دير الأنبا مقار الذين استولوا على محميتي وادي الريان ووادي الحيتان بالفيوم والذين قطعوا الطريق الدائري الإقليمي ومنعوا الدولة من المرور أكبر الرابحين من هذا القرار، حيث سيتم إنهاء الموضوع بتسليمهم عقدا قانونيا باستئجار مساحة الـ 13 ألف فدان التي استولوا عليها بالقوة بتكلفة رمزية!

بيع سيناء

ويواصل الكاتب الصحفى حديثه قائلا: هذه الخدعة الاستعمارية تطرح تساؤلا حول العصابة الدولية التي ستأخذ محميتي علبة ووادي العلاقي؟ من المعروف أن محميتا علبة والعلاقي ليستا من المحميات الطبيعية بالمعنى البيئي فهذه صحراء وجبال الذهب منذ أيام الفراعنة، والتعامل معهما باعتبارهما من المناطق المحمية للحفاظ على الطيور النادرة والحيوانات البرية والنباتات الطبية نوع من التضليل والكذب، وكان الغرض هو منع الاقتراب منها.

ويتساءل: التفكير في تأجيرصحراء علبة التي تصل مساحتها إلى 35 ألف كم2 ووادي العلاقي الذي تصل مساحته إلى 30 ألف كم2 يفتح الباب لمناقشة ملف الذهب المسروق من هذه المنطقة مثل منجم السكري، ومن هم اللصوص الجدد الذين سيستولون على ذهب المصريين بعقود فاسدة مع وزارة البيئة.

الغزو قادم

يبدو أن المكر المعادي لديه الكثير من السيناريوهات لمصر لتحقيق الخطط الموضوعة، ويستخدم الآن سلاح الاستثمار الخارجي للاستيلاء على ممتلكات وأصول وأراضي الدولة المصرية، مستغلا الانهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه المؤسسات الدولية كصندوق النقد والبنك الدولي، ومستفيدا من ضعف النظام السياسي الذي استسلم للضغوط الخارجية هربا من الضغوط الداخلية.

في ظل المناخ العام الذي تعيشه مصر فإن الاستثمارات الأجنبية التي تأتي إلينا ليست استثمارات محايدة، وإنما موجهة، لها أهداف غير معلنة، وستظل مصر رغم مواقفها السياسية المنحازة لـ “إسرائيل” هدفا للتفكيك بانتزاع الجزر والأراضي وبيع الأصول وتأجير المحميات الطبيعية والموانئ والسواحل، وإغراقها بالقروض ورهن كل ما له قيمة حتى تسقط في يد السماسرة والوكلاء والجواسيس، ولا يبقى لها أي فرصة للنهوض إذا تغير الوضع الحالي.