الفساد للركب فى دولة العسكر.. السكك الحديد “نموذجًا”

- ‎فيتقارير

“أسمع كلامك أصدقك، أشوف حوادث قطارات أستعجب”، ملخص حال هيئة السكة الحديد ووزارة النقل فى مصر بأقرب وصف.

فتلك الهيئة التى تعيش فى فساد، لخصته الصور التى انتشرت على منصات التواصل الاجتماعى عن خروج قطار مترو الخط الأول بمحطة مترو المرج عن القضبان.

يأتى ذلك بعد يومين من حديث وزير النقل بحكومة الانقلاب د.هشام عرفات التى أثارت غضب الشارع المصرى، والتى تحدث فيها بأن ارتباط زيادة أسعار السكك الحديد سيكون من خلال تقديم خدمة عالية الجودة قريبا، وأن المواطن سيجني هذا الأمر قريبا بعد طول صبر.

ذر للرماد

وكأنه لم يكن هناك أى فساد طوال السنوات الماضية، حتى تمخض نواب العسكر بطلب إحاطة حول وجود “فساد للركب” فى هيئة ومؤسسة “السكك الحديد”.

على إثر هذا الأمر، تقدم علاء والي، عضو مجلس النواب، ببيان عاجل للدكتور هشام عرفات، وزير النقل بحكومة الانقلاب، بشأن إهدار ملايين الجنيهات بالهيئة القومية للسكك الحديد تحت بند الحوافز والمكافآت بالإدارة المالية، في الوقت الذي يحتاج فيه قطاع السكك الحديد إلى المليارات لتطويره وتحسين الخدمة لتفادى تكرار الحوادث، وحتى يشعر المواطنون بخدمة متميزة داخل هذا القطاع العريق.

وطالب البرلمانى الانقلابي، وزير النقل بالرد بشأن هذه الواقعة التي تسببت في إهدار ملايين الجنيهات تحت بند الحوافز والمكافآت التشجيعية للعاملين بالإدارة المالية وخاصة نائب رئيس هيئة السكك الحديد الذي يتحصل على 68 ألف جنيه، في حين أن أساسي الراتب المجرد له 275 جنيهًا، بالإضافة لحصول موظف بالدرجة الثالثة على حوافز 10 آلاف جنيه، وموظف آخر على 9.486 آلاف جنيه تحت بند الحوافز والمكافآت، في حين أن زملاءهم الموظفين لا يحصلون ولا يتقاضون 5% من هذه المكافآت.

وقال ”عرفات”، خلال اجتماع لجنة النقل والمواصلات بمجلس نواب الدم: إنه لن يكون هناك زيادة في أسعار تذاكر السكك الحديد إلا بعد تحسين الخدمات المقدمة في هذا المرفق.

التطوير يعني إهدار المال

وكانت مصادر مطلعة بهيئة السكك الحديد، أكدت أن تطوير المحطات يمثل حلقة من إهدار المال العام، بعد تطوير محطات تم تجديدها من قبل.

وأضافت فى تصريحات صحفية، أن محطة الأقصر تم تطويرها منذ فترة قريبة، ولكن تم تدميرها لتتم إعادة تطويرها مرة أخرى.

وذكرت أن تم رصد 1.5 مليار جنيه لتطوير 192 محطة على مستوى الهيئة بشكل عشوائى بدون تحديد المحطات، التى تحتاج لتطوير والأخرى التى لا تحتاج.

ولفتت إلى أن عمليات التطوير تسير ببطء شديد، فعلى سبيل المثال محطة قليوب المحطة بدأ تطويرها منذ 9 شهور ولم تنته، بعد بسبب تراخى مسئولى الهيئة.

وأكدت أن الأرصفة تم عمل حفر مكشوفة بها مما يهدد بسقوط الركاب بداخلها، دون مراعاة عوامل الأمن والسلامة.

الفساد يحصد أرواح الغلابة

كانت دراسة أجرتها الدكتورة منى صبحي نور الدين، الأستاذ بجامعة الأزهر، مؤخرا، عن الأسباب الحقيقية وراء تكرار حوادث القطارات في مصر، وهي الحوادث التي تحصد مئات الأرواح من الأبرياء الذين يستقلون القطارات بشكل يومي للتنقل بين المحافظات المختلفة بسبب الفساد الإداري الذي نجم عنه صفقة الجرارات وتسببت في حوادث وإتلاف القضبان، كما أكدت الدراسة كثرة الأعطال الفنية التي تصيب القطارات وعدم صيانتها.

وأضافت الدراسة أن أغلب عربات القطار متهالكة ولا سيما عربات الدرجة الثالثة فمن بين العربات 3400 عربة يوجد 1848 عربة بنسبة 54 % يتراوح عمرها بين 20 إلى 40 عاما، ونحو 805 عربات بنسبة 24% يتراوح عمرها بين 10 إلى 20 عاما وانتشار العيوب الفنية بالقضبان، وهذا يتطلب التفتيش الدورى من قبل الهيئة والمحليات على الخطوط لتجنب حالات الحوادث المستمرة، وكذلك السرقة المستمرة لكابلات القطارات الذى يزيد سعره على 50 ألف جنيه، وهو ما يساعد فى تفاقم مشكلة تعطل الجرارات.

50 مليون جنيه رواتب.. فتش عن الجنرالات

واصلت هيئة السكك الحديد بوزارة النقل الإبقاء على كل القيادات الحالية بالديوان العام وبقطاعات الوزارة والهيئات والشركات التابعة لها، الذين جاء بهم الوزير السابق اللواء الدكتور سعد الجيوشي، والذين يحمل أغلبهم رتبا عسكرية “عقيد- عميد- لواء” ويتقاضون رواتب باهظة تبدأ من ٥٠ ألف جنيه وتنتهي  بـ٢٠٠ ألف جنيه، فضلًا عن بدل حضور الاجتماعات واللجان المختلفة، بالإضافة إلى الحوافز، حتى بلغ إجمالي الرواتب الشهرية التي يتقاضاها هؤلاء العسكريون أكثر من ٥٠ مليون جنيه شهري.

ولم تكترث الوزارة للكوارث والحوادث التي وقعت طوال هذه المدة وطلب إعفاء “الرتب”، خاصة فى ظل انتشار الفساد في الهيئات والشركات التي يترأسها هؤلاء القيادات.