الأحرار في المعتقلات وزوجاتهم “بـ100 راجل”!

- ‎فيتقارير

تحاول سلطات الانقلاب بجنرالاتها وجنودها ومخبريها وسياسييها، عبر الإجراءات القمعية، كسر أهالي المعتقلين ماديا ومعنويا ليتخلوا عن خيار استكمال الثورة، ولكن المفارقة والضربة التي يتلقاها الانقلاب أن زوجات المعتقلين يجدن في هذه المعاناة ضريبة من أجل الكرامة والحرية والعدالة.

من جهتها تقول مريم خيرت الشاطر، ابنة نائب المرشد العام لجماعة الإخوان: “زوجة المعتقل في غياب زوجها عليها أن تقوم بدور الأم والأب معا، وتعمل بكل تفانٍ لكي ينشأ ابنها سليمًا نفسيا ولا يتأثر بغياب أبيه.. عليها التماسك، أما زوجها فهو يستمد القوة من صبرها وصمودها”.

وتقدم نصائح مهمة لزوجات المعتقلين لدى سلطات الانقلاب، بالقول: “عليها أيضا ألّا تبكي أمام أمها؛ لأن قلب أمها لن يتحمل تألم ابنتها، عليها أن تقف مثل الرجال لكي لا يتغرّ أحد بضعفها فتكون فريسة، عليها أن تعمل في صمت فلن يستطيع أحد فهمها أو الإحساس بها. زوجة المعتقل في الحقيقة تكون جسدًا بلا روح، فلتتذكروها في دعائكم، فالله وحده هو الأعلم بحالها.. اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا”.

فصول المعاناة

وفصول معاناة أهالي المعتقلين عديدة، روت بعضا منها المتحدثة باسم رابطة أسر المعتقلين بسجن العقرب، آية علاء حسني، فقالت: “إن المعاناة تبدأ بتدبير المال لشراء مستلزمات زيارة المعتقل من طعام وملابس وأدوية في حال مرضه، بالإضافة إلى مبلغ مالي يُترك في خزينة الأمانات بالسجن، فضلا عن نفقات الانتقال إلى مكان الاحتجاز الذي غالبا ما يكون بعيدا عن محل السكن”.

وقد اضطرت أُسر كثيرة لبيع ممتلكات خاصة؛ توفيرًا لسبل الإنفاق بعد غياب العائل في السجن، وفق قول آية، مشيرة إلى لجوء البعض إلى الاقتراض. وفضلا عن ذلك، يواجه ذوو المعتقلين كل أنواع التعنت خلال الزيارات، بدءا من قصر الزيارة على عدد قليل من الزوار من ضمن طوابير طويلة عادة بالمئات.

وأضافت المتحدثة باسم رابطة أهالي المعتقلين بالعقرب، أن “الأمن عادة ما يرفض دخول الطعام والملابس وبعض الأدوية التي تحضرها الأسر”، لافتة إلى قصر مدة الزيارة التي تكون في بعض السجون من خلف حائط زجاجي، ويتم التحدث عبر هواتف مراقبة.

الأب والأم معا

بصعوبة كبيرة تمكنت “س.ع” 26 عاما، من إقناع أهلها بعدم رغبتها بالزواج لأنها لا تريد التخلي عن طفليها، ولأملها الكبير بأن زوجها المعتقل منذ سنوات سيعود يوما بعد سقوط الانقلاب.

“س.ع” واحدة من آلاف الزوجات اللاتي اعتقل أزواجهن من قبل سلطات الانقلاب، ورحن يُصارعن الحياة القاسية لإعالة أنفسهن وأطفالهن بعد فقدانهن العائل.

زوج “س.ع” أحد رافضي الانقلاب على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، وكان مصيره الاعتقال مع عدد كبير من رافضي الانقلاب من جميع الاتجاهات السياسية والمواطنين العاديين، تقول: “في البداية حاولت أن أعرف له طريقا بكل الوسائل بعد اختطافه قسرياً، لجأت للمحامين وللمحتالين، قصدت أفرع الأمن المختلفة ولكن دون جدوى”.

أكثر ما يؤلم “س.ع” بأن لديها طفلين ولا تريد التخلي عنهما رغم الضغوط التي تتعرض لها من أهلها الذين يحاولون باستمرار أن يفقدوها الأمل بخروج زوجها من المعتقل قائلين لها، إنه على الأغلب سيبقى حتى نهاية الانقلاب، وكانوا يقنعونها بالزواج، لا سيما وأنها جميلة وصغيرة وبحاجة لرجل تعتمد عليه وينفق عليها، شارحين لها إحراج موقفهم بسبب العادات والتقاليد إذا هي حاولت الخروج والبحث عن عمل.

ولكن “س.ع” تحدّت مجتمعها وخرجت باحثة عمن يساعدها بالحصول على وظيفة ما تستطيع من خلالها الاعتماد على نفسها، فاستعانت بجارتها التي تعمل في أحد المراكز النسائية، والتي تدرب النساء على إتقان المهن المختلفة تساعدهن على تحمل الأعباء الكبيرة، التي وقعت على عاتقهن في هذه الظروف القاسية.

تعلمت “س.ع” مهنة التمريض، وهي اليوم تعمل في إحدى المستشفيات وتتقاضى راتبا جيدا، ورغم غياب الزوج الحرّ وراء قضبان العسكر، فإنها لا تنوي ترك عملها أبدا وكلها أمل أن تستطيع تقديم كل ما يحتاجه طفلاها وأن تكون لهما الأب والأم معا.