الجمهورية الملكية!

- ‎فيمقالات

أحدث تقليعات أبواق النظام الانقلابى، المطالبة بتغيير مدة فترة الرئاسة، من أربع سنوات إلى 6 سنوات، ومن حق قائد الانقلاب لترشح مرات متتالية دون تحديد فترة الحكم إلى فترتين. والطريف أن قانون تحصين قادة العسكر من المحاكمات على أية جرائم ارتكبوها، يسمح في نفس الوقت باستدعاء أي منهم للخدمة مدى الحياة، وبذلك يضمن قائد الانقلاب عدم منافسة أي شخص من العسكر له على منصب الرئاسة مستقبلا، ومن يفكر منهم في ذلك فسيكون مصيره نفس مصير الفريق سامى عنان، فقد قام أحد أعضاء برلمان عبدالعال باقتراح عودة الملكية بمصر، وتنصيب قائد الانقلاب ملكاً علي مصر، أو تمديد فترة الرئاسة لمدة كبيرة، كما أعلن في تصريحات صحفية، اعتزامه التقدم باقتراح لتعديل المادة 140 من الدستور الخاصة بتحديد مدة حكم رئيس الجمهورية المحددة، وعدد الفترات الرئاسية.

والسؤال من الذى أعطى هذا العضو أو غيره من مرتزقة النظام الانقلابى الحق، ليتحدثوا باسم الشعب المقهور؟، وكان الأولى بهذا العضو وغيره، أن ينظروا في مشاكل أبناء دوائرهم، والسعى لإيجاد حلول لها، بدل من وصلات النفاق الرخيص!

فقد أعلن العضو “إسماعيل نصرالدين” أنه سيتقدم، بطلب إلى “على عبدالعال” رئيس برلمان العسكر، بشأن تعديل بعض مواد الدستور المتعلقة بمدة حكم الرئيس، وطريقة تكليف رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، واختصاصات مجلس الدولة، وقد تنوعت المطالبة ما بين تمديد عدد سنوات الفترة الرئاسية، من أربع إلى ست سنوات، أوزيادة عدد الفترات كما اقترح بعض الأعضاء بأن تعود الملكية لمصر، وأن قائد الانقلاب الذي أنقذ البلاد من المجهول- على حد زعمهم – هو الأحق بهذا المنصب وسيوفرالعديد من الانتخابات في المراحل القادمة.

كما نقل موقع “بوابة الأهرام” عن أحد أعضاء برلمان عبدالعال قوله: إن الدساتير عمل بشري، وليس عمل إلهامي معصوم من الخطأ أو يتبنى حلولاً ربانية لمشكلاتنا، وفي النهاية هو عمل بشري يحتمل النقد والتعديل، لأنه يتصف بذات الطبيعة الناقصة لواضعيه.

ماذا يريد هؤلاء، هل يريدون إيهامنا بأن لديهم دستور وقانون أم ماذا؟، وهل من جاء بصناديق الذخيرة يمكن أن يرحل إلا بثورة عارمة، أويأتيه أجله المحتوم، فلماذا كل هذه المطالبات لشرعنة نظام فاقد للشرعية من الأساس؟، ألم يسن لنا المخلوع مبارك ومن قبله الأسد نظام الجمهورية الملكية، فحزب العسكر الحاكم منذ 1952، وهم يتداولون السلطة فيما بينهم، باستثناء السنة التي حكم فيها الرئيس محمد مرسى، وكما قال الشاعر:
لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم

إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم

تتحرك دكة غسل الموتى أما أنتم

لا تهتز لكم قصبة

الآن أعريكم

في كل عواصم هذا الوطن العربي قتلتم فرحي

في كل زقاق أجد الأزلام أمامي

أصبحت أحاذر حتى الهاتف

حتى الحيطان وحتى الأطفال

أقيء لهذا الأسلوب الفج.

وبعد صياغة دستور العسكر، وصف قائد الانقلاب، الذى وضعته مجموعة من المرتزقة، بأنه دستور النوايا الحسنة، وكان ذلك بمثابة الضوء للمطالبة بتعديل الدستور، حتى يتيح لقائد الانقلاب تولى السلطة مدى الحياة، لذلك سعى قائد الانقلاب لاستبعاد كل من فكر في منافسته، مثل شفيق الذى تم اختطافه أجباره على عدم الترشح، وأحال عنان للتحقيق بتهمة التزوير في محررات رسمية، واعتقل العقيد أحمد قنصوة، على الرغم من أن ثلاثتهم خرجوا من رحم المؤسسة العسكرية.

وهؤلاء الذين يريدون، أن يحكم زعيم عصابة الانقلاب مدى الحياة، فسيحكم حتي يتألم كل من أيده، ويكتوى بنار ظلمه وقمعه، كما يحدث اليوم، لأن عسكره ضد الوطن وشرطته ضد الشعب وقضاءه ضد العدل… شيوخه ضد الدين وإعلامه ضد الحقيقة!

لذلك اجتمع أهل الباطل، من أتباع توضروس والكنيسة والجوارى وحريم السلطان والمشخصاتية والمرتزقة من لصوص المال العام، علي دعمه ونصرته ومساندته على الرغم من علمهم بحتمية نهايته ولو بعد حين!

ودروس التاريخ القديم والحديث تكشف أن من سننِ الله الجاريةِ في المجتمعاتِ، أن أصدقاءَ ورفقاء وأعوان الطغاة الذين لا تقوى ولا أمانة لهم، والذين تجمعهم المصالح والنفاق يُسلِّط الله بعضَهم على بعض، حتى قيل: «من أعان ظالماً سلطه الله عليهِ، أو بلى به، أو ذل على يديه، فهذا الليثي ناصف الذى كلفه السادات بإلقاء القبض على رجال مراكز القوى والمؤيدين للحقبة الناصرية التي يؤيدها الليثي واستجاب الليثي لطلب الرئيس السادات والقي القبض على معظم معارضيه و نفذ ما سمي حينها بـ ”ثورة التصحيح”. تم قتله في لندن وهو فى شقة تابعة للمؤسسة الرئاسة في عمارة ستيوارت تاور شرق العاصمة البريطانية لندن، في يوم 24 اغسطس عام 1973، حيث استيقظ الليثي من نومه في الصباح الباكر كعادته ثم دخل الحمام واختفي صوته فجأة، وكانت زوجته قد استيقظت لتجهز له طعام الإفطار، وبعد دقائق دق جرس الباب فوجدت أمامها ضابطاً بريطانياً، يخبرها بأن زوجها ألقي بنفسه من البلكونة، وأن جثته ملقاة على رصيف الشارع الآن.

وكذلك وزير الخاجية الإيرانى “صادق قطب زادة”الذى تولى مناصب متعددة في بداية الثورة الإيرانية، لكن الخميني أعدمه في نهاية المطاف، لأنه عارض ولاية الفقيه، ولم يَرْعَ فيه السنواتِ العشرينَ التي أفناها في خدمتِه!

وهكذا تكون نهاية المرتزقة والمتسلقين، على يد من أيدوهم وعاونهم وساعدوهم على قهر الشعوب والتضييق عليها!

المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها