انتشار “الإسلاموفوبيا”.. من يحمي مسلمي أوروبا من 50 مليون عنصري متطرف؟

- ‎فيعربي ودولي

تضاعف عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا حتى وصل إلى 600% منذ الهجوم الإرهابي على المسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا، في 15 مارس 2019 الجاري، والذي نفذه الإرهابي برينتون هاريسون تارانت (28 عامًا)، وأسفر عن استشهاد 50 وإصابة 50 آخرين أثناء صلاة الجمعة.

وجاء تقرير بريطاني لمراصد حقوقية يعلن تلك النتيجة ليقدموها 25 مارس أمام مؤتمر لوزراء العدل في دول أوروبا الغربية، يبحث تشديد العقوبات في جرائم نشر خطاب الكراهية على مواقع الإنترنت، وذلك على خلفية الهجوم الأخير الذي استهدف المسلمين في نيوزيلندا

وقال وزير العدل البلجيكي جينس كوين في تصريحات صحفية: إن الشرطة تقوم منذ فترة بمراقبة محاولات نشر خطاب الكراهية على الإنترنت وأيضًا على المستوى الأوروبي هناك اتفاق جرى التوصل إليه مع مقدمي الخدمات في شركات الإنترنت ينص على تعاون هذه الشركات مع الأجهزة الأوروبية المختصة، وإزالة أي محتوى يتضمن دعوة للكراهية.

وبالتوازي لم يتوقف خطاب الكراهية في أوروبا، فضلا عن خطاب ترامب فاليمين المتطرف يصعد خطاب الكراهية ضد الإسلام في أوروبا، فرئيس الحزب اليميني في الدنمارك راسموس بالودان يستفز المسلمين ويحرق نسخا من القرآن الكريم أثناء تجمع لمسلمين أمام البرلمان تضامنا مع شهداء مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، كما يتقاذف نسخة أخرى من القرآن.

وتحت وطأة صدمة مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، تم التركيز على ظواهر الاسلاموفوبيا والتخويف من ” الغزو الأتي من وراء البحار” والتمييز العنصري والنازية الجديدة، لكن هذه الجريمة الآثمة تندرج كما غيرها من أفعال الإرهاب الشنيع وتبرير القتل الجماعي باسم الدين أو العرق أو الاختلاف في سياق تعميم ونشر إيديولوجيا الكراهية وثقافة الموت.

كما أن هناك حركات أوربية يرى باحثون أن اتباعهم يزيد عن 50 مليون شخص تؤمن بتفوق العرق الأبيض في أوروبا، مثل حركة “مناصري الهوية” في فرنسا وحركة “أبواب فيينا” الفضفاضة التي تجمع بين المؤلفين والمدونين والمؤسسات البحثية.

 

حوادث بريطانيا

وشهدت أوروبا اعتداءات طالت مسلمي بريطانيا، بعد هجوم نيوزيلندا. ففي العاصمة لندن اطلق ثلاثة رجال عبارات معادية للإسلام قبل أن يعتدوا على رجل آسيوي في منطقة وايتشابل شرق، ما تسبب في جروح في رأسه.

وفي ستانول جنوب شرقي بريطانيا اعتقل شخص يبلغ من العمر 50 عاما بعد أن طعن شابا يبلغ من العمر 19 عاما مطلقا عبارات وصفت بالعنصرية، وقالت شرطة مكافحة الإرهاب إن الهجوم كان يستلهم الأفكار اليمينية المتطرفة.

وفي نفس البلدة تعرض سائق سيارة أجرة إلى اعتداء لفظي باستخدام عبارات عنصرية ما دفع الشرطة إلى اعتقال شخصين بتهمة ارتكاب اعتداءات ذات دوافع عنصرية.

وفي مانشستر ألقت الشرطة القبض على امرأة في روشديل القريبة من مانشستر بالتهمة نفسها بعد أن نشرت تعليقات عبر الانترنت حول مجزرة المسجدين.

وفي أكسفورد وسط بريطانيا، قالت الشرطة إن عبارات وشعارات مرتبطة باليمين المتطرف صبغت جدران قرب مدرسة قد تكون لها علاقة بالحادثة.

تغذية السياسيين

وأعتبر داود عبدالله رئيس مرصد الشرق الأوسط، أن السياسيين يغذون حملات الكراهية ضد المسلمين لاسيما المهاجرين منهم إلى أوروبا، وقال إن تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا بعد إقرار الإتحاد الأوروبي التعاون في مسألة المهاجرين قامت بالخروج من الاتفاق التعاوني بالانسحاب الكامل من منظومته التي ستحملها أن تغير خطابها تجاههم.

وقال في لقاء عن المشكلة مع قناة الحوار إن الاعتداءات على المسلمين في بريطانيا أكبر بكثير من ما تعلنه الشرطة، بسبب عدم الإبلاغ عنها من قبل الضحايا خوفا على أمنهم وأسرهم.

وأشار إلى أن ما حدث أمام مسجد فنزبري قبل عامين بدهس المصلين في رمضان، فكلها أحداث تشير إلى أن المتطرفين لديهم الاستعداد بأن ينفذوا عمليات إرهابية ضد مسلمين، وبعضهم أدينوا في المحاكم البريطانية وبعض القضايا ما زالت معلقة”.

وأوضح أن هناك اعتقادا سائدا في أوروبا بأن العرب يهربون من أوطانهم ويغزون أوروبا ليأخذوا الأموال والثروات. وفي الوقت الذي اتفقت فيه كل الحكومات الأوروبية على استيعاب لاجئين إلا ان بريطانيا انسحبت وقالت انها لا تلتزم بهذه الاتفاقية، وهذا يعطي الانطباع بأن بريطانيا لا ترحب بالمهاجرين واللاجئين الجدد. إذن الخطاب الرسمي يسهل الأمر على المتطرفين ليقوموا بالمزيد من الاعتداءات.

ترامب جبان

وقالت عضو مجلس الشيوخ كيرستين جيليبراند، التي أعلنت رسميا سعيها للترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية في 2020 إن الرئيس ترامب جبان، متهمة إياه بإثارة الكراهية والانقسام والخوف.

وفي أمريكا زاد معدل جرائم الكراهية التي جرى الإبلاغ عنها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي بحوالي 17%، بحسب تقرير نشرته “CNN”، تحت عنوان “إحصاءات جرائم الكراهية”.

وأكد أن 7175 جريمة كراهية أبلغ عنها في عام 2017، في حين تم الإبلاغ عن 6121 حادثًا في عام 2016، كما أظهر أن 8493 شخصا كانوا ضحية لجرائم الكراهية في عام 2017.

وتعرض 59.6% من الضحايا للاستهداف بسبب أصلهم العرقي أو الإثني، بينما وقع 20.6% ضحية لجرائم الكراهية بسبب أصلهم الديني، في حين كان التوجه الجنسي هو سبب 15.8% من جرائم الكراهية التي تم الإبلاغ عنها في 2017، كما أوضح أنه جرى تصنيف نحو 5 آلاف جريمة كراهية باعتبارها جرائم ضد أشخاص، مثل الترهيب والاعتداء.

وصُنفت نحو 3 آلاف جريمة كراهية باعتبارها جرائم ضد ممتلكات، مثل التخريب والسرقة والسطو، في حين اعتبرت بعض جرائم الكراهية جرائم ضد أشخاص، وفي الوقت ذاته ضد ممتلكات.

وأواخر 2017 اعتبر مجلس العلاقات الأمريكية – الإسلامية (كير) مستوى ظاهرة «الإسلاموفوبيا» بالولايات المتحدة، الأسوأ في عهد الرئيس دونالد ترامب، منذ هجمات 11 سبتمبر 2001.

ترامب يشجع على الكراهية

 

حتى الآن

وحتى الآن، لم تشر أصابع الاتهام لأحد في هذا الهجوم الشنيع غير برينتون تارانت، الذي عرّف نفسه بأنه “رجل عادي يبلغ من العمر 28 عاما، ومواطن أسترالي ينحدر من أصول أسكتلندية وأيرلندية وإنكليزية”. وقتل تارانت 50 من المصلين المسلمين الأبرياء بالرصاص في مسجدين بمدينة كرايستشيرش.

وقد سجل القاتل تسجيلا مصورا مدته 17 دقيقة بدأه بتقديم نفسه، وفي الخلفية الأغنية الصربية “يا كاراديتش، قُد صربك”، في إشارة إلى رادوفان كاراديتش المعروف بلقب “سفاح البوسنة” الذي أدانته المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في العام 2016 بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقبل فترة وجيزة من الهجوم، نشر تارانت بيانا من 74 صفحة يحمل عنوان “الاستبدال العظيم”، والذي كانت فيه نبرته المعادية للأتراك أكثر وضوحا. وقد استعار تارانت عنوان بيانه من كتاب ألفه الكاتب الفرنسي رينو كامو ونشر في العام 2012.

في هذا الكتاب، تحدث كامو عما يعتبره خطرا يهدد السكان الأوروبيين المسيحين البيض، وتحديدا السكان الفرنسيين الكاثوليك، جراء الهجرة من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء.