الاحتلال فقد الردع أمام غزة.. سر الدعوة لعودة اغتيالات قادة حماس

- ‎فيعربي ودولي

مع نجاح حماس في فرض معادلة “التوازن الرادع” مع الاحتلال عبر سياسية “قصف مقابل قصف” بعد 3 جولات متتالية من المواجهات، زادت وتيرة المطالبات الإسرائيلية بالعودة لسياسة الاغتيالات في غزة، وقتل قادة حماس كما فعلوا مع الشيخ ياسين والرنتيسي وغيرهم.

ورغم سخرية حماس من هذه التهديدات الصهيونية بالعودة لسياسية اغتيال قادتها، وإشارة حسام بدران القيادي في الحركة إلى أن “حديث الاحتلال وتهديده باغتيال قيادات حماس يثير السخرية ويدل على حالة الارباك والتخبط التي يعيشها المحتل”.

وتأكيده أن “هذه التهديدات لا تخيف طفلا فلسطينا فما بالك بقيادات المقاومة”، وأنه “مضى الزمن الذي يوغل العدو فيه في دماء الفلسطينيين دون ان يصله الرد على جرائمه”، فقد استمرت التهديدات الإسرائيلية.

هل تجدي الاغتيالات؟

وقالت صحيفة “هآرتس” إن الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات العامة “الشاباك” أعدّا خططا لتنفيذ عمليات اغتيال تستهدف قادة كبار في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في قطاع غزة.

وأن إسرائيل تستعد منذ الأشهر الأخيرة لاغتيال مسؤولين في حماس وفق أقوال المسؤولين الإسرائيليين الذين تحدثوا مع مراسل الصحيفة بدعوى أن “اغتيال القياديين أفضل من اتخاذ عملية عسكرية شاملة”.

ولأن قيام الاحتلال بذلك لن يوقف الحرب الشاملة وعلى العكس سوف يطلقها على غرار ما حدث حين اغتال الاحتلال عبد العزيز الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين وغيرهما، أشارت الصحيفة الاسرائيلية لأن “التقديرات الإسرائيليّة تشير إلى خشية من أن تؤدي سياسة الاغتيالات إلى ردّ فعل عنيف من حركة “حماس يقود إلى حرب”.

وأجرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” استطلاعا 12 أغسطس الجاري 2018، حول: “هل يجب العودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة حماس؟”، ايده 86% من الصهاينة مؤكدين “نعم يجب استعادة الردع”، وعارضه 14% قالوا “لا ستزداد الأمور سوء”.

وكتب “ياريف أوبنهايمر” في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يقول “إن العودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة حماس هو عمل خطير وغير مسؤول سيجرنا إلى حمام دم أكبر، وسوف يدفن أي فرصة للتسوية وسيقود المنطقة إلى حرب أخرى ستدمر كل الجهود”.

وذكر أنه “لو كان أسلوب الاغتيالات هو العمل الصحيح لكانت حماس قد اختفت منذ زمن بعيد عن العالم وسجلت في كتب التاريخ، لكن في الواقع لم تقم الاغتيالات بإخفاء أو ردع المنظمات بل تسببت بعكس ذلك وولدت ورثاء جدد لقادة المنظمات كانوا أكثر تطرفا وحبا للانتقام.

ويتابع: “عندما اغتالت “إسرائيل” الرنتيسي والشيخ ياسين جاء محله مشعل وهنية وكانوا أكثر تطرفا، ولقد أدى أيضا اغتيال الجعبري في غزة لشن حملة عسكرية أطلقت خلالها مئات الصواريخ على إسرائيل”.

لماذا التهديدات العلنية؟

الملفت في التهديدات الصهيوني ما يلي:

1- أنها تهديدات علنية في حين أن من يرغب في تنفيذ اغتيالات يخفي نواياه حتى يفاجئ خصمه، لذلك قد يهدف تسريب هذه المعلومات في الوقت الحاليّ إلى الإشارة إلى قيادة حماس أن إسرائيل قد فقدت صبرها وأنها باتت في المرمى، أي انها رسالة تهديد صهيونية قبل ان تكون سياسية عسكرية اسرائيلية ستنفذ.

2- التهديد يعكس “فقدان الاستراتيجية الواضحة” لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدم القدرة على اتخاذ قرار، وأن إسرائيل فقدت الردع مقابل غزة، ونتنياهو وحكومته يعيشون مأزقا حقيقيا، بسبب عدم الحسم وتأخير التوصل لحل مع قطاع غزة، وتأخير الحسم مع غزة يعني أننا أمام جولة تصعيد جديدة لربما تقود الأوضاع لمواجهة مفتوحة إذا ارتكبت إسرائيل حماقة باغتيال قيادات في المقاومة، لكن النتائج ستكون على حالها وستعود إسرائيل لنفس المربع وربما بانكفاء أكبر.

3- منذ تأسيس حركة “حماس” في ثمانينيّات القرن الماضي، استهدف الاحتلال الإسرائيلي عددًا من قادة الحركة؛ أبرزهم المهندس يحيى عيّاش (1996) في غزّة، عدنان الغول (2004)، رئيس الجناح العسكري لحركة “حماس”، صلاح شحادة (2002)، مؤسس حركة “حماس”، الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي (2004)، المهندس إسماعيل أبو شنب (2003) أحد أبرز مؤسسي وقياديي حماس، وأحمد الجعبري الذي قاد اغتياله في العام 2012 إلى اندلاع حرب بين الحركة وإسرائيل؛ قصفت المقاومة خلالها تل أبيب، ولم تؤد هذه الاغتيالات لشيء وعلي العكس أججت الصراع ودفعت حماس لتطوير أكبر لقدراتها العسكرية، مع تجدد القيادات.

4-هناك إصرار من الحكومة الصهيونية على نفي التوصل لوقف إطلاق النار في أعقاب التصعيد الأخير وتأكيد نتنياهو، خلال اجتماع حكومته الاخير أن كلا من إسرائيل وحماس حاليا في مرحلة “تبادل الضربات”، وهذا يعني أنه في حال لم تسفر الجهود الهادفة إلى التوافق على مسار تهدئة، يلبي الخطوط الحمراء الصهيونية، فإن تل أبيب، بإمكانها مفاجأة حماس من منطلق أن جولة التصعيد الأخيرة لازالت قائمة سواء باغتيالات أو حرب.

وهذا الموقف يعني منح الصهاينة القدرة على تكرار سيناريو حرب 2012، التي بادرت إليها إسرائيل باغتيال الشهيد أحمد الجعبري بشكل مفاجيء.

لقاءات سرية مع الاحتلال

وجاء الاعلان عن لقاء السيسي السري مع نتنياهو وتبادل الاتصالات بينهما بشكل شبه يومي، وعرقلة عباس كامل المصالحة والتهدئة مع الاحتلال بفرضه ورقة مصرية جديدة على قيادة حماس تشترط ضمنا تسليم سلاح المقاومة، وتحفظ حماس عليها، ليؤشر لوجود ضغوط على الحركة بالاستسلام وتسليم قطاع غزة وفرض قيود على قواتها وسلاحها، وإلا فالاغتيالات قادمة والحرب الصهيونية الشاملة.

الملفت أيضا أن الاحتلال لم ينقل رسائل فقط لحماس أنه جاهز للتهدئة 5 سنوات على الأقل، ولكن أعلن إعادة فتح معبر إيريز لنقل البضائع إلي غزة، وتحدثت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية، أمس الثلاثاء 14 اغسطس 2018 عن إن اتفاقًا للهدنة بين إسرائيل وحماس بات جاهزًا، بعد يومين من الهدوء الحذر على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع إسرائيل.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول إسرائيلي مشارك في المفاوضات، قوله إن “الاتفاق مع حماس بات شبه جاهز تقريبًا”، وجاء هذا بعد اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية، المعروف باسم “الكابينيت”، مساء الاثنين، لمناقشة الوضع في قطاع غزة، على خلفية الاتصالات الإقليمية بوساطة مصرية أممية واشار نتنياهو خلاله لبحث خطة التهدئة وأنها شبه جاهزة.

محاولات وقف البالونات الحارقة

ويحاول الاحتلال ادخال مسألة وقف إطلاق البالونات الحارقة من غزة على المستوطنات الصهيونية، ضمن اتفاق التسوية وهو ما ترفضه حماس باعتبار انه سلاح شعبي جماهيري لا علاقة للمقاومة به، وسيصعب السيطرة على جماهير تطلق بالونات وطائرات ورقية يلعب بها الأطفال وحولها أهالي غزة لسلاح رعب الصهاينة.

وذكر موقع “حدشوت 24” العبري، مساء الأحد، أن وفد حركة حماس بالقاهرة نقل للمخابرات المصرية رسالة واضحة، بأن الحركة ترفض وقف مسيرات العودة، على الحدود مع إسرائيل، ووقف إطلاق البالونات الحارقة، حتى يتم

رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة.

وقال الموقع العبري إن نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، صالح العاروري، سلم المخابرات المصرية أمس، الإجابات النهائية حول مواقف الحركة بشأن التوصل الى تهدئة طويلة المدى مع إسرائيل.

هناك بالتالي، أزمة صهيونية، نتجت عن مسيرات العودة التي وضعت قواعد جديدة للصراع، هي فقدان الصهاينة ميزة القصف بلا رادع بعدما أصبحت المعادلة “قصف مقابل قصف”، والاحتلال يسعى لجسر هذه الهوة إما بسياسة اغتيالات تعيد التوازن والمبادرة له عسكريا كما يتوهم، أو اتفاق تهدئة طويل لحين ضبط المعادلات والانتهاء من أزمات اخرى علي الجبهة السورية التي استوطنتها إيران، والجبهة اللبنانية.