الأسباب الخفية وراء دعوة برلمان العسكر لتحرير سعر تذكرة المترو

- ‎فيتقارير

دعا رئيس برلمان العسكر علي عبدالعال إلى تحرير سعر تذكرة مترو الأنفاق، مدعيًا أن ذلك هو الحل الوحيد لحل مشاكل وأزمات المرفق.. جاء ذلك خلال موافقة البرلمان على قرض من الصندوق الكوري للتنمية، قيمته “243” مليون يورو لصالح الهيئة القومية للأنفاق؛ بهدف استخدامه في توريد 32 قطارًا للمترو، وعندما أبدى نواب معارضتهم للاتفاق باعتباره استسهالاً للقروض والاستدانة من جهة، ودفعًا لرفع سعر التذكرة من جهة أخرى لسداد القرض؛ رفض عبدالعال منحهم الكلام، مدعيًا أنه “لا حل في مواجهة مشكلات مترو الأنفاق إلا بتحرير سعر تذكرته من أي دعم تقدمه الدولة، لضمان تقديم خدمة جيدة للمواطنين المستخدمين لهذا المرفق الحيوي”، متابعًا أن “السعر الاجتماعي لتذكرة المترو يؤدي إلى تشغيله دون كفاءة، ومن غير المقبول أن يكون هناك مترو جيد ومتطور مع سعر اجتماعي (مدعم) للتذكرة”.

سعر اقتصادي

واستدرك عبد العال بعد اعتراض بعض النواب على حديثه، قائلاً: “لا بد من وضع سعر اقتصادي مرن لتذكرة المترو، بحيث لا يكون مؤلمًا للمواطنين، وتراعى فيه تكلفة التشغيل”، مستطردًا أن “المواطنين يرتادون وسائل النقل التابعة للقطاع الخاص بتكلفة عالية دون شكوى (ارتفاع قيمة المواصلات يعود للزيادات المتوالية لأسعار الوقود)، في حين يعترضون على زيادة سعر المترو”.

وزاد رئيس البرلمان مخاطبًا النواب: “يجب إعادة النظر في سعر تذكرة المترو الحالي من أجل الحصول على نقل جيد، ولا بديل عن تحرير سعر تذكرة المترو، إذا ما أراد المواطنون الحصول على خدمة جيدة”، على حد زعمه.

تأتي تصريحات عبدالعال اتساقًا مع توجهات وأوامر جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي الذي سبق أن اعترف، في تصريحات له على هامش “منتدى شباب العالم”، الذي عقد أخيرًا في مدينة شرم الشيخ، بأنه رفض افتتاح المرحلة الجديدة من مترو الأنفاق، التي ستسهم في تخفيف حدة التكدس المروري في العاصمة المزدحمة، منذ 8 أشهر كاملة، بدعوى أن تكلفة التذكرة غير اقتصادية، وتعادل ضعف قيمة السعر الحالي.

رفع التذكرة قريبًا

وتأتي هذه التصريحات في ظل تسريبات من مصادر مطلعة بحكومة الانقلاب تؤكد أن هناك اتجاهًا لرفع سعر تذكرة مترو الأنفاق بنهاية العام الجاري، بالتزامن مع تشغيل المرحلة الجديدة من مترو أنفاق مصر الجديدة، ليرتفع سعر التذكرة من 3 جنيهات (الدولار = 17.85 جنيهًا) إلى 5 جنيهات لعدد 9 محطات، ومن 5 جنيهات إلى 7 جنيهات لعدد 16 محطة، ومن 7 جنيهات إلى 10 جنيهات لأكثر من 16 محطة.

وفي 11 مايو 2017، اتخذت حكومة السيسي قرارًا برفع أسعار تذاكر المترو بنسبة 350%، بعد نحو 10 أشهر فقط من مضاعفة سعر التذكرة الموحدة من جنيه واحد إلى جنيهين، علمًا أن المترو يعدّ وسيلة الانتقال الرئيسة لقرابة 10 ملايين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، وهي الأعلى من حيث الكثافة السكانية في مصر.

خصخصة المترو

كان برلمان العسكر قد وافق في أبريل 2018 على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن إدخال اختصاصات نوعية جديدة للهيئة القومية للأنفاق، تشمل إشراك المستثمرين المحليين والأجانب في إدارة المرفق؛ ما يعد الخطوة الأولى نحو خصخصة القطاع بالكامل، وينُذر بتضاعف أسعار الخدمات الحالية المقدمة للمواطنين.

ويجيز القانون للهيئة تملّك أصول خطوط مترو الأنفاق ووسائط النقل السككي بالجر الكهربائي، وتأسيس شركات مساهمة بمفردها، أو بالاشتراك مع شركاء آخرين لإدارة وتشغيل وصيانة المشروعات، كذلك سمح لها بتملك أصول الخطين الأول والثاني لمترو الأنفاق، ومنح التزامات المرافق العامة للمستثمرين المصريين وغيرهم، لإنشاء وإدارة محطات المترو.

وكان المهندس حسن توفيق المتحدث الرسمي باسم الهيئة القومية للأنفاق قد أعلن عن مواصلة التفاوض مع شركة RATP الفرنسية لتتولى إدارة الخط الثالث للمترو وتشغيله بالكامل؛ بداعي تقديم خدمات مميزة لجمهور الركاب، وأنّ شركة المترو الحالية لن تستطيع إدارة كل خطوطه، وستكتفي بالاستمرار في إدارة الخطين الأول والثاني وتشغيلهما. كما أنّ الشركة الفرنسية لن تتدخل في تحديد سعر التذكرة؛ وستكون الدولة المسؤول عن ذلك.

هذا الإعلان اعتبر من جانب خبراء أن نقل الإدارة خصخصة صريحة وبيعًا لممتلكات الدولة، و”ما يحدث في هيئة مترو الأنفاق، وما سيحدث مع هيئة السكك الحديد قريبًا، من نقل إدارتهما من الدولة إلى شركات خاصة؛ تمهيدٌ للخصخصة وهدفه رفع أسعار التذاكر أضعاف سعرها الحالي”.

إذا دعوة عبدالعال إلى تحرير سعر تذكرة المترو تهدف في المقام الأول إلى إغراء مستثمرين أجانب بشراء حق إدارة المرفق بتحقيق أرباح خيالية وهائلة على حساب المصريين الذين لا يجدون من يحنو عليهم أو يرفق بهم بعد الرئيس المنتخب محمد مرسي.