“الشيوخ” يدين ونتنياهو يحذر.. لمن ينتصر ترامب في لعبة “الدب الداشر”؟

- ‎فيعربي ودولي

ربما هلل الآلاف من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لقرار مجلس الشيوخ الأمريكي، أمس الخميس، بالموافقة على مشروع قانون يحمِّل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مسئولية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وذلك في تصويت تاريخي يعكس غضب المشرعين من الجريمة.

ولكن لم ينظر الأغلبية لما كشفته “الحرية والعدالة” في تقارير سابقة أن المستفيد الأول من عملية الضغط على بن سلمان هو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، من أموال المسلمين، في إدرار أخر قطرة من ثدي البقرة الحلوب التي تحكم السعودية بحد وثف ترمب نفسه خلال حملته الانتخابية.

من المستفيد؟

رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، كشف ما كان مختبئا تحت عباءات الخيانة التي يرتديها حكام العرب، حينما صرح نتنياهو في نفس اليوم أمس الخميس بالتزامن مع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، بأن المساس بمحمد بن سلمان هو تهديد لأمن إسرائيل والعالم بأسره.

وأكد نتنياهو أن “زعزعة استقرار المملكة العربية السعودية، يزعزع العالم”، مشيرًا إلى دورها في منطقة الشرق الأوسط.

تأتي تصريحاته في ظل تقارير تفيد وجود تقارب غير مسبوق ما بين السعودية وتل أبيب، وحرص نتنياهو على إقامة علاقات متينة مع المملكة.

ومع صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم، وتوليه منصب ولاية العهد، دخلت السعودية في علاقات مباشرة مع الكيان الصهيوني عن طريق محمد بن سلمان، حيث تم اللقاء بينه وبين نتنياهو مرتين، ولم تصدر السعودية أي نفي تجاه الأخبار التي أكدت هذه المقابلات من الجانب الإسرائيلي.

لوحظ وجود بعض العلاقات بشكل مباشر وغير مباشر مع “إسرائيل” تُوِّجت بزيارة عدد من الشخصيات السعودية لها، وإبرام اتفاقيات عسكرية وأمنية واقتصادية معها.

دور السعودية

وفي حفل نظمه مكتب الصحافة الإسرائيلي برأس السنة الجديدة، قال نتنياهو: “يتم وزن الأمور بأهمية السعودية والدور الذي تلعبه في الشرق الأوسط”، بل أنه أكد أنه “إذا تم زعزعة السعودية فإن الاستقرار في العالم سوف يتزعزع، ليس الشرق الأوسط، وأعتقد أن هذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار”.

وقال نتنياهو إن “إسرائيل” تحرص بشكل دائم على إخفاء أسماء الدول العربية التي تُقيم علاقات سياسية واقتصادية أو أمنية معها؛ خوفًا من المواقف الشعبية الغاضبة، رغم أن قواعد اللعبة أصبحت مكشوفة وباعتراف الجميع من خلال نوبة التطبيع التي دخلت أغلب الدول العربية في حظيرتها مع الكيان الصهيوني.

كما كشف الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية جاكي خوجي أن نتنياهو طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محادثة هاتفية عدم المس بولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وأضاف خوجي – في مقال نشره بصحيفة “معاريف” – أن هذا الطلب الإسرائيلي من واشنطن يعني أن الرياض بالنسبة لتل أبيب تُعد كنزًا إستراتيجيًا، وأن تطوع نتنياهو لإنقاذ محمد بن سلمان يعني أن إسرائيل تحتاج إليه، “ولناصحه الأمين ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، وكذلك للبحرينيين، وزعماء آخرين”.

وأشار إلى أن بعض الدول العربية التي ترتبط بعلاقات سرية مع إسرائيل، تحولت من الشراكة إلى عمل مكثف بسبب عدائها مع إيران وحزب الله.

السيسي ونتنياهو

كانت صحيفة “واشنطن بوست” قد أكدت الشهر الماضي أن نتنياهو وقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي تواصلاً مع الإدارة الأمريكية للدفاع عن محمد بن سلمان بعدما تفجرت قضية مقتل خاشقجي.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها: إن السيسي ونتنياهو أجريا اتصالات بمسئولين رفيعين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، للإعراب عن دعمهما لولي العهد السعودي الذي وصفه نتنياهو بأنه “حليف إستراتيجي”.

وبالتزامن مع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، يعرف ترمب قواعد اللعبة جيدا، من حيث ترك المجال للمؤسسسات الأمريكية في إدانة والهجوم على محمد بن سلمان بشكل شرس؛ ليكون بالتبعة ثمن الدفاع والحماية التي يظلها ترمب لبن سلمان مكلفًا، فكلما زاد الضغط ارتفع ثمن السلعة أو البقرة كما يسميها ترمب.

وقدَّم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، مشروع قرار لمجلس الشيوخ الأمريكي، يحمل ولي العهد السعودي مسئولية قتل خاشقجي. وذكر كوركر أن مشروع القانون – الذي أسهم فيه 8 جمهوريين آخرين – يشدد على محاسبة المتورطين في جريمة تصفية خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول بداية أكتوبر 2018.

كنز استراتيجي

ولا يزال من الضروري إقرار مشروع القانون في مجلس النواب، وتوقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عليه قبل أن يصبح نافذًا.

كما أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون آخر، يدعو لإنهاء المشاركة العسكرية الأمريكية في حملة التحالف بقيادة السعودية في اليمن، في تحدٍّ كبير لترامب ورغم أن هذا الإجراء سيكون عليه اجتياز عقبات أخرى حتى يصبح قانونًا، فإن التصويت بموافقة 56 واعتراض 41 عضوًا يعد أول إجراء من نوعه يؤيد فيه أي من مجلس الكونجرس خطوة لسحب قوات أمريكية من المشاركة في عمل عسكري أجنبي وفقًا لقانون سلطات الحرب.

ووجَّه مجلس الشيوخ الأمريكي تحذيرًا إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب والحكومة السعودية، بموافقته على إجراء تصويت نهائي على مشروع قانون يمنع واشنطن من الاستمرار في تقديم دعم عسكري للتحالف السعودي-الإماراتي باليمن. ووافق مجلس الشيوخ بأكثرية 60 صوتًا -بينهم 11 جمهوريًا- مقابل 39 على الانتقال إلى مرحلة التصويت النهائي على مشروع قانون يمنع إدارة ترامب من تقديم دعم عسكري للرياض في حرب اليمن.

وبالرغم من الحرب الشرسة التي تشنها المؤسسات الأمريكية من صحف ووسائل إعلام ومجلس الشيوخ الأمريكي، يدافع ترامب عن بن سلمان بقوة، ويصفه أنه كنز استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية.