أولى كوارث سد النهضة.. مصر تستورد الأرز لدعم بيزنس مافيا الاستيراد

- ‎فيتقارير

بقرار حكومة الانقلاب اليوم الثلاثاء استيراد كميات من الأرز لزيادة المعروض وضبط الأسواق بحسب بيان صادر من مجلس الوزراء فإن هذه الكارثة وتحول مصر من مصدر إلى مستورد للأرز تعد أولى كوارث سد النهضة وانخفاض حصة مصر المائية كما عدها مراقبون انتصارا لمافيا الاستيراد على حساب الفلاحين وعموم الشعب.
بيان الحكومة زعم أن الأصناف المستوردة ستكون بنفس الجودة المماثلة للأرز المصري، مدعيا أن هذه الإجراءات لزيادة المعروض من الأرز لضبط السوق منعًا لأي اختناقات خلال المرحلة المقبلة.
وقررت وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب في فبراير الماضي، تقليل مساحة الأرز المزروعة من مليون و100 ألف فدان إلى 724 ألفًا و200 فدان فقط، بحجة ترشيد استهلاك المياه.

ويقدر استهلاك مصر من الأرز بنحو 3.6 أو 3.9 مليون طن سنويا، بينما يصل إنتاجها الحالي إلى نحو “5” ملايين طن، وهو ما يعني أن لديها فائض يقترب من مليون طن، كان يتم تصديره، قبل حظر التصدير.
وكان عبدالحميد الدمرداش، وكيل لجنة الزراعة، بمجلس النواب، قد حذر من خفض مساحة الأرز المنزرعة، خلال الموسم الجاري، بدون إيجاد بديل، للنقص المتوقع في المحصول، والذي قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في سعره.
وتوقع تقرير سابق لوزارة الزراعة الأمريكية أن يتراجع إنتاج مصر من الأرز خلال الموسم الجديد، بعدما قررت الحكومة تقليل المساحة المزروعة منه، وهو ما سيدفع الأسعار للارتفاع.

وقال التقرير الذي صدر في مارس الماضي، إنه نتيجة لهذه القرارات ستتراوح أسعار الأرز التجزئة ما بين 10 و15 جنيها للكيلو خلال الـ 6 أشهر المقبلة. وتحظر الحكومة تصدير الأرز بكافة أنواعه من أجل توفيره في السوق المحلي، ولكن تهريبه وتخزينه واحتكاره من بعض التجار، أدى خلال العامين الماضيين، إلى مضاعفة سعره.
وكان رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة الحبوب باتحاد الصناعات، قد صرح أمس الاثنين 4 مايو 2018 أن مساحات الأرز المزروعة خلال الموسم الحالي تكفي الاستهلاك المحلي، بسبب الزراعات المخالفة من قبل الفلاحين والتي تخطت 50% من المساحة المقررة رسميًا.

وتوقع شحاتة أن تصل مساحة الأرز المزروعة هذا العام إلى نحو مليون و 200 ألف فدان، بزيادة 50% عن المساحة التي حددتها الحكومة، “وهو ما يعني أن المحصول سيكفي الاستهلاك، وأن الأسعار ستظل مستقرة”. لكن الحكومة خالفت هذه التوقعات بإعلان فتح باب الاستيراد ما يؤكد أن وراء القرار مافيا تتكسب من هذه التوجهات.
وتوقع مصطفى النجاري، رئيس لجنة الأرز في المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، ارتافع أسعار الأرز والاتجاه نحو الاستيراد بعد تقليص المساحات المزروعة بالأرز، وانخفاض الإنتاج، وتقليل الكميات المطروحة بالأسواق.
غير أن النجاري، يرى أن “الأزمة الحقيقية ليست في تقليص مساحة الأراضي المزروعة، وأن المشكلة هي أن الأرز تحت سيطرة الفلاحين والتجار وأرصدة الدولة منه صفر”. وأوضح أن الدولة لم تجعل لها رصيدا ومخزونا من الأرز، وهو ما سيشجع التجار على التحكم في السعر. مطالبا بأن يكون للدولة احتياطي من الأرز مثل القمح والسكر لحماية السوق من أي احتكار أو تحكم في الأسعار”.

دعم مافيا الاستيراد
ويتهم خبراء ومحللون حكومة العسكر بدعم مافيا الاستيراد بقرارات مثيرة للجدل؛ حيث قررت الحكومة في أكتوبر 2016 التعاقد عبر وزارة التموين والتجارة الداخلية مع الحكومة الهندية لشراء 100 ألف طن أرز إلا أنها تراجعت عن القرار بعد الهجوم الضاري الذي تعرضت له على خلفية إهدار العملة الصعبة على صفقات مضرة خصوصا وأن مصر تنتج ما يفيض عن حاجتها من الأرز سنويا إضافة إلى جودة الأرز المصري عن نظيره المستورد. لكن الحكومة راحت رغم هذه التحفظات والانتقادات واستوردت 20 ألف طن أرز من الهند؛ الأمر الذي أثار جدلا واسعا ويدلل على حجم نفوذ عصابات المافيا المستفيد الوحيد من هذه القرارات.

وقال محمد فرج، رئيس الاتحاد العام للفلاحين المصريين: إن مشاكل الأرز والقمح وغيرها ترجع إلى مافيا الفساد فى هيئة السلع التموينية، متسائلًا: هل هيئة السلع التموينية لديها آلية لجمع الأرز من الفلاحين؟ مجيبًا: لا، ليس لديها آلية لجمع الأرز من الفلاحين، لكنها تأخذ أرز الفلاح من التاجر الذى يشترى الأرز من الفلاح بسعر بخس ليورِّده بعد ذلك إلى هيئة السلع التموينية، مؤكدًا أن هناك مافيا بالهيئة تستفيد من الاستيراد والتصدير معًا.

ورأى محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أن أزمة الأرز فى مصر صدّرتها وزارة التموين منذ شهر أكتوبر 2016 حيث يعد موسم حصاد الأرز مبكر النضج منذ منتصف سبتمبر، ثم الأنواع العريضة والأرز مستدير الحبة والتى تمثل غالبية الإنتاج المصرى، وهى من الأنواع الفاخرة المتميزة التى وصلت أسعار تصديرها فى بعض الفترات إلى 5 دولارات للكيلو، مضيفًا أن مشكلة ارتفاع أسعار الأرز بدأت مع رفض الحكومة شراء المحصول من الفلاح بسعر 3 آلاف جنيه لطن الشعير رغم أننا نتحدث عن أسعار متميزة لن تزيد أسعارها على سعر النوعيات المتدنية كالفلبينى الذى نستورده بنحو 300 إلى 350 دولارًا للطن من الأرز الأبيض، أى أن تكلفة طن الأرز الأبيض الفاخر كان يمكن لهيئة السلع التموينية أن تشترى احتياجاتها من الأرز الأبيض الفاخر بسعر المستورد الأقل جودة أو أقل قليلًا، لكنها رفضت رغم خسائر الفلاح، وقامت بحملات استعراضية لمصادرة كميات من الأرز من مخازن البعض بزعم القضاء على المضاربة.