“الصهاينة” من سيناء إلى قلب القاهرة .. بالطائرات والاستثمارات

- ‎فيتقارير

في ظل اعتماد عبد الفتاح السيسي على الدعم الصهيوني والأمريكي في انقلابه العسكري على إرادة المصريين، عبر الدعم المادي والسياسي في المحافل الدولية، كان لزامًا على انقلاب السيسي تقديم الثمن للصهاينة والأمريكان من قلب مصر وأراضيها ومقدراتها البشرية والسياسية والاقتصادية .

ومنذ انقلاب السيسي على المصريين في 2013 أعلن تقديمه الثمن لإسرائيل ، عبر تصريحات متتالية بعمله ونظامه على حماية أمن إسرائيل وعدم سماحه لأي عدوان ضد الجارة إسرائيل من الأراضي المصرية، وتطور الأمر إلى سماحه للطيران الصهيوني بالتوغل في الأراضي المصرية وتوجيه ضربات عسكرية لأهداف خلف خطوط الجيش المصري .

ثم تجلى الأمر بإعلان السيسي تقديم صفقة القرن لترامب ونتنياهو الذي التقاه سرًا بالعقبة الأردنية في الصيف الماضي، لبحث تصفية القضية الفلسطينية عبر إنهاء حق العودة ، واستبدال أراضٍ مصرية لتقديمها لسكان فلسطينيين كوطن بديل على أرض سيناء .

وبجانب التنازلات العسكرية، جاءت التنازلات السياسية بتصويت مصر لإسرائيل في الأمم المتحدة مرتين ، بجانب السماح للسفارة الصهيونية بالاحتفال بنكبة فلسطين السبعينية على الأراضي المصرية مؤخرًا.

الكارثة الاقتصادية

في خطوة جديدة مثيرة للتساؤلات حول خسارة مصر لأصولها الحكومية، فوضت الحكومة المصرية بنك الاستثمار القومي للتصرف بأصولها غير المستغلة، بالبيع، والإيجار، وحق الانتفاع، والشراكة.

وأعلنت الحكومة في مارس الماضي، عن إدراج حصص 23 شركة بالبورصة، في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه ؛ لتعويض عجز الميزانية.

ونقلت تقارير إعلامية مصرية، الاثنين الماضي، عن نائب رئيس مجلس إدارة البنك، محمود منتصر، قوله إن البنك يقوم بحصر تلك الأصول، وتجهيز مستندات ملكيتها، تمهيدًا للتصرف بها، أو تغيير النشاط، وأنه تلقى عرضًا للاستحواذ على حصته بإحدى الشركات الهامة.

غموض

من جانبه، انتقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية تلك الخطوة، مشيرًا إلى أن الغموض لا يزال يكتنف خطة الحكومة لإدارة تلك الأصول، خاصة بعد إنشاء صندوق سيادي، الشهر الماضي؛ بهدف استغلال أصول الدولة، ويتولى إدارة الأصول الصغيرة، ثم يأتي هذا التفويض لبنك الاستثمار.

دلالات ومخاطر

وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي، رضا عيسى، أن المهم هو معرفة قواعد التصرف التي سيطبقها البنك الحكومي الذي يدير أموال التأمينات الاجتماعية، وأموال شهادات استثمار البنك الأهلي الثلاثة منذ ستينيات القرن الماضي، وله أسهم كبيرة بشركات هامة منها “مصر المقاصة”.

وأعلن مخاوفه من أن تقع أصول مصر بيد شركات متعددة الجنسية، مشيرًا إلى أنَّ البيع الذي يتم عن طريق البورصة لا يمكن السؤال فيه عن جنسية الشريك أو المشتري الأجنبي، ولا يجوز فيه التفرقة بين المستثمرين على أساس الجنسية. أما البيع لمستثمر استراتيجي، فيجب فيه توضيح جنسية المشتري.

وحول العائد على الدولة من تفويض البنك وبيع الأصول أو التصرف بها، أوضح أنَّ هذا البيع يأتي لأصول الدولة وممتلكات الشعب وللمال العام ويجب ألّا يتم ذلك عن طريق سمسار، حتى ولو كان بنكًا حكوميًا ، مؤكدًا على أهمية الشفافية والمسؤولية الوطنية في تلك العملية، خاصة أنَّ بنك الاستثمار ليس له سوابق بهذا الأمر، ولديه مشاكل مالية أيضًا.

وأشار عيسى إلى حديث السيسي مؤخرًا عن أنَّ الجيش يتدخل في الاقتصاد ليوازن العرض والطلب لغياب شركات القطاع العام، موجهًا تساؤله لرأس النظام بقوله: ألا يخل بيع تلك الشركات بالعرض والطلب؟ أم أنَّ الأمر سيتبعه دخول الجيش بتلك المجالات لإحداث التوازن الذي يتحدث عنه؟

وعن احتمال دخول جهات وشركات أجنبية – بينها إسرائيلية – لتتملك أصول مصر، قال إنه “في ظل الأسلوب الحالي المتبع، فإن مصر ستسقط بيد من يدفع الثمن”، مشيرًا إلى غياب دور البرلمان والأحزاب لتوضيح الصورة.

في قبضة الشركات متعددة الجنسيات

وبحسب خبراء، تمثل توجهات نظام العسكر نحو الخصخصة والتوسع في بيع الشركات الرابحة بجرأة مخيفة، خطرًا على الأمن القومي المصري، ويمكن اعتبارها تمثل عودة لـ «الامتيازارت الأجنبية» التي سبقت الاحتلال البريطاني لمصر في عهد الخديوي إسماعيل.

يؤكد على ذلك أن الدراسة التي أعدها «المركز المصري للحقوق الاقتصادية» ، والتي تحذر من التشريعات الاقتصادية في ظل نظام 30 يونيو في ظل سيطرة عدد من الشركات متعددة الجنسيات على مفاصل الاقتصاد المصري، مما يعكس وقوع الاقتصاد تحت قبضة رجال الأعمال الأجانب، خصوصاً بعدما استولت تلك الشركات على60% من قطاع البترول و80% بالنسبة لصناعات الأغذية والدواء والاتصالات والأسمنت والألبان والزيوت و40% من حجم تداولات البورصة المصرية، علاوة على تحريكهم البورصة صعوداً وهبوطاً وفقاً لتحركاتهم البيعية والشرائية.

وتمتلك الشركات متعددة الجنسيات ما نسبته 60% من صناعة الدواجن والسيارات وأغلب السلاسل التجارية وجزء كبير من المصارف والقرى السياحية والفنادق وقطاع الاستثمار العقاري في مصر.

ومن أهم الشركات الأجنبية المستثمرة في مصر تأتي : مايكروسوفت وجنرال إلكتريك، وبي بي النفطية، وكوكاكولا، وكرايسلر، وفورد، وبريتش بتروليوم.

ويصل عدد العلامات التجارية الأجنبية المسجلة داخل السوق المصرية إلى نحو 28 ألف علامة مقابل 400 علامة مسجلة لشركات محلية، وهو ما يعكس سيطرة أجنبية كبيرة على مفاصل الاقتصاد المصري.

ويحذر خبراء في الاقتصاد من أنَّ “قانون الاستثمار الجديد” الذي صدر قبل مؤتمر دعم الاقتصاد المصري في مارس 2015 ، يسمح بهروب آمن للمستثمر الأجنبي والشركات متعددة الجنسيات. لأن القانون وضع المستثمر الأجنبي بمنأى عن الملاحقة القضائية والجنائية.

وبحسب خبراء ومحللين، فإن السعودية والإمارات و«إسرائيل» سوف تكون لها اليد الطولى عبر الشركات الكبرى العابرة للقارات (متعددة الجنسيات) من أجل السيطرة والهيمنة على الاقتصاد المصري الذي سيصبح أكثر تبعية واعتمادًا على الأجانب في ظل تراجع معدلات الإنتاج وموارد الدخل . فالنظام لا يرى في الدولة سوى الدفاع والأمن ويتجه نحو التخلي عن الدور الاقتصادي منذ عهد مبارك مطلع التسعينات للتخلص من صداعه المزمن ومشكلاته التي لا يتمكن من وضع حلول لها ؛ وبذلك تضيع مصر سياسيًا واقتصاديًا تحت أقدام المستثمرين الصهاينة .

ولا عزاء للشعب المصري الذي ينتظره الضرائب والرسوم ورفع الأسعار التي تلهي الشعب عن التفكير في مصيره !!