الشمول المالي.. هدف أم وسيلة لنهب أموال المصريين بالبنوك؟

- ‎فيتقارير

يؤمن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي كرجل مخابرات، أنه من الضروري معرفة كل صغيرة وكبيرة في حسابات وأموال وحياة المصريين.. من أين ينفقون؟ من أين يحصلون على أموالهم؟ وفيما ينفقونها؟ ووماذا يأكلون ويدخرون في بيوتهم، وماذا يفعلون في كل شؤونهم صغيرة كانت أو كبيرة؟ وماهي أحلامهم التي تروادهم في منامهم؟

يربط قائد الانقلاب العسكري بين عقليته كرجل مخابرات لا يعرف سوى الحصول على التقارير الأمنية لكل مواطن، وبين رغبته في السيطرة على ثروات المصريين لتلبية طموحاته في إفقار هذا الشعب حتى لا يتبقى ما يخرج به عليه سواء من صحة أو من طعام أو مال، فيطالب عبد الفتاح السيسي، الشعب المصرى بضرورة تحمل إجراءات ما يسميه الإصلاح الاقتصادى، قائلًا في يوليو الماضي حديثه المعتاد :”لو أنتم رفضتوه مش هيكمل وهتخرب.. هنعمل إيه!.. أنتم من سيتحمل النجاح والفشل أيضًا بجانب الدولة”.

توجيهات سيادتك أوامر

صرح عماد سامي رئيس مصلحة الضرائب المصرية في أغسطس الماضي أن المصلحة تقدمت بمقترح لتعديل المادة رقم 99 من قانون الدخل، بما يسمح لوزير المالية بالكشف على الحسابات المصرفية للشركات والأفراد.

وكان الهدف من هذه الخطوة هو الحد من التهرب الضريبي، على حد تعبيره. وذكر أن التعديل في انتظار موافقة مجلس النواب ثم تصديق رئيس الجمهورية.

وبالرغم من نفي رئيس البنك المركزي طارق عامر لحديث رئيس مصلحة الضرائب، إلا أن أحد أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان، أكد أن وزارة المالية فعلاً تقدمت بهذا المقترح ثم تراجعت عنه وسحبته بعد الأزمة.

وأضاف أن ما فعله الوزير هو “تراجع عن المشروع وليس نفيا لوجوده”، ويشرح النائب كواليس ما حدث قائلاً إن القصة بدأت في مطلع يوليو 2018، أثناء اجتماع السيسي مع المجموعة الوزارية الاقتصادية، وخلال الاجتماع وجه السيسي إلى حصر أصول كل شركات قطاع الأعمال، والتصرف في الشركات الخاسرة والتجسس على حسابات المودعين بالبنوك لمحاربة المتهربين من الضرائب، هذا فضلاً عن سيطرته على الاقتصاد الموازي (غير الرسمي).

دفع المصروفات المدرسية في حسابات بنكية

الخطوة الجديدة والمفاجئة اتلي وجه إليها نظام الانقلاب بقيادة السيسي، هي ولأول مرة، توجيه أولياء الأمور بدفع المصروفات المدرسية لأبنائهم في حساب بنكي، وليس عن طريق المدرسة، وهي الخطوة التي لم يفهم هدفها المواطنون، وتساءلوا عن سر تعذيبهم في الوقوف بطوابير طويلة لا أخر لها بالبنوك لدفع مصروفات الدراسة، في الوقت الذي كان طوال تاريخهم وتاريخ أبائهم يدفعون المصروفات بالمدرسة.

وكشفت مصادر حكومية بوزارة المالية في تصريحات خاصة لـ “الحرية والعدالة”، أن السيسي يهدف من هذه الخطوة لجمع المعلومات عن أولياء الأمور، وحساباتهم البنكية وفي مكاتب البريد، بالرغم من وجود هذه المعلومات لديه، إلا أنه يريد بشكل أشمل معرفة كل الحسابات الوهمية التي يمتلكها المواطنون، عن طريق شهادات الاستثمار ودفاتر توفير البريد التي تسجل باسم أبنائهم أو زوجاتهم في جميع البنوك الحكومية والأجنبية والرابط بين أصحاب هذه الحسابات وبين بعضهم البعض.

وأكدت المصادر أن السيسي كلف الجهاز الحكومي بكافة تفرعاته في الدولة بجمع كافة البيانات التي تخص أي مواطن، وكلما يخصه من معلومات مالية وحسابات بنكية.، مشيرا إلى ان ذلك حدث من خلال وزارة التموين وتحديث بيانات المواطنين لضم أبنائهم على بطاقات التموين، كما يتم مع كافة التعاملات الحكومية التي تخص المواطن، حيث يتم جمع كل المعلومات التي تحتاجها الدولة عن أي مواطن يريد تجديد أي مستند أو بطاقة أو جواز سفر أو رخصة السيارة.

فخ الحسابات البنكية

وأوضحت المصادر أن الدولة تسعى إلى فتح حسابات بنكية لدى المواطنين، من خلال صرف مرتباتهم ومعاشاتهم عن طريق الفيزا كارد، وتشجعيهم على الشراء وسداد كافة الفواتير وتقديم تسهيلات كبيرة من خلال الحسابات البنكية، للتجسس على المواطنين.

وأشارت المصادر إلى أن فكرة نجاح السيسي في جمع 67 مليار جنيه لحفر قناة السويس الجديدة من تحت البلاطة، تسيطر على عقل النظام حاليا، حيث ينظر السيسي للمصريين على أنهم يضعون النقود تحت البلاطة، لذلك يقوم بتنظيم سداد كافة التزامات المواطن عن طريق الحسابات البنكية لمعرفة ماذا يملك هذا المواطن؟.

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المصريين الذين يمتلكون حسابات بنكية يصل إلى 13 مليون حساب من إجمالي 92 مليون مصري أي بنسبة لا تتعدى 14 % وهي نسبة ضعيفة جداً علما أنه يوجد في مصر 39 بنكا بعدد فروع 3950 فرعا.

وهناك محاولات كثيرة من الدولة لحث المصريين على فتح حسابات بنكية، فقد أعلن البنك المركزي عن تخصيص 27 أبريل الماضي يوما عربيا للشمول المالي العربي، وعرض المركزي عددًا من المقترحات على البنوك لتطبيقها، وشملت المقترحات السماح للبنوك بالتواجد خارج فروعها مثل المناطق النائية والمهمّشة، وعرض المنتجات المصرفية الملائمة لهذه الشريحة، وفتح حسابات للعملاء الجدد دون مصاريف ودون حد أدنى لفتح الحساب تحت شعار” حساب لكل مواطن”.

وفي فبراير الماضي، قرر عبد الفتاح السيسي إنشاء المجلس القومي للمدفوعات بهدف خفض استخدام الأوراق النقدية وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية في الدفع، وتطوير نظم الدفع القومية والحد من المخاطر المرتبطة بها، ودمج أكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفي وتخفيض تكلفة انتقال الأموال.

ووفقا لبيانات شركة “إي فينانس” المسؤولة عن مشروع ميكنة المرتبات، فقد زادت بنسبة 95% لتصل إلى 4 ملايين موظف خلال 2016 وتم الوصول لنسبة 100 % نهاية العام الماضي، كما عملت الحكومة على ميكنة عملية صرف المعاشات لنحو 7 ملايين مستفيد.

رأت المصادر أن أحد أسباب إحجام المصريين عن فتح حسابات بنكية أن جزءا كبيرا من الاقتصاد المصري اقتصاد غير رسمي، وتحاول الحكومة تحويله إلى اقتصاد رسمي.

وقال حازم حجازي، الرئيس التنفيذي للتجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلي في تصريحات صحفية سابقة، إن البنوك تحاول الوصول لمختلف الفئات عبر منتجات جديدة وأيضا فتح فروع جديدة، مشيراً إلى أن تبني البنك المركزي لمبادرة “حساب لكل مواطن” سيعزز من اتجاه البنوك للتوسع في طرح منتجات جديدة للوصول لعملاء جدد وفتح حسابات بدون مصاريف.

وأشار إلى أن هذه المبادرة ستساعد على جذب شريحة كبيرة من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.

وأوضح أن البنوك تتبنى هذا الاتجاه بقوة خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد طرح البنوك شهادات قناة السويس والشهادات ذات العائد الـ 20% وهو ما ساهم في جذب عملاء جدد وتدعيم الشمول المالي.