تصريحات صادمة لوزير البترول بحكومة العسكر تمهد لارتفاع جنوني في الأسعار

- ‎فيأخبار

في رسالة لا تخفى دلالتها تتواصل الحملة الإعلامية التي يرعاها رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي وأركان حكومته حول الإلحاح على أن أسعار البنزين والوقود بصفة عامة في مصر أقل من نظيرها في بلاد أخرى كثيرة، وزيادة في التأكيد على “تدليل” المواطن في مصر من قبل الحكومة، يقولون إن أسعار الوقود في دول الخليج التي تنتج النفط هي نفسها أعلى من أسعاره في مصر التي تستورده، ويضربون لك المثل بمقارنة أسعار الوقود في الامارات أو السعودية أو قطر أو الكويت، وأحيانًا في أمريكا أو غيرها من الدول.

تصريحات صادمة

وكان آخر هذه البروباجندا التصريحات التي أدلى بها طارق الملا، وزير البترول البترول والثروة المعدنية بحكومة الانقلاب، اليوم الأربعاء 12 ديسمبر 2018م، بتصريحات صادمة تمهد لارتفاع جنوني في أسعار الوقود؛ حيث قال إن سعر لتر البنزين والسولار في الدول الأوروبية، يعادل 30 جنيها مصريا بعد تحرير أسعاره في القارة العجوز، متجاهلا الفروق الضخمة في الدخول بين أوربا ومصر.

وادعى الملا، خلال مداخلة هاتفية مع عزة مصطفى ببرنامج “صالة التحرير” والمذاع على قناة “صدى البلد”، أنه لا يوجد دعم للمحروقات نهائيا في الدول الأوروبية، وهي تعمل على الاستخدام الأمثل للوقود. وتابع وزير البترول: “المواطن الأوروبي يفضل وسائل النقل الجماعي سواء مترو الأنفاق أو غيره عن استعمال السيارة الخاصة بهدف التوفير”، موضحا أن سعر البنزين في أمريكا أرخص من الدول الأوروبية حيث يصل متوسط السولار والبنزين في الولايات المتحدة 15 جنيها”.

بطبيعة الحال، هذا قصف إعلامي مركز واضح تمهيدا للقرار المرتقب برفع أسعار الوقود في مصر مرتين خلال الشهور المقبلة ترجمة لأوامر وشروط صندوق النقد الدولي. فرفع أسعار الوقود سيتم حتما والخلاف حول التوقيت فقط وليس في طبيعة القرار والأرجح أن يتم تأجيله لما بعد شهر يناير المقبل.

وهو ما أكدت عليه تصريحات سابقة لوزير البترول وذلك خوفا من احتجاجات شعبية عارمة خصوصا في ظل اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير التي انقلب عليها العسكر ويصرون على محو كل ما يتعلق بها. إضافة إلى مخاوف النظام من انتقال عدوى الاحتجاجات الفرنسية التي تقودها حركة أصحاب “السترات الصفراء” إلى الشارع المصري المحتقن أصلا جراء السياسات الاقتصادية القاسية التي لا تراعي الأبعاد الاجتماعية ودفعت بعشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر.

تدليس متواصل

ويعتبر مراقبون ومحللون هذه الحملات التي تقارن بين أسعار الوقود في مصر وغيرها من بلاد العالم، شديدة السخافة والجهل ووخارج حدود أي منطق أو عقل، ومحاولة دؤوبة لاستغفال للناس؛ لأن أسعار كل شيء في أي بلد يرتبط بمتوسط الدخل للأسرة، ومتوسط الرواتب، التي تتيح للمواطن قدرة شرائية، أو قدرة على استئجار، أو أسعار المواصلات، أو الخدمات العامة، أو أي تعاملات حياتية.

وهؤلاء الذين يقارنون بين أسعار الوقود في الإمارات مثلا، بأسعاره في مصر، لكي يقولوا إنه أرخص في مصر من البلاد التي تنتجه، يتعمدون إخفاء اللوحة الكاملة التي ترى فيها أسعار الوقود في الامارات أو قطر أو السعودية، ففي الإمارات على سبيل المثال متوسط الدخل الشهري للأسرة يصل إلى اثنين وأربعين ألف درهم إماراتي، أي أكثر قليلا من مائتي ألف جنيه شهريا.

بينما متوسط دخل الأسرة في مصر يتراوح حول مائة وستة وأربعين دولارًا، أي أكثر قليلا من ألفين وستمائة جنيه، وبالتالي فعندما يكون سعر لتر البنزين في دبي يصل إلى ما يعادل عشرة جنيهات، فهو لا يفرق كثيرا مع دخل شهري لأسرة المواطن يصل إلى مائتي ألف جنيه، ولكن نفس هذا السعر للتر البنزين يكون ظالما وباهظ الثمن ومدمر اوخراب بيوت في مصر؛ لأن الراتب أقل من راتب نظيره في الإمارات مائة مرة، أي أن العدل في المقارنة يقتضي أن يكون سعر الوقود في مصر أقل من سعره في الإمارات مائة مرة.

مستويات الدخل

والمؤسف هنا أن متوسط الرواتب ودخل الأسرة في مصر هو أدنى بكثير من نظيره في أغلب دول العالم ، ولا مجال لمقارنته بالوضع في دول الخليج؛ حيث البون شاسع، لأن متوسط الراتب الشهري في الإمارات على سبيل المثال 3235 دولارًا، وفي قطر 2959، وفي الكويت 1906، وفي السعودية 1725، بل إنه حتى في دول إفريقية، كانت تعيش على المعونات حتى وقت قريب، الحال افضل من مصر، فمتوسط الرواتب في رواندا ـ على سبيل المثال ـ هو 265 دولارًا شهريًّا، أي قرابة ضعف الرواتب في مصر.

وبشكل عام فإن متوسط الرواتب في ناميبيا وزيمبابوي وكينيا وأثيوبيا وأوغندا وتنزانيا وموريشيوس أفضل من مصر بأضعاف؛ لأن الجميع من حولنا كان يخطط ويعمل ويتطور، بينما في مصر توارثتنا نظم وحكومات تحترف بيع الكلام وتسويق الأغاني الوطنية الصاخبة، وأفيونة حضارة سبعة آلاف سنة، فتقدم الجميع من حولنا، وبقيت مصر تعيش في عالم الأوهام.