بدعوى التقشف وتقليل النفقات العامة.. السيسي يبيع المواطنين للقطاع الخاص

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي تُهدر فيه حكومة الانقلاب أموال الشعب في مشروعات بلا جدوى اقتصادية تأكل مدخرات وأموال المصريين ليل نهار، وفي الوقت الذي تستولي فيه شركات الجيش على أراضٍ تقدر بـ800 مليار جنيه قيمة أراضي العاصمة الإدارية، وتضيفها لشركة تابعة لشركة “وطنية” التابعة لجهاز الخدمة العامة بالقوات المسلحة، وتحرم ميزانية الدولة من هذا المبلغ الضخم، وإنشاء المشاريع الترفيهية وشق تفريعة ثالثة لقناة بلا جدوى أو نفع حقيقي، يتهرب نظام السيسي من إدارة المرافق العامة والحيوية التي تخدم عامة الشعب، ويعتمد عليها المواطن البسيط بشكل أساسي، بدعوى تحقيقها خسائر، ببيعها تارة أو خصخصة أجزاء منها، وتسريع وتيرة إدارة تلك المرافق للقطاع الخاص تحت لافتة تشاركية القطاع الخاص، وتترك زمام الأمور في تلك المرافق للشركات والمستثمرين، الذين يضعون في المقام الأول المكاسب وفقط.

النهج الجديد بمثابة اعتراف بفشل الحكومة وترك المواطن فريسة، حيث وافقت حكومة السيسي مؤخرًا على تعديلات قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2010، فهل تتدخل الدولة لتحديد وفرض أسعار محددة أم تترك المواطن فريسة؟.

فجوة تمويلية

كان البنك الدولي قد أصدر تقريرًا توقع فيه معاناة مصر من فجوة تمويلية للبنية التحتية تقدر بـ230 مليار دولار خلال الـ20 سنة المقبلة، وشدد التقرير على أن مصر تحتاج إلى إشراك القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية الكبرى.

من جانبه اعتبر محمود العسقلاني، رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء”، أن هذه التعديلات ستكون مزعجة ومؤلمة جدا للمواطن، وستخلق حالة استعداء كبيرة بين المواطنين، لأنه في حالة تولي القطاع الخاص إدارة المرافق والخدمات العامة سترتفع أسعارها بشكل كبير، وهو ما سيمثل عبئًا إضافيا على المواطن.

فيما قال سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة الأسبق: إن عملية إدارة وتشغيل القطاع الخاص للمرافق العامة أمر شديد الخطورة، ويجب أن يتم من خلال آليات وضوابط ورقابة صارمة، كي لا نترك المواطن فريسة سهلة للقطاع الخاص، مشيرا إلى أنه إذا لم يتم تنفيذ الأمر بشكل صحيح، فسيعاني المواطن أشد المعاناة، لكون القطاع الخاص هو من سيحدد سعر الخدمة والجودة المقدمة.

تعديلات قانون

كان مجلس وزراء الانقلاب قد وافق على تعديلات قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2010، مع مراعاة الملاحظات التي طرحتها الوزارات المختلفة. على أن تشمل التعديلات «أعمال التصميم، والتمويل، والإنشاء، والتشغيل، والاستغلال، والصيانة، وإمكانية التعاقد على بعض منها أو جميعها».

وسبق أن تخلت الحكومة عن العديد من القطاعات الاستراتيجية التي تمثل أمنا قوميا، كالمواصلات العامة التي ابتلعتها شركات إماراتية “شركة مواصلاتي” وغيرها من خدمات السكك الحديد، ومستشفيات الصحة، وقطاع الأدوية الذي بات في قبضة شركة كابيتال وأبراج وغيرها، والتي زادت أسعارها بشكل كبير في الفترة الأخيرة.

واتجاه الحكومة للتخلي عن دورها الاجتماعي بدعوى التقشف وتقليل النفقات العامة، يقابله إسراف في مشاريع فنكوشية يعتمدها السيسي لرفع الروح المعنوية للشعب، كما في مشروع التفريعة الثالثة لقناة السويس.

كارثة أخرى

وفي سياق الفشل الحكومي الذي يديره السيسي، تصاعدت الخلافات بين مصر والمؤسسات المالية الدولية، إذ لم يعد الأمر مقتصرا على الخلافات مع صندوق النقد، بل امتدت لتصل إلى البنك الدولي الذي وضع عدة شروط لمنح نظام السيسي قرضا بمليار دولار، أهمها رفع أسعار الوقود.

وكان صندوق النقد الدولي قد طالب مصر مؤخرًا بتنفيذ تعهدات قطعتها على نفسها برفع أسعار الوقود، حسب الاتفاقات السابقة، لمنح البلاد الشريحة الخامسة من القرض المتفق عليه مسبقا.

وبحسب خبراء، فإن الشروط تعرّض مصلحة الطبقة الفقيرة في مصر للخطر. وتوقعت دراسة أن يصل عدد الفقراء إلى 75 مليون مواطن؛ بسبب ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية وتراجع معدلات النمو وتحريك أسعار الصرف.

وهكذا يدفع المواطن المصري البسيط ثمن الفشل الاقتصادي لجنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي، فيما تتزايد الكوارث المجتمعية في ظل حكم السيسي لمصر.