التشريد وغلق الصحف وتكميم الأفواه.. أهم نتائج تصديق السفيه على قانون قتل الصحافة

- ‎فيتقارير

لا يثق قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في أحد غير نفسه، حتى هؤلاء الذين يعتبرون من أشد المؤيدين له، حيث يشعر السيسي دائما بالخوف من الاستماع إلى أحد، وأصبح يكتفي بالحديث بنفسه مهما كان حديثه مثيرًا للسخرية أو الاشمئزاز.

ولخوف السيسي من الكلمة، شرع في إغلاق المئات من الصحف والمواقع الإخبارية، فضلا عن بعض الفضائيات رغم أنها تعمل لحساب جهاز مخابراته الخاص، فضلا عن تحديد إقامة بعض الإعلاميين الذين يدينون بالولاء له.

ضد الصحفيين

وازداد خوف السيسي في الآونة الأخيرة، فركز على حبس الصحفيين، ورقابة حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهواتفهم المحمولة، كما صادق على قانون الهيئة الوطنيّة للصحافة، بهدف التمهيد لتغيير رؤساء تحرير الصحف القومية الحاليين، والبدء في خطة إلغاء بعض الإصدارات الصحفية المملوكة للدولة، ودمج البعض الآخر، بدعوى تعرّضها للخسائر، وعدم تحقيقها أرباحًا مالية.

وقالت صحيفة “العربي الجديد”، في تقريرها المنشور اليوم الإثنين، إن من المستهدف إلغاء ودمج جانب كبير من الإصدارات الأسبوعيّة والشهريّة في مؤسسات “الأهرام” و”أخبار اليوم” و”دار التحرير” و”دار الهلال”، وتوزيع العاملين فيها على الإصدارات اليوميّة، مشيرةً إلى أنّ القانون منح “الهيئة الوطنية للصحافة” صلاحيّات غير مسبوقة على المؤسسات القوميّة، بغرض خفض حجم مديونيّاتها، في ضوءِ ارتفاع تكاليف مدخلات الصحافة.

ونقلت الصحيفة عن مصادرها بأنّ الهيئة تعتزم تغيير جميع رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القوميّة، لفشلهم في تطوير المؤسسات الصحافيّة المملوكة للدولة، أو إعادة هيكَلتها، خصوصًا مع التراجع الكبير في توزيعها، وانصراف القارئ عنها، مشيرةً إلى أنّ مؤسسة الرئاسة بدأت بالفعل في إعداد قائمة بأسماء رؤساء التحرير الجدد، لعدم رضا المؤسسة عن أداء رؤساء التحرير الحاليين، وضعف مستواهم المهني.

غضب من الصحف القومية والخاصة

وأشارت الصحيفة إلى أن غضب السيسي ازداد على الصحف القومية والخاصة، لدرجة جعلته يرفض إجراء أي حوار مع هذه الصحف، خاصة وأن العرف جرى على إجراء حوارات بشكل دوري مع أحد من رؤساء التحرير، وهي المقاطعة التي جاءت بسبب بعض الصحف ذائعة الصيت “الأهرام” التي وقعت في أخطاء مسَّت مؤسسة الرئاسة، وعلى رأسها خطأ نُشر في صحيفة “الأهرام” يخصّ زوجة قائد الانقلاب، حين استُبدل حرف بآخر في كلمة حوّلها إلى كلمة “خارجة”، تؤدي قراءتها إلى إساءة بالغة لها.

ويمنح التشريع الجديد “الهيئة الوطنية للصحافة”، حقّ عزل رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفيّة القوميّة، أو رئيس تحريرها، أو عضو أو أكثر من أعضاء المجلس، إذا ثبت “إخلاله الجسيم بواجباته”، أو فقد شرطا من شروط التعيين، بالإضافة إلى تحديد مدّة ولاية رئيس التحرير بثلاث سنوات، مع جواز تجديدها، وعدم جواز الجمع بين منصبَي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير، مع استثناء وكالة “أنباء الشرق الأوسط” الرسمية من هذا القيد.

قانون بالإكراه

ووافق برلمان العسكر نهائيًا على القانون في 16 يوليو الماضي، وتجاهل أغلب الملاحظات التي تقدّمت بها نقابة الصحفيين حول القانون، مبقيًا على العديد من نصوصه الجدلية التي تُثير غضبا مكتوما في أوساط العاملين في المؤسسات الصحفية، وتمنح الهيئة سلطة منع الصحفيين من ممارسة عملهم في الشارع، أو اللقاء بالمواطنين والمسئولين من دون أخذ تصريح من “الجهات المختصة”.

وأعطى القانون الهيئة الحق في “إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية القومية، ما يفتح الباب أمام خصخصتها، وتشريد الصحفيين العاملين فيها”، علاوة على منحه رئيس الهيئة حق رئاسة كافة الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحافية المملوكة للدولة، وكذلك الحق في مد السن للصحفيين بقرار من الهيئة، ما يفتح الباب للمحاباة، ويطيح بالكفاءات خارج هذه المؤسسات، حسب مراقبين.

وقلص القانون تمثيل الصحفيين في مجالس إدارات الصحف القومية إلى صحفيين اثنين فقط من مجموع 13 عضوا، إذ نص على تشكيلها برئاسة رئيس الهيئة، و3 من أعضاء الهيئة غير المنتمين للمؤسسة، و7 من الخبراء المتخصصين في المسائل الاقتصادية والمحاسبية والقانونية من خارج المؤسسة تختارهم الهيئة، و6 من العاملين في المؤسسة، بواقع عضوين عن فئات الصحفيين، والعاملين، والإداريين.

ولأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية، ستدار المؤسسات الصحفية القومية بعناصر من خارجها، بعدما حدد القانون الجمعية العمومية لها بواقع 17 عضوا، من بينهم 11 عضوا من خارج المؤسسة، فضلاً عن تجاهله تحديد مكافأة نهاية الخدمة للصحفيين (شهر عن كل سنة)، أو التطرق إلى الكادر المالي للصحفيين، وتعامل معظم نصوصه مع تلك المؤسسات باعتبارها “شركات هادفة للربح” إيذانًا بخصخصتها.