“أسامة عسكر” رهن الإقامة الجبرية.. الانتقام يشعل حرب عصابة السيسى

- ‎فيتقارير

قيام الجنرال عبد الفتاح السيسي، زعيم الانقلاب العسكري، باحتجاز الفريق أسامة عسكر، مساعد وزير الدفاع والرئيس السابق لقوات شرق القناة، ووضعه رهن الإقامة الجبرية في فندق الماسة بتهم تتعلق بالاختلاس المالي، يمثل تصعيدًا في مستوى حرب الجنرالات التي تتعلق ببسط النفوذ وتحقيق الامتيازات غير المشروعة، سواء على السلطة أو الأموال.

وتردد اسم أسامة عسكر، في سبتمبر الماضي 2017، في قضية فساد تم الكشف عنها عبر تقارير إعلامية، حيث أفادت بإلقاء القبض عليه على خلفية اتهامه بفساد مالي وصل قيمته إلى 500 مليون جنيه (28 مليون دولار). وكان عسكر يشغل منصب قائد الجيش الثالث الميداني وقت الانقلاب العسكري الذي نفذه السيسي في يوليو 2013 على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، الدكتور محمد مرسي، ثم رُقي إلى رتبة فريق في يناير 2015، وتسلم قيادة القوات الموحدة لمنطقة شرق قناة السويس ومكافحة الإرهاب. وترك منصبه فـي ديسمبر 2016، إثر قرار السيسي بتعيينه مساعدا لوزير الدفاع لشئون تنمية سيناء.

وكان الجنرال السيسي قد أهدر أكثر من 100 مليار جنيه على حفر تفريعة قناة السويس دون دراسة جدوى أو تحقيق أي إيرادات تذكر، كما لا يزال يهدر مئات المليارات على مشروع “العاصمة الجديدة” رغم أنه لن يحقق إيرادات، بل سيبتلع السيولة المادية دون تحقيق إيرادات تذكر، ويبقى الجنرال بعيدًا رغم هذه الكوارث عن أي مساءلة أو محاسبة في ظل هيمنته الكاملة على النظام في مصر.

امتيازات خارج القانون

ووفقا لمراقبين، فإن تلك الواقعة تكشف ما يتمتع به الجيش في مصر من امتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل باقي الشركات، كما أن موارد المؤسسة العسكرية لا تمر عبر الخزينة العامة للدولة، وهي تخص الجيش وحده.

وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، نقلًا عن مصادر مطلعة، كشفت عن أن السيسي يحتجز قائدا عسكريا رفيعا بفندق الماسة بالقاهرة، في محاولة للضغط عليه لإعادة مليارات الجنيهات التي نهبها طوعا دون تقديمه إلى المحاكمة؛ ورجحت أنه الفريق أسامة عسكر.

الاتهامات المنسوبة لعسكر من جانب الجنرال لا يمكن التسليم بها أو التحقق من صحتها، فالجنرال دأب على إقصاء مخالفيه أو أولئك الذين لا يخضعون لسلطاته بصورة تامة بتهم ملفقة وافتراءات لا تستند إلى أي دليل؛ ولعل التهم المنسوبة للرئيس محمد مرسي وقيادات الإخوان وثورة يناير خير دليل على ذلك.

ووفقا للتقارير المنشورة، فإن عسكر وزجته محتجزان بالفندق الشهير بالقاهرة، وأن المفاوضات مع القائد العسكري المتهم بالفساد بلغت مرحلة متقدمة، مشيرة إلى أنه “وضع أمواله في حسابات بالخارج، إضافة إلى حسابات لزوجته المحتجزة معه في الفندق في مكان بعيد من الأمكنة التي يتردد عليها النزلاء أو الزوار”.

وتأكيدا على غياب دولة القانون، فإن المفاوضات لا تزال جارية مع الفريق عسكر، في محاولة لإعادة الأموال مقابل أن تتم تسوية الأمر وإغلاق ملق القضية بالكامل دون تدخل الإعلام، بينما يصر “عسكر” على أن جزءا “ليس بالقليل من الأموال” هي من أمواله الشخصية وأموال زوجته، ولا علاقة لها “بالتربّح من وظيفته ككقائد عسكري”.

وحبس زوجة نجل عنان

وفي مشهد آخر من مشاهد الصراع والحرب بين كبار الجنرالات، كانت نيابة الشيخ زايد قررت، الأسبوع الماضي، حبس نجلاء محمد علي، زوجة (سمير) نجل الفريق سامي عنان، 15 يوما على ذمة التحقيقات، فى اتهامها بالشروع فى قتل فرد أمن بمدينة الشيخ زايد. وتم التحقيق معها في القضية رقم 3039 لسنة 2018 جنح الشيخ زايد، وتم احتجازها بقسم الشرطة، ثم العرض على المحكمة الجزئية.

الاتهامات المنسوبة لزوجة نجل عنان، تتعلق بالشروع في قتل فرد أمن بكمباوند الشيخ زايد، دهسا بسيارتها، وهي الاتهامات التي لا يمكن التحقق من صحتها في ظل نظام يعتمد أسلوب المكايدة السياسية وتلفيق التهم لمخالفيه أو من يراهم خطرا على وجوده.

وكان الجنرال السيسي قد مارس كل صور الضغط والإكراه لمنع ترشح الفريق أحمد شفيق لمسرحية الرئاسة الماضية، التي فاز بها السيسي مارس الماضي أمام الكومبارس موسى مصطفى موسى، كما تم اعتقال الفريق سامي عنان على خلفية إعلانه الترشح ضد الجنرال السيسي، وتم الزج به في السجن بتهم لا منطقية تتعلق بممارسته السياسة رغم أنه رئيس حزب سياسي.

وكان المستشار هشام جنينة قد كشف، في حوار سابق لـ”هاف بوست عربي”، عن امتلاك الفريق عنان لمستندات وصفها بـ”بئر الأسرار”، التي تضمن وثائق وأدلة تدين الكثير من قيادات الحكم بمصر الآن، وهي متعلقة بكافة الأحداث الجسيمة التي وقعت عقب ثورة 25 يناير.

وعبَّر جنينة عن تخوفه على حياة الفريق عنان داخل السجن، وأنه من الممكن أن يتعرض لمحاولة اغتيال وتصفية، كما حدث مع المشير عبد الحكيم عامر، محذرا في الوقت ذاته أنه في حال المساس به فسوف تظهر الوثائق الخطيرة التي يمتلكها عنان، وحفظها مع أشخاص خارج مصر.

مكايدة سياسية

وأمام غياب المعلومات وانعدام الشفافية في نظام 30 يونيو، فإن التهم المنسوبة لعسكر أو عنان أو زوجة نجل عنان وكل المعتقلين في مصر، لا يمكن التسليم بصحتها؛ خصوصا وأن المؤسسة القضائية في مصر  العسكر فقدت استقلالها، وباتت تابعًا للنظام الذي يتحكم في مفاصل البلاد بالحديد والنار.

وكان الكاتب البريطاني ديفيد هيرست قد كشف، في مقاله المنشور فبراير الماضي على موقع “ميدل إيست آي”، عن أن إعلان الفريق عنان ترشحه للانتخابات الرئاسية سبقه اجتماع لعدد من جنرالات الجيش السابقين رفيعي المستوى، ورموز المجتمع المدني، وكان من ضمن الحضور سامي عنان، رئيس الأركان السابق، ومجدي حتاتة أحد من سبقوا عنان في منصب رئيس الأركان، وأسامة عسكر قائد الجيش الميداني الثالث سابقًا، للإطاحة بالسيسي عبر الانتخابات.

وكشف “هيرست” كذلك عن أن السيسي اضطربت أعصابه أيضا بسبب سلسلةٍ مستمرة من المحادثات المسربة، التي أرجع تسريبها إلى مُعارضيه داخل المخابرات العامة المصرية، الجهاز المُنافس للمخابرات العسكرية والمؤسسة الوحيدة القوية بما يكفي للتنصت على الهواتف الجوالة الخاصة برجال الجنرال المقربين، لافتاً إلى أن معسكر السيسي افترض افتراضا صائبا، أنَّ الساخطين داخل المخابرات العامة الذين بذلوا أقصى جهودهم لإضعاف السيسي سيدعمون ترشّح عنان.

ووفقا لهذه التقارير، فإن المكايدة لعنان وعسكر على الأرجح هي الأساس الذي قامت عليه الاتهامات المنسوبة من أجل التخلص من الجنرالات الذي يمثلون خطورة على نظام السيسي، الذي يكتسب شرعيته من الولاء المطلق للأمريكان والصهاينة.