السيسي في حماية “فرانس 24” وراديو “مونت كارلو”.. أين ديمقراطيتكم؟ 

- ‎فيتقارير

لا تزال السلطات الفرنسية تحظر ظهور معارضين مصريين، بعضهم حاصل على الجنسية الفرنسية، كضيوف ومعلقين على الشأن المصري، سواء على شاشات الفضائيات مثل “فرانس 24″، أو عبر الأثير كراديو “مونت كارلو” الشهير، كاشفة بذلك عن قبح وجهها، وزيف ادعاءات أنها لا تدعم طرفًا دون آخر فيما يتعلق بمناقشة الأوضاع في مصر، وأن سياستها منفتحة على الجميع، وأن مسألة إيقاف البرامج أو استمرارها هو مسألة فنية لا علاقة لها بأي شيء آخر.

وفي وقت سابق أصدرت عدة منظمات حقوقية مصرية ودولية تقريرًا مشتركا، تتهم فيه السلطات الفرنسية بدعم الانقلاب العسكري في “سحق الشعب المصري”، عبر تزويده بأسلحة وأنظمة مراقبة وتجسس، تستفيد منها سلطات الانقلاب في القمع والديكتاتورية.

يقول مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن: “إذا كانت الثورة المصرية عام 2011 قد حمَلَها جيل متصل بشكل وثيق عبر فيسبوك عرف كيف يحشد الجماهير، فإنّ فرنسا تشارك اليوم في سحق هذا الجيل من خلال إنشاء نظام مراقبة وتحكم هدفه أن يسحق في المهد أيّ تعبير عن الاحتجاج”.

فرنسا القبيحة!

ومنذ استقبال الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند للسفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في نوفمبر 2014، وتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري تضمنت شراء أسلحة كبيرة بمليارات الدولارات، وسط انتقادات جماعات حقوق الإنسان، واتخذت فرنسا خطوة في تأكيد دعمها للانقلاب وحرمان الشعب المصري من كفاحه لأجل الحرية والديمقراطية، وفي فبراير 2015، وقع العسكر وفرنسا في القاهرة صفقة لشراء أسلحة فرنسية بمبلغ 5.2 مليار يورو، تشمل 24 طائرة “رافال” وفرقاطة متعددة المهام للقوات البحرية وصواريخ جو-جو.

ويأتي المنع بسبب آراء معارضي الانقلاب فيما تقوم به داخلية الانقلاب من قتل واغتصاب واختفاء قسري واعتقال، ورغم التقارير الحقوقية التي تدين العسكر إلا أن السياسة الإعلامية التي تتبعها القنوات الفرنسية تغيرت لتصبح بوقًا للنظام الإجرامي في مصر، واستضافتها لمؤيدي السفيه السيسي دون المعارضين.

وتغيرت السياسة الخارجية الفرنسية بضغوط من وزير الدفاع “جون إيف لودريان”، الذي طالب بالحد من ظهور مؤيدي الشرعية وتحجيمهم في الإعلام، وعن تداعيات تلك الصفقة وقرار منع ظهور مناوئي الانقلاب، أكد المحلل السياسي والاقتصادي المصري الفرنسي محمد السيد، أن “هذا القرار منح السيسي المزيد من المساحة للتحرك في أوروبا، فالتضييق على رافضي الانقلاب ظهر جليا في زيارة السيسي، واعتُقل العشرات عندما اعترضوا على وجوده مع اتحاد أرباب العمل في الدائرة السابعة بباريس، مما دفع الأمن لإخراج قائد الانقلاب من الباب الخلفي لمبنى الاجتماعات”.

ومن المعروف أن وزارة الخارجية الفرنسية هي من تنفق على هذه القنوات، وترسل تعليماتها للإدارات لتنفذها حرفيا داخل قنوات “فرانس 24” وراديو “مونت كارلو” الدولية، وراديو “آر إف آي”، في وقت ارتفع فيه صوت الصفقات في فرنسا على صوت حقوق الإنسان المهدرة في مصر، وما قاله ماكرون في لقائه العام الماضي مع قائد الانقلاب، “إن فرنسا لا تعطي دروسًا لأحد في كيفية إدارة البلاد”، دليل دامغ على عدم اكتراث فرنسا بانتهاك الحقوق والحريات.

ماذا جرى لك؟

الأديب والفنان المسرحي، هشام جاد، روى تجربته الشخصية مع وسائل الإعلام الفرنسية التي لا تزال تحظر في مجملها ظهور معارضي الانقلاب، قائلا: “شهادتي الخاصة.. أثناء الثورة المصرية كنت أُدعى دائما في قناة الجزيرة وفرانس 24، وامتد التواصل إلى ما بعد انتخابات الرئاسة المصرية، لكن تغير الحال تماما بعد الانقلاب العسكري، وأصبحت لا أُدعى على الإطلاق في الوقت الذي فتح فيه المجال لمؤيدي الانقلاب العسكري”.

وأضاف “حاولت أكثر من مرة التواصل لمعرفة عدم دعوة أمثالي من مؤيدي اختيار الشعب المصري، لكن دون جدوى أو جواب رسمي، لكن بعض الأصدقاء الذين يعملون في فرنس 24 وغيرها أكدوا لي أني ومن معي غير مرغوب في استضافتهم، إضافة إلى دفاعي الدائم والمستمر عن فلسطين”.

ولم يستبعد الأديب والفنان المصري أن تكون فرنسا ضحت بالمبادئ من أجل المصالح، قائلا: “مما لا شك فيه أن الأموال الطائلة التي اشترت بها العصابة التي تتحكم في مصر طائرات ومعدات تجسس وتنصت على شعبنا المصري لعبت دورًا فى منع أمثالي من الظهور”.

وتساءل “هل وجود إعلام الإرهابي السيسي بكثافة هنا جعل البعض لا يرغب في سماع أي صوت معارض له؟ هل أصبح دفاعي عن روح فلسطين 1948 المحتلة من إرهابيين متعددي الجنسيات حجة لاستبعادي؟ لله درك يا فرنسا، ماذا جرى لك؟”.

وفي الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت السفيه السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.