“ابن سلمان” في القاهرة لإتمام “صفقة القرن” و”ترامب” ينسق مع السيسي ونتنياهو

- ‎فيتقارير

تحركات مريبة تشهدها الساحة المصرية والعربية والدولية، لا يمكن أن نعزوها فقط -خاصة حملة الاعتقالات والتضييق على الصحافة والإعلام- إلى مسرحية الانتخابات المحسومة سلفا، ولكنها مؤشرات لحدث أكبر قد يكون قرب إطلاق “صفقة القرن” الأمريكية.

ففي الوقت الذي وصل ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان المرشح ليكون الملك القادم، ليزور الجنرال المغتصب لحكم مصر، ولقي حفاوة غير عادية، كان الرئيس الأمريكي ترامب يحادث السيسي على الهاتف، ورئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو يصل إلى واشنطن، فيما يبدو ترتيبات لوضع اللمسات الأخيرة لإطلاق «صفقة القرن».

وقبل 10 أيام وتحديدا في 23 فبراير الماضي أعلنت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة “نيكى هايلى” أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اقتربت من الانتهاء من صياغة خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والمعروفة إعلاميا بـ «صفقة القرن» وسوف تكشف عنها قريبا.

وأضافت هايلى -خلال جلسة في معهد السياسة بجامعة شيكاغو الأمريكية: «أعتقد أنهم يضعون اللمسات النهائية عليها، وأن مبعوثي السلام جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات ما زالا يقومان بجولات مكوكية»، لكنها لم تعط توقيتا محددا.

وتابعت: «سيقدمون خطة لن يحبها الطرفان ولن يكرهها الطرفان أيضا»، بحسب ما نقلته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.

اتصالات لتمام الصفقة

وتشمل جولة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، القاهرة ثم لندن ثم الولايات المتحدة، وجاءت مواكبتها لزيارة نتيناهو لأمريكا واجراء الرئيس الامريكي ترامب اتصالا مع السيسي بالتزامن مع وصول بن سلمان، وتمديد عمليات الجيش في سيناء، لتطرح تساؤلات حول تنسيق كل من القاهرة وواشنطن والرياض وتل ابيب بشأن هذه الصفقة.

أما الملفات الأخرى المتوقع ان تشملها الزيارة فلن تخرج عن ترتيبات ما بعد تسليم تيران وصنافير رسميا سواء عسكريا أو اقتصاديا أو سياسيا، فضلا عن مناقشة القضايا العربية الساخنة خاصة سوريا واليمن.

وكان السيسي قد أوعز للمحكمة الدستورية التي يعين قضاتها ويدينون له بالولاء منذ دعمهم انقلابه على الرئيس مرسي الذي سعى لتحجيم نفوذهم، كي تصدر حكمها النهائي المشبوه بشأن لإلغاء “مصرية” الجزر تيران وصنافير وتسليمها للسعودية رسميا.

وجاء ذلك لتلافي فشل الزيارة على غرار ما حدث خلال زيارة الملك سلمان وولي عهده بن سلمان إبريل 2016، حين تم الاتفاق على تسليم الجزر ثم تأخر التسليم بسبب صدور أحكام قضائية ضد تسليمهما، وقيام السيسي بترتيبات لإصدار حكم آخر يلغي هذه الأحكام، وهو ما أوقع أزمة ومعركة إعلامية بين البلدين، ونتج عنه تجميد الرياض كل اتفاقيات الرز التي وعدت بها مصر مقابل التنازل عن الجزر، كما جمدت اتفاق بتزويدها 700 ألف طن من النفط شهريًّا لمدة خمس سنوات بِشروط ماليّة مخففة جدًّا.

لهذا يتوقع أن يدور الحديث عن مرحلة ما بعد غلق ملف الجزيرتين وتسليمهما بصورة رسمية للجانب السعودي وخطة ابن سلمان لمشروع “نيوم” الخاص بإنشاء مشاريع سياحية في الجزر والتنسيق مع مصر ومشاريعها في شرم الشيخ وغيرها.

ويدرك السيسي جيّدًا أن الأمير بن سلمان هو الحاكِم الفعلي للسعودية، وقد يُصبح ملكًا مُتوجًا في غضون أشهٍر قليلة، ولهذا حرص على استغلال الزِيارة لتوثيق العلاقات معه، وبذل كل جهود ممكنة لإرضائه أملاً في الحُصول على المَزيد من الرز (القُروض والاستثمارات) التي تُساعد في إخراج مصر من أزمتها الاقتصادية الحالية.

ملف صفقة القرن

أما الملف الأكثر أهمية فهو ملف صفقة القرن المطلوب بموجبه تنازلات سعودية ومصرية للدولة الصهيونية مقابل تنازلات صهيونية شكلية تسمح بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تضم اجزاء من الضفة وغزة وسيناء، وهي ملفات راكدة تستهدف التحركات الحالية تحريك المياه الراكدة فيها لإنجاز صفقة القرن.

وضمن هذه التحركات الدور الذي تقوم به المخابرات المصرية مع حماس، وتقييد أي محاولة من حماس أو الجهاد الإسلامي للرد على الانتهاكات الصهيونية، واندلاع حرب جديدة فضلا عن تقديم تنازلات لسلطة عباس في غزة كي تعود غزة للسلطة، ويمكن فتح معبر رفح تحت إدارتها ورقابة إسرائيل كما كان معمولا به وفق اتفاق 2005.

وكانت تلك الصفقة طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته للرياض مايو العام الماضي للسعودية، وجاءت برعاية مصرية سعودية تضمنت التطبيع الكامل بين العرب والصهاينة بموجبها.

ويتزامن فتح ملف صفقة القرن مع العملية الشاملة “سيناء 2018” التي تشنها القوات المسلحة المصرية ضد الجماعات المسلحة في سيناء، والتي لاقت ترحيبًا واسعًا من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية على رأسها الولايات المتحدة.
وضمن الدور السعودي في هذه الصفقة المتعلقة بسيناء، تعهدت السعودية قبل ذلك بمنح السيسي مساعدات مالية لتطوير سيناء منها 300 مليون دولار كدفعة ثانية من الاتفاق المبرم بين الحكومتين في إبريل 2016 لرفع كفاءة القرى والتجمعات الحضرية بسيناء، ومشروع تطوير منطقة جبل الجلالة.

التحالف ضد إيران وسوريا واليمن

وتتضمن الملفات التي يسعي ولي العهد السعودي لمناقشتها مع السيسي بعد تسوية مسائل الرز، ضم مصر إلى تحالف دول الاعتدال في مُواجهة إيران وحِلفها الذي يضم كل من العراق وسوريا وحزب الله في لبنان، إلى جانب مليشيا الحوثي في اليمن.

وتتزايد الرغبة المصرية والسعودية في التحالف في منطقة البحر الأحمر مع الإمارات، للرد على نشوء محور تركي قطري سوداني هناك، بعد زيارة الرئيس التركي للسودان، والحديث عن مخاوف من تحويل جزيرة سواكن (السودانية) التي تولت تركيا إدارتها إلى قاعدة عسكرية.

ومعروف أن هناك خلافات بين السيسي والسعودية، بشأن سوريا واليمن، والزعامة على قيادة الشرق الأوسط، حيث تدعم مصر نظام الأسد نكاية في التيار الإسلامي الذي يقود المقاومة ضد الأسد، وتدعمها تل أبيب بينما تدعم السعودية المقاومة وإن توقفت عن دعمها الآن ماليا بعد ضغوط أمريكية.

كما أدى الرفض المصري للتورط المباشر في حرب اليمن كي لا تتكرر مأساة اليمن 1962، إلى غضب السعودية، ولكن السيسي حاول تعويض ذلك بإرسال قوات بحرية ورمزية إلى عدن لحماية مضيق باب المندب.

أما مسألة التنافس بين القاهرة والرياض على زعامة الشرق الأوسط فهي قديمة ومرجئة لحين نجاح تحالفهما في حل مشاكل المنطقة وتهيئة الأوضاع لحل مشكلة فلسطين على حساب أهلها عبر صفقة القرن.