بالأدلة.. السياحة تدفع ثمن الاستعراض العسكري في سيناء

- ‎فيتقارير

منذ يومين ماضيين تراجعت أخبار الحملة العسكرية الشاملة “سيناء 2018” في كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وبعد أن كانت تحتل صدارة التناول الإعلامي مدة أسبوع كامل تراجعت.. فما الأسباب وراء هذا التحول المفاجئ؟

ويبدو أن الحملة التي يمكن وصفها بالاستعراضية والتي أبرزت كل وسائل الإعلام طوابير المدرعات والشاحنات حققت قدرا من أهدافها الحفية والتي تتعلق بلفت الأنظار عن الفشل المتواصل في ملفات مياه النيل ومسرحية الرئاسة التي جعلت مصر أضحوكة العالم، كما وفرت مادة إخبارية للإعلام الذي كان يعاني قبلها لا سيما مع هامشية التناول الإعلامي لمسرحية الرئاسة بعد أن فرغتها الأجهزة الأمنية من مضمونها وحولتها إلى استفتاء معلوم النتائج. كما أنها ضيقت على أهالي سيناء وجوعتهم من أجل دفعهم إلى الهجرة لتمرير صفقة القرن.

لكن خبراء يحذرون من استمرار هذه الأجواء على قطاعي الاستثمار والسياحة، مؤكدين أن هذا من شأنه أن يضرب هذين القطاعين ويضاعف المعاناة المتواصلة أساسا منذ سنوات.

يقول الدكتور زين الشيخ، مستشار مصر السياحي الأسبق فى اليابان، إن عملية سيناء 2018، سوف تؤثر بالتأكيد على معدل التدفقات السياحية لمصر خلال الفترة المقبلة وخاصة فى مدن جنوب سيناء.

وأضاف الشيخ، في تصريحات صحفية، أنّ هذه العملية العسكرية سوف تؤدي إلى تفكير السائح الأجنبي أكثر من مرة قبل المجيء إلى مصر، وإذا كان ينوي زيارة مصر خلال الشهر الجاري أو المقبل مثلا فإنّه بالتأكيد سيؤجل هذه الزيارة حتى ينتظر نتائج هذه العملية، قائلًا “التأثير النفسي على الأقل هيخليه يؤجل زيارته”.

ويتفق معه مجدي البنودي، الخبير السياحي، مؤكدا أنّ عملية سيناء 2018 ستؤثر على السياحة في شرم الشيخ والغردقة بشكل خاص، والوادي والدلتا بشكل عام؛ لأن ذكر محاربة الإرهابيين فى أجزاء من الدلتا فى بيان القوات المسلحة، سوف يؤثر على القاهرة والجيزة، وكان من الأفضل عدم ذكرها في البيان.

وأوضح الخبير السياحي، أنَّ العملية العسكرية الحالية كبيرة وعلينا انتظار رد الفعل بعد انتهائها؛ لأن نتائجها ستؤثر على الحجوزات القادمة بالنسبة لمدن شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم.

السياحة ومزيد من المعاناة

ودليلا على معاناة السياحة من استعراض السيسي العسكري، أعلنت شركة مصر للطيران، أمس الثلاثاء 20 فبراير، تأجيل استئناف رحلات الطيران المنتظمة بين القاهرة وموسكو إلى الجدول الصيفي في أبريل المقبل، وبررت ذلك لحين الانتهاء مما وصفتها بالاستعدادات الملائمة لتحقيق نسبة الامتلاء على الرحلات، حيث لم يتم بعد طرح الطائرات للحجوزات وهو ما يستغرق بعض الوقت.

وهي التصريحات التي تؤكد عزوف السياح الروس من المجيء إلى القاهرة في ظل الظروف الراهنة وأجواء الحرب التي أعلنها السيسي وسط مخاوف من ردود فعل مؤلمة من جانب المسلحين في سيناء والدلتا ومعظم المحافظات المصرية.

ويعد القرار ضربة جديدة لقطاع السياحة الذي يعاني من ركود تام منذ سنوات، حيث كان القطاع يترقب بداية الرحلات المنتظمة بين القاهرة وموسكو ليتم بعدها التفاوض على عودة رحلات الشارتر لجميع المقاصد السياحية المصرية وصدور قرار رسمي من الرئيس فلاديمير بوتين بإلغاء حظر السفر عن المقاصد السياحية المصرية خاصة شرم الشيخ والغردقة.

وبحسب مراقبين فإن التأجيل المتكرر لعودة الرحلات المنتظمة مابين القاهرة وموسكو أصاب مستثمري قطاع السياحة بالإحباط؛ فبعد أن أعلن وزير النقل الروسى ماكسيم سوكولوف بداية الرحلات في أول فبراير تم تأجيلها إلى 6 من الشهر نفسه ليفاجىء القطاع السياحى المصري بتأجيلها للمرة الثانية إلى 20 من شهر فبراير الجاري، ثم تأجيلها للمرة الثالثة في أبريل المقبل وهو ما أثار استياء جميع العاملين بالسياحة.

ورهنت مصادر عودة السياحة بين البلدين إلى الانتهاء مما وصفتها بالانتخابات الرئاسية داخل البلدين. وبحسب مراقبين فإن المسئولين في البلدين لديهم أولويات أكثر أهمية من استئناف المحادثات حول عودة الرحلات الجوية وذلك لتمرير مسرحية الرئاسة في كلا البلدين والتي تتشابه إلى حد كبير.

ويعد قطاع السياحة ركيزة أساسية لاقتصاد مصر ومصدر رزق لملايين المواطنين وموردًا رئيسيًا للعملة الصعبة لكنه تضرر بشدة جراء سنوات الاضطراب السياسي عقب ثورة 2011 ، لكن معاناة القطاع تضاعفت بعد انقلاب 30 يونيو ثم أصيب بشلل تام بعد تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء 31 أكتوبر 2015م.

ووفقًا لوزارة السياحة بحكومة الانقلاب، فإن إيرادات قطاع السياحة زادت بنسبة 123.5 % إلى نحو 7.6 مليار دولار في 2017 مع زيادة أعداد السياح الوافدين إلى البلاد 53.7 % إلى نحو 8.3 مليون سائح والتي كانت قد وصلت إلى 12 مليون سائح في 2010 و11 مليونا في 2012م قبل الانقلاب.