تعرف على مسئولي المخابرات الذين يركبون المذيعين ويديرون الفضائيات

- ‎فيغير مصنف

حينما نفى مذيعون وممثلات التقرير الذي نشرته نيويورك تايمز عن اتصال ضابط مخابرات بهم لتوجيههم لما يقولونه في موضوع القدس والانتخابات الرئاسية وغيره، وينفون وجود اسم ضابط باسم “أشرف الخولي”، ظهر فيديو من العام الماضي للميس الحديدي مع برنامج “أبلة فاهيتا” يؤكد وجود ضابط بهذا الاسم أعطى “الحديدي” تعليمات مثل باقي المذيعين.

بل خرجت أصوات أخرى منها “أشرف السعد” صاحب شركة توظيف الأموال الهارب في لندن والداعم للسيسي، ليؤكد أن ضباط المخابرات على اتصال دائم به وبالإعلاميين، ويطالبونه بإجراء مداخلات في الفضائيات لدعم السيسي وأنه يفتخر بذلك.

ما كشفته التسريبات ليس جديدا لأن المخابرات (حربية وعامة) والشئون المعنوية ومكتب الإعلام في الداخلية وغيرها من الجهات على اتصال دائم بالإعلاميين والكتاب والفنانين والرياضيين وكل المشاهير، والتوجيهات متواصلة منذ اختراع هذه الأجهزة الرسمية، ولكن الجديد هو كشف من الذي يدير الإعلام في هذه المرحلة، وتغول دور الجيش في كل شيء يخص الإعلام.

والأهم الذي كشفه تسريب تسجيلات صوتية، هو استمرار الصراع بين الأجهزة في مصر على السيطرة على وسائل الإعلام، وهو صراع قديم متواصل ومحتدم، سببه الوحيد فرض النفوذ، وكل مرحلة كانت تتميز بأسماء شخصيات ومسئولين بالمخابرات هم المسئولون عن الاتصال بالصحفيين والمذيعين.

وهي بالمناسبة أسماء حركية ليست حقيقية إذ اعتاد ضباط المخابرات وأمن الدولة الاحتفاظ بأسماء وهمية لهم في اتصالاتهم مع الآخرين لأسباب أمنية، لهذا حرص أعلام السلطة على نفي وجود ضابط في سجلات ضباط المخابرات بهذا الاسم(!).

وحين كان عبد الناصر يدير مصر كانت عملية إدارة الصحفيين والإعلاميين سهلة لعدم وجود فضائيات خاصة ولسيطرة الدولة على كافة وسائل الإعلام، فكان يقوم بها سكرتيرو وزير الإعلام، واستمر الأمر في عهد السادات علي نفس المنوال، حيث كانت تصدر التعليمات من مكتب وزير الإعلام الذي يتحرك بدوره بتعليمات أمنية، وواكب ذلك فضائح “السيطرة” على طريقة الرائد موافى (صفوت الشريف) في الستينيات، والذي تولي الدور نفسه كوزير إعلام في عهد مبارك.

وكانت التعليمات تصدر للجميع ومنهم محمد حسنين هيكل وموسى صبري وعلي حمدي الجمال وإبراهيم نافع ومحسن محمد وأنيس منصور ومحمد عبد الجواد ومحفوظ الأنصاري وسمير رجب وأمينة السعيد وصبري أبو المجد وتماضر توفيق وهمت مصطفى وصفية المهندس.

وأيضا كل رؤساء ومدراء تحرير باقي الصحف والمجلات المصرية كانوا يأتمرون بأوامر وتعليمات أجهزة نظام حكم كل من عبد الناصر والسادات ومبارك يوما بيوم. والتعليمات كانت إما عن طريق الرقباء المعينين أو بواسطة الاتصالات الهاتفية، وإما برسائل مكتوبة ترسل وعلى المظروف الخارجي عبارة (سري وشخصي ولا يفتح إلا بيد المرسل إليه).

ويقول الناشط حازم عبد العظيم -الذي كان في فريق مخابرات السيسي الإعلامي ثم انقلب عليه- إن ما ذكرته نيويورك تايمز أن هناك ضباطا آخرين غير أشرف الخولي كانوا يركبون المذيعين المصريين منهم لواء مخابرات عامة اسمه “مؤمن حلمي” كان يمسك الإعلام، وتخصصه تشويه معارضين والتطبيل للسيسي، ولكن تم الاستغناء عنه منذ عدة أشهر.

وما ذكره “عيد العظيم” يؤكد أن هناك انتقالا في السيطرة على الإعلام من المخابرات العامة إلى المخابرات الحربية، يتواكب مع سعي شركات المخابرات الحربية مثل فالكون وتواصل المتفرعة منها لشراء العديد من الفضائيات بمبالغ خيالية بهدف السيطرة الكاملة على الفضائيات وعدم الاكتفاء بإصدار تعليمات.

وهناك أنباء عن أن هناك ضباطا أعلى رتبة هم من يركبون ويديرون مذيعين كبار مثل عمرو أديب، حيث تعطي لهم تعليمات بمحاولة إظهار نوع من التنفيس للشارع الغاضب مثل الحديث عن ارتفاع الأسعار أو انتقاد بعض حالات تعذيب الشرطة لمسجونين وقتلهم مثل “عفروتو”، ولكن التعليمات المخابراتية الحربية سرعان ما تظهر في تعليقات “أديب” وإلقائه شعرا في السيسي والجيش وخدماتهم لمصر.

والأكثر خطورة فيما يخص تولي المخابرات الحربية ملف توجيه المذيعين كما ظهر في التسريب الأخير أن التعليمات التي أصدرها ضابط المخابرات الحربية أشرف الخولي لبعض الإعلاميين بشأن معالجة ملف القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، هو الكشف عن عقيدة الجيش الجديدة فيما يخص القضية الفلسطينية وأنها لم تقتصر على اعتبار أن حماس هي العدو لا إسرائيل بل ترى أن القدس من حق الاحتلال!

وحسب تسريبات الصحيفة الأمريكية قال الخولي لمقدمي البرامج، إن مصر ستدين القرار في العلن “كبقية أشقائنا العرب، لكنه أضاف أنه ليس من مصلحة مصر الصراع مع إسرائيل، وقال لمقدمي البرامج إنه بدلاً من إدانة القرار عليهم إقناع مشاهديهم بقبوله.

واقترح بأنه على الفلسطينيين أن يقنعوا ويكتفوا بمدينة رام الله الكئيبة في الضفة الغربية، التي توجد بها السلطة الفلسطينية، متسائلا: “فيم تختلف القدس عن رام الله؟ حقاً؟”.

وتؤدي البرامج الحوارية التلفزيونية دورًا كبيرًا في تشكيل النقاشات العامة في مصر، وعادة ما توفر أجهزة الاستخبارات المصرية موجزًا لمقدمي البرامج حول الرسائل التي يجب إيصالها إلى الجمهور، ويفضل مقدمو البرامج عادة تقديم تلك المحادثات كحوارات بين صحفيين ومصادر معلومات.

وينطبق الأمر نفسه على الصحف التي تصدر أحيانا بالعناوين نفسها ما يؤكد إملاءها عليهم ونشرها كما هي، في ظل تعيين صحفيين موالين للانقلاب، وظيفتهم نشر ما يملى عليهم لا ممارسة مهنة الصحافة.

ووصل الأمر لفتح مساحات لضباط الجيش لكتابة مقالات أبرزهم المتحدث السابق باسم الجيش الذي يكتب مقالا يثير السخرية في صحيفة اليوم السابع التي باتت مملوكة بالكامل للمخابرات وفق عقود “ايجل كابيتال” الأخيرة.

أيضا تم وضع رجال المخابرات على رأس من يدير الشركات التي اشترت الفضائيات ومنهم رجل المخابرات الحربية (ياسر سليم) الذي عين كعضو منتدب ومدير تنفيذي لمجموعة قنوات الحياة، والعاصمة وراديو المخابرات بعد شراء المخابرات عبر شركة “تواصل” التابعة لـ”فالكون” قنوات الحياة، والعاصمة، وانضمت مجموعة شركات (بلاك أند وايت) للشركة القابضة التي سيدرها ياسر سليم، مع هالة سرحان رئيسًا لشبكة الحياة، ووليد حسنى رئيسًا لشبكة العاصمة وخالد حلمى رئيسا لراديو D R N.