احذروا.. هل يظهر “سيسي” الطبعة الجزائرية قريبًا؟!

- ‎فيعربي ودولي

“إذا كانت فرنسا راضية عنا فنحن على خطأ”.. عبارة سطرها الرئيس الراحل هواري بومدين وتذكرها الثوار الجزائريون، عقبت عليها صحيفة “لوبارزيان” الفرنسية بعدة سيناريوهات محتملة لما بعد عدول بوتفليقة عن الترشح لفترة رئاسية خامسة، وأشارت إلى أنّ عدول بوتفليقة عن الترشح لـ”عهدة لخامسة” لا يعني نهاية نظام الأخير؛ لأن بوتفليقة بتأجيله لموعد الانتخابات، يتيح أيضًا لنفسه الوقت لإعداد المرحلة القادمة.

من جهته يقول الإعلامي والشاعر عبد الله الشريف: “إخواني في الجزائر بارك الله لكم ما أنجزتموه، فرحتكم فرحتنا والله، وأذكركم بمقولة الرائع حازم صلاح أبو إسماعيل “هؤلاء ذئاب وثعالب” فلا تحسبوا أن الأمر قد قُضي بعد، واستثمروا وحدتكم في إسقاط النظام الحقيقي فأنتم تعلمون أكثر منا أن بوتفليقة لم يكن هو النظام”

وبحسب مراقبين فإن بوتفليقة سيمدد في الواقع فترة “عهدته الرابعة” مع رغبته في “إدارة الفترة الانتقالية” بنفسه، وقد يعين الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي لإدارة تنظيم “مؤتمر وطني شامل ومستقل”، وأوضحوا أن بوتفليقة يعتزم التحضير لـ”الجمهورية الثانية”، التي يطالب بها جزء من المعارضة، بطريقته الخاصة، فبتأجيل الانتخابات الرئاسية دون تحديد موعد، سيبقى هو أو “حاشيته” في المناورة حتى النهاية لعام أو عامين.

حيث سيتولى نور الدين بدوي، وزير الداخلية المقرب من المعسكر الرئاسي إدارة شئون الحكومة الحالية وإعداد الانتخابات المقبلة “في ظل ظروف لا جدال فيها من الحرية والشفافية”، ووجه الكاتب الصحفي الفلسطيني ماجد عبد الهادي رسالة للمتظاهرين الجزائريين، داعيا إياهم للاتعاظ من التجربة المصرية، محذرا من ظهور “سيسي” جديد عندهم.

السيسي.. نسخة الجزائر

وقال “عبد الهادي” في مقال له نشره موقع “العربي الجديد” بعنوان: ”قبل ظهور سيسي الجزائر”، إن احتفال ألوف الجزائريين بإعلان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة تراجعه عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة، يعيد إلى الذاكرة لحظةً تاريخية مشابهة، وهي لحظة تنحّي الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، عن منصبه في فبراير 2011.

وأضاف الكاتب أن ما حدث في مصر عام 2011 دفع كثيرين إلى الاحتفال بالانتصار الناجز على “حُكْم الديكتاتورية الفاسدة”، بأنه قد صار واقعًا ملموسًا، مشيرًا إلى أن “الملدوغين” من خديعة العسكر في مصر وجدوا أنفسهم يضربون أخماسًا بأسداس، ليحاولوا التكهّن بما قد يحدث بعد التنازل الذي قدّمته السلطة في الجزائر أمام الحراك الشعبي.

وأكد أن أحدا لم يشكّك علنًا بهزيمة نظام مبارك، عندما خرج نائبه اللواء عمر سليمان ليعلن تنحّيه عن الحكم، بعد مرور ثمانية عشر يومًا على اندلاع ثورة “25 يناير”، ونشرت قناة “الجزيرة مباشر”، تسريبا لجنرال إسرائيل السفيه السيسي، يعود حينما كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس محمد مرسي عام 2012، يحذر فيه الجيش من تكرار سيناريو الجزائر في حال تورط في السياسة.

ووفقا للتسجيل المسرب الذي رصدته “الحرية والعدالة” تحدث السفيه السيسي مخاطبا ضباط الجيش قائلا: ”فيه أمثلة كثيرة جدا مش هقولك ليبيا واليمن وسوريا.. أنا هكلمكم عن الجزائر”، وأضاف:” في عام 90 و91 لغاية دلوقتي.. لما حصلت الانتخابات وحصلت جبهة الإنقاذ الإسلامية على نسبة كاسحة تدخل الجيش الجزائري بشكل أو بآخر”، موضحا ان “الجزائر دولة غنية جدا وعدد سكانها مش زينا خالص”.

وتابع: ”نتج عنه (تدخل الجيش في السياسة) مش أقل من 100 ألف قتيل من 91 لغاية النهاردة“، وأردف مخاطبا الضباط: ”أنا بقول كدة لإنك إنت مش واخد بالك.. عايزك تاخد بالك إنت كجيش رقم قوي جدا ورقم فعال جدا وخطير جدا.. ولو لم يتم الإنتباه في التعامل معاه ممكن مصر تقع مننا”.

وزاد قائلا: ”إحنا 90 مليون وظروفنا الاقتصادية صعبة جدا وبالتالي لازم نخلي بالنا إن البلد تفضل واقفة على رجلها أو ما نكونش سبب أبدا ضد وقوفها “، واوضح ان حديثه عن الجزائر “كأنه فيلم متسجل بيقولي شوف واتعلم وشوف النتايج قدامك أهي”.

 

خداع الشعب

وعلق السياسي البارز والدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، على قرار بوتفليقة العدول عن الترشح لولاية خامسة تحت ضغط شعبي، مشيرا إلى السبب الحقيقي وراء اتجاه نظامه لمد ولايته الرابعة سنة أخرى أو أكثر بخداع الشعب عبر زعم التمهيد للفترة القادمة بدون بوتفليقة.

وتساءل “زيتوت” في تغريدة له على حسابه بتويتر رصدتها (الحرية والعدالة):”لماذا يريدون تمديد سنة لبوتفليقة وهو شبه محنط منذ سنين؟”، ليجيب موضحا:” الواقع أن الانتفاضة الكبرى فاجأتهم حد الصدمة هم وداعميهم فيريدون كسب الوقت لإفراغ الانتفاضة من هدفها الأكبر وهو إسقاط عصابات الحكم”، ولفت السياسي الجزائري إلى أن النظام يهدف عبر تسويفه أيضا لنهب الـ80 مليار دولار المتبقية في خزينة الدولة و”ترتيب عملية فرار العصابات”.. حسب وصفه.

وحذرت السياسية ، زينب عزوز، الأستاذة في جامعة “قسنطينة” الجزائرية، مواطنيها الثوار مما وصفته بـ”خدعة” النظام في تعليقها على قرارات الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة وعدوله عن الترشح لولاية خامسة.

وقالت “عزوز” إن قرار الرئيس بوتفليقة تأجيل الانتخابات هو انقلاب على الدستور، الذي لا يخول له هذا الحق، والحراك في الشارع مستمر والشباب لن يتراجع”.

وتابعت السياسية الجزائرية في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية:”الرئيس بوتفليقة بارك المبادرة اللادستورية واللا ديمقراطية، وهذا مؤشر خطير بالنسبة للشعب الجزائري، ولكنه مؤشر استقرار من وجهه نظر الدول، التي تقرر من يكون الرئيس في البلاد ولو بالقوة، وهو الرئيس المبارك الذي يستطيع تمديد مدة بقائه بالسلطة وأن يفعل ما يشاء”.

واستطردت عزوز، “أصبح من الواضح أن السيناريو الذي خطط له أن يظل الوضع، كما يريد الخارج من أجل مصالحهم ولتمرير قرارات اقتصادية وسياسية تفرض على الجزائر التطبيع مع إسرائيل والاستحواذ على ثروات الجزائر النفطية”.

ومضت قائلة “كما يسعون لأن تظل الجزائر دولة رخوة خلال تلك الفترة، أو تتحول إلى فنزويلا وما يفعل بها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية”.

وأوضحت أن “مطالب الشارع الجزائرى لا تتمثل في تنحية رأس النظام، ولكن الشعب يريد تغيير جذري، ولن نصل للتغيير في ظل تواجد من كانوا السبب الرئيسي في الوضع الراهن، والشعب في الجزائر رغم القهر الذي يعيشه أصر على السلمية ولم ينزلق إلى العنف”.

عشرية سوداء في الطريق

وعبرت عزوز عن تخوفها من رجوع النظام إلى القمع، مضيفة “النظام في مثل هذه الوضعية سيقمع، وقد رأينا الحراك في الشارع لم يكن له ممثل، وننتظر هل سيخرج من هذا الحراك ممثلين شرعيين أم أنه سيقتل قبل أن يخلق”.

وأردفت :”يوم الجمعة المقبل سوف تتضح كل المشاهد السياسية، الشعب لا يريد تغيير الواجهة واستمرار جسد النظام خلال المرحلة الانتقالية وهؤلاء ليست لهم شرعية، الخطر الآخر هو أن ليس لدينا معارضة شرعية أيضا.”

واختتمت عزوز حديثها بأن لفتت إلى أن الشعب الجزائري يواجه حربين: أولهما، حرب ضد السلطة القائمة، ثانيهما، حرب مع المعارضة التي لا تلقى ثقة منه، أما الشباب يواجه سيناريواهن: إما القمع أو التلاعب، فهل يستطيع شباب لا تتجاوز أعمارهم 20 عاما مواجهة النظام منفردين.

كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، قد أعلن أول أمس الاثنين، عدم ترشحه لولاية رئاسية جديدة، وأمر بتأجيل تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 أبريل 2019، ووجه بوتفليقة بتعيين نور الدين بدوي، في منصب رئيس الحكومة خلفا لأحمد أويحيى، الذي استقال من منصبه، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية “واج”.