أعياد في إسرائيل ومٱتم في مصر.. هكذا الانقلاب

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي فضح فيه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو شريكه عبد الفتاح السيسي، الذي عدل تشريعات مصرية ظلت ثابتة لسنوات بالسماح لشركات خاصة لاستيراد الغاز والنفط والمتاجرة به، لتكون واجهة من خلالها يسعى الانقلاب العسكري وابواقه الفاجرة لخداع المجتمع وحقوق ابنائه في المعرفة ، وصف نتانياهو صفقة استيراد مصر لغاز اسرائيل لمدة 10 سنوات بقيمة اجالية بلغت 15 مليار دولار، بأن اسرائيل في عيد.

الصفقة التي كان ينوي السيسي وانقلابه تسويقها بانها نصر تاريخي للسيسي ، لاظهاره بانه يعمل بزنس مع اسرائيل لتمرير استثمارات لمصر بتصدير الغاز الاسرائيلي لاوربا عبر مصر وانابيبها في المتوسط، انقلبت على السيسي وإعلامه الذي حاول بعضه تطنيش الحديث عنها، فيما سعى آخرون لتبرير الجريمة، بل وخرج عمرو أديب لينتقد نتنياهو الذي احرج مصر، حيث وصف إعلان رئيس وزراء الكيان عن الصفقة بأنه “متاجرة انتخابية تحرج عبد الفتاح السيسي”!

يأتي ذلك فيما رفض المتحدث الرسمي لوزارة البترول بحكومة الانقلاب حمدي عبد العزيز، التعليق على ما نشر حول توقيع مصر اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل.، رغم أنها الأكبر في تاريخ المجال النفطي.

وذكر المسؤول في بيانٍ مساء الإثنين، أنه “ليس لدى وزارة البترول تعليق، على أي مفاوضات أو اتفاقيات تخص شركات القطاع الخاص بشأن استيراد أو بيع الغاز الطبيعي”.

وكانت شركة “ديليك” الإسرائيلية للحفر، قد أعلنت يوم الإثنين، أن “الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي الإسرائيليين تمار ولوثيان، وقعوا اتفاقات مدتها عشر سنوات لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي، إلى شركة دولفينوس المصرية”.

وتم اكتشاف حقل لوثيان، الذي يقع على بعد 130 كيلومترا في البحر المتوسط غربي حيفا، في ديسمبر 2010، ومن المنتظر أن يبدأ الإنتاج بنهاية 2019.

وبموجب الصفقة، فإن من المتوقع أن تبدأ الصادرات من حقل تمار، الذي بدأ الإنتاج في 2013، في وقت ما بين النصف الثاني من 2020 ونهاية 2021.

بدوره، علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على الصفقة قائلاً إن “الاتفاقيات ستعزز اقتصادنا وتقوي الروابط الإقليمية”، بينما وصفها وزير الطاقة، يوفال شتاينتز، بأنها “أكثر الصفقات التصديرية أهمية مع مصر، منذ أن وقع البلدان معاهدة سلام تاريخية في عام 1979”.

وكانت مصر تبيع الغاز إلى إسرائيل، لكن الاتفاق انهار في 2012 بعد هجمات مسلحة على خط الأنابيب في شبه جزيرة سيناء.

تطبيع جديد وحكم كارثي بالتعويض

وتعد اتفاقية الغاز أول صفقة تطبيعية من نوعها،؛ بل إن إسرائيل سحصد مكاسب ضخمة ستنعش خزينتها.. ومصر ستدفع مليارات الدولارات ما يفاقم أزمتها المالية رغم اكتشافها “ظهر” أكبر حقل غاز في المنطقة على سواحل مصر.-بجسب اعلام السيسي..

وواكب الإعلان عن توقيع الصفقة صدور حكم جديد من أحد مراكز التحكيم التجاري، بتغريم القاهرة 1.03 مليار دولار بسبب فسخها عقود تصدير الغاز المصري لإسرائيل.

وبمقتضى الحكم، فإنه يحق لإسرائيل الاستيلاء على أي أصول مصرية في الخارج، كما يمكنها فرض الحيازة على هذه الأموال في أي مكان من العالم.

وبجانب خسارة مصر، مبلغ 1.03 مليار دولار للتوقف عن بيع الغاز لإسرائيل، ينضاف 324 مليون دولار غرامة سابقة حكمت بها غرفة التجارة بباريس، أي بمجموع خسائر 1.3 مليار دولار.

وتواجه مصر ، حسب الدوريات المتخصصة، 22 قضية تحكيم دولية بقيمة تعويض إجمالية تتعدى 20 مليار دولار، من هذه القضايا 9 قضايا في المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي والمعروف اختصارا باسم ICSID.

لغز أكبر حقل مصري

في مقابل استفادة إسرائيل ماليا من صفقة الغاز التاريخية، يثور تساؤل مهم في أوساط المحللين بمصر وهو: لماذا تلجأ مصر لاستيراد الغاز بكل هذه الكميات وتدفع كل هذه المبالغ التي سترهق ميزانيتها على رغم اكتشافها أكبر حقل غاز في المنطقة كان من المفترض ان يحقق الاكتفاء الذاتي خلال نحو 3 سنوات؟ وفقا لما تم ترويجه على ألسنة مسؤولي الانقلاب؟

وكانت شركة “إيني” الإيطالية أعلنت اكتشاف حقل “ظُهر” في البحر المتوسط عام 2015 وتقدر احتياطياته بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز.

وقال وزير البترول بحكومة الانقلاب طارق الملا، في تصريحات صحفية، أخيراً، إن بدء التشغيل التجريبي لحقل الغاز العملاق “ظُهر”، يرفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 5.5 مليارات قدم مكعبة يومياً.

وتأتي تصريحات الملا بعد الإعلان عن بدء التشغيل التجريبي لحقل ظُهر في منتصف شهر ديسمبر الماضي.

وأضاف الملا: “بدأنا الإنتاج بطاقة 200 مليون قدم مكعبة يومياً، على أن ترتفع في وقت لاحق إلى 350 مليون قدم مكعبة يومياً”.

وتستهدف مصر رفع إنتاج ظهر بحلول يونيو المقبل لأكثر من مليار قدم مكعبة. كذلك تسعى إلى تسريع الإنتاج من حقولها المكتشفة حديثاً وتستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ قال وزير البترول في يوليو الماضي، إن مشروعات الغاز الطبيعي الجديدة في مصر ستزيد الإنتاج بنسبة 50% في 2018 و100% في 2020.

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤول بحكومة الانقلاب فإن الفائض الناتج عن إنتاج مصر للغاز الطبيعي ودخول مرحلة الاكتفاء الذاتي ستوفر نحو 40 مليار جنيه (2.2 مليار دولار) في الموازنة المقبلة، بخلاف وقف استنزاف احتياطي النقد الأجنبي لمواجهة الاحتياجات الاستيرادية. لكن يبدو أن كل هذه الآمال تبخرت مع توقيع الصفقة الجديدة لاستيراد الغاز الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار.

وهم أم ثمن السكوت؟

على ما يبدو فإن أحاديث السيسي ونظامه عن الاكتشافات البترولية كان وهما كبيرا، أو ان ما جرى من صفقة مع الصهاينة، هي ثمن يدفعه السيسي لاسرائيل مقابل رضاها ودعمها له في ولايته الثانية، التي سيسلم خلالها سيناء لاسرائيل تفعل فيها ما تشاء.

ومنذ ظهور قائد الانقلاب في محيط “الاتحادية” فإنه يمثل مفتاحا للفرحة الاسرائيلية، حيث اعلن بشكل صريح انه لن يسمح باي تهديد لاسرائيل من قبل الاراضي المصرية، كما صوتت مصر مرتين لصالح الكيان الصهيوني في الامم المتحدة والمحافل الدولية، كما قدمت مثر سيناء مفتوحة للطيران الصهيوني لتنفيذ اكثر من 100 غارة عسكرية على اهداف داخل الحدود المصرية.

كما أمن السيسي لاسرائيل بضغوط متواصلة على قطاع غزة التي ما تزال محاصرة من قبل مصر واسرائيل، كما يضغط السيسي على حركات المقاومة من اجل تمرير اهداف اسرائيل في الاراضي الفلسطينية، وكذلك مهد السيسي لدور اقليمي اكبر لاسرائيل في البحر الاحمر، بمقتضى اتفاقه مع السعودية لتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ومن ثم تتمكن اسرائيل من المشاركة في امن البحر الاخمر الذي تحولت مضايقه لمياه دولية.

وكذلك سعى السيسي إلى فتح السفارة الاسرائيلية بالقاهرة مجددا، وترميم المعابد اليهودية في القاهرة والاسكندرية والبحيرة، كما يستقبل الوفود الصهيونية بصورة علنية، بجانب لقاءات سرية مع نتانياهو في الأردن، لتمرير صفقات مشبوهة بتسليم اجزاء من سيناء للفلسطينيين في اطار صفقة القرن، وكذلك للضغط على الفلسطينيين لتسليم القدس عاصمة ابدية لاسرائيل، واقناع الفلسطينيين للقبول بابوزنيمة عاصمة لدولتهم.