تجاهل نظام الانقلاب أزمة سد النهضة يهدد بصراع مسلح مع إثيوبيا

- ‎فيتقارير

مؤخرا، أحدثت أزمة سد النهضة أزمة داخل الحكومة الانقلابية؛ حيث تسبب تراخي وزارتي الري والخارجية بحكومة الانقلاب ازاء ضغوط الدائرة المقربة من السيسي والاجهزة المخابراتية في نتقادات واسعة للمسئولين عن الملف.

وأفادت تقارير مخاراتية بأن الوضع السياسي والاقتصادي والامني في الداخل الاثيوبي يشير الى امكانية تقبل الضغط المصري في تلك المرحلة.

وقالت مصادر إعلامية، إن تقريرا رئاسيا وصلت نسخة منه إلى وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب، انتقد التعامل مع ملف أزمة السد، وعدم استغلال الأزمات الداخلية التي تمر بها إثيوبيا، لإحداث تقدم بشأن التخوفات والملاحظات المصرية على عمليات بناء السد.

وهو ما دفع رئيس الوزراء الانقلابي مصطفى مدبولي، للقاء رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد على هامش القمة الأفريقية الاستثنائية في أديس أبابا، للتباحث حول دفع المفاوضات المشتركة حول السد.

وقال مدبولي في تصريحات للوفد الإعلامي المرافق له، أنه تم التوافق خلال لقاء نظيره الإثيوبي على إنشاء صندوق بين مصر وإثيوبيا والسودان، وسيُعقد اجتماع لمحافظي البنوك المركزية في الدول الثلاث للاتفاق عليه.

بدوره، أشار رئيس الوزراء الإثيوبي، خلال اللقاء بحسب الجانب المصري، إلى الالتزام بمتابعة واستكمال المحادثات الفنية بين الجانبين على كل المستويات، لـ”تحقيق التفاهمات المنشودة فيما يتعلق بسد النهضة لما في صالح الشعبين والبلدين”.

دوامة الوقت

وتؤكد مصادر مصرية دبلوماسية، أن الجهد المصري في الوقت الراهن منصبّ على ضرورة الوصول لاتفاقات مكتوبة مع الجانب الإثيوبي، وعدم الدخول في دوامة الوقت التي يراهن عليها لتجاوز أزماته الداخلية، مشددة على أن “هذه هي الفترة الأنسب للضغط على أديس أبابا للحصول على تعهدات مكتوبة، في إطار اتفاق رسمي بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا”.

فيما تشير التقارير الدولية الى ان سد النهضة بات امرا واقعا، وعلى مصر البحث عن تجاوز الضغوط الخطرة التي يسببها السد، حيث ان خطورة مشروع سد النهضة الإثيوبي، تكمن في أنه سيمنح أديس أبابا صلاحية التحكم في تدفُّق مياه النيل الأزرق، في خطوة من شأنها أن تُحدِث تحولاً في ميزان القوى بالمنطقة.

وبدأت إثيوبيا عمليات بناء سد النهضة، على نهر النيل الأزرق قُرب الحدود الإثيوبية – السودانية في 11 إبريل 2011، ومنذ ذلك الحين تتخوّف مصر من تأثيره على كميات المياه المتدفقة إليها، خاصة أن النهر يمثّل شريان الحياة بالنسبة لها، الأمر الذي تنفيه أديس أبابا وتؤكّد أن السد يخدم خطط التنمية لكل الأطراف.

ويكمُن الخلاف بين مصر وإثيوبيا في الفترة الزمنية لملء خزان السدّ، بما لا يضرّ بالحصة التاريخية لمصر من مياه نهر النيل، التي تقدر بـ55 مليار متر مكعب حيث إنه إذا تم تشغيل الخزان خلف السدّ بمستويات عالية، فستنتج عن ذلك خسائر كبرى بسبب عمليات التسرُّب والتبخر.

ومن المرجخ أن يبلغ صافي الخسائر الإضافية الناجمة عن السدّ، 60 مليار متر مكعب على مدى 10 سنوات من بدء تشغيله، إذا تم وفقاً للمعايير الإنشائية والتشغيلية الحالية.

ورفعت إثيوبيا قوة توليد طاقة السد إلى 6 آلاف و450 ميجاوات، وأعلنت أن وحدتين من وحدات السدّ ستبدآن إنتاج الطاقة نهاية هذا العام، فيما تم إنجاز نحو 67 بالمئة من مراحل بنائه إلى الآن.

فشل متواصل

واعتبرت مؤسسة The Atlantic Council الأميركية أن مشروع سد النهضة الإثيوبي ماضٍ في طريقه، ولا بد من أن تستعد القاهرة لهذا الوضع القادم، في الوقت نفسه وضعت المؤسسة حلولاً أمام مصر كي تتلافى الخسائر القادمة من هذا السد، ومن أجل استكمال التنمية.

وقالت المؤسسة الأميركية إنه على مدى عقود من الزمان، سلَّطت مصر تركيزها في المقام الأول على سياستها الخارجية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأهملت خلال هذه العملية سياستها الخارجية تجاه منطقة القرن الإفريقي. وفي غضون ذلك، بدأت إثيوبيا في تشييد سد النهضة الإثيوبي الكبير على نهر النيل.

فيما تتواصل المشاكل التي تواجهها مصر فيما يتعلق بنهر النيل؛ نظراً إلى أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة والآثار العامة للتغير المناخي تتطلَّب جميعها استجابةً في مواجهة احتياجات المياه المتزايدة، وتعتبر مصر دولة شحيحة المياه.

فيما تكتفي مصر بمنع ما يصل إلى 75% من إنتاج الأرز في البلاد؛ استعداداً لنقص المياه المُتوقَّع، ودخول الجيش للسبوبة بالتوسع في انشاء الابار الجوفية وانشاء محطات تنقية ومعالجة مياه الصرف الصحي.

2018 عام المواجهة

صراع مسلح

كما توقع معهد “كارنيجي” للأبحاث والدراسات أن يشهد عام 2018 المزيد من التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن بناء سد النهضة الإثيوبي، لاسيما وأن أديس أبابا تبدأ استعداداتها لملء خزانات السد، كما لفت التقرير إلى إمكانية حدوث صراع مسلح في منطقة القرن الإفريقي بسبب مواجهة مصر نقص حاد في سد احتياجاتها المائية.

ووفقًا للتقرير، لم تكن الحكومة المصرية في منأى عن هذه التحديات الوشيكة، لكن عدم الاستقرار السياسي الذي شهدته مصر منذ 2011 أعاق فعالية القاهرة الدبلوماسية والإقليمية لإيجاد مخرج مناسب، بالإضافة إلى أن المصريين لم يحاولوا ترشيد ممارساتهم المتعلقة باستخدام المياه مثل طرق الري بالفيضانات القديمة واستبدالها بالتنقيط.

وأوضح أن مصر هي واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من الفقر المائي في العالم، لأنها تعتمد بشكل كلي على مياه نهر النيل في سد احتياجاتها المائية، لكن التقرير أقرّ بأن نحو 85% من المياه التي تتدفق إلى مصر هي في الأصل أمطار سقطت في المرتفعات الإثيوبية.

وتتوقع إحدى الدراسات التي أجرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية أنه مع مرور فترة زمنية تتراوح بين 5 و 7 سنوات، يمكن أن ينخفض تدفق المياه العذبة في النيل إلى مصر بنسبة 25%، مما سيؤدي إلى خفض حصة مصر من المياه، كما سيؤثر على قوة الكهرباء الناتجة من السد العالي بأسوان.

ووفقًا لمركز كارنيجي، هناك تقارير تفيد بأن القاهرة قد تلجأ إلى خيارات صعبة لتحقيق ما لم تنجح فيه الدبلوماسية حتى الآن، فمن غير المستبعد أن تعد مصر خيارات احتياطية أكثر تطرفًا للضغط على إثيوبيا وجذب الاهتمام الدولي إذا فشلت جهودها السلمية.