تفريعة القناة.. نكتة بايخة أطلقها العسكر ودفع ثمنها المصريون

- ‎فيتقارير

صدق أو لا تصدق أن سد النهضة بمنشآته وتوربيناته تكلف 4 مليارات و200 ألف دولار فقط، وتنتظر إثيوبيا منه أن ينهض بالزراعة ويوفر فرص عمل لآلاف الشباب، فضلا عن بيع كميات كبيرة من الكهرباء التي سيتم إنتاجها، في حين أن “نكتة بايخة” للعسكر اسمها “تفريعة قناة السويس الجديدة”، كان الغرض منها كما اعترف السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، رفع الروح المعنوية للشعب، تكلفت نحو 65 مليار دولار ولا تصلح إلا لتربية البط.

وتغير كلام السفيه السيسي عن مشروع تفريعة قناة السويس، التي كان يصر على جدواها الاقتصادية، ففي حواره الأخير مع الشباب في جامعة القاهرة، اعترف بأن حجم التكلفة الكبير لإتمامها في عام، الذي بلغ 64 مليارا، كان “لرفع الروح المعنوية للمصريين”، ما علق عليه ناشطون “يعني هتكتب في الموازنة العامة 67 مليار جنيه بند رفع الروح المعنوية للشعب”.

اسأل السفيه!

وعمد السفيه السيسي، في أوقات سابقة، إلى تزوير الأرقام المتعلقة بإيرادات قناة السويس، لتبرير المليارات التي أهدرها على حفر “التفريعة الجديدة” في عام 2015، بتواطؤ من رئيس هيئة القناة، الفريق مهاب مميش، الذي أيده في الأرقام المغلوطة التي قالها عن إيرادات القناة، خلال جلسة “اسأل الرئيس” بفعاليات مؤتمر الشباب المنعقد بجامعة القاهرة.

وقال السفيه السيسي، أمام الحضور: إن “هناك زيادة تترواح ما بين 2 و3 في المائة إلى 5 في المائة في الإيرادات السنوية للقناة، بما يصل إلى 600 مليون دولار سنويا، ويعادل 14 مليار جنيه، بشكل يغطي تكلفة حفر التفريعة الجديدة، والتي وصلت حينها إلى ما يعادل 8.4 مليار دولار”، وهو الحديث الذي صدق عليه مميش، بل والادعاء بأن تكلفة حفر “التفريعة” لم تتجاوز 20 مليار جنيه.

وتنسف الأرقام الرسمية، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كل الأكاذيب التي رددها السفيه السيسي ومميش، إذ بلغت قيمة شهادات الاستثمار المحصلة من المواطنين لحفر “التفريعة الجديدة” نحو 64 مليار جنيه، فضلاً عن أن مبلغ 600 مليون دولار الذي ادعى السفيه السيسي أنه يساوي 14 مليار جنيه هو أمر غير صحيح، كونه لا يعادل سوى 10.8 مليار جنيه.

وتظهر البيانات الرسمية تراجع إيرادات قناة السويس بنحو 19.6 مليون دولار في يناير الماضي، بانخفاض قدره 4% على أساس شهري، لتبلغ 451.9 مليون دولار، في مقابل 471.5 مليون دولار عن ديسمبر السابق له، وكذلك إلى 462.7 مليون دولار في نوفمبر 2017، انخفاضا من 473.9 مليون في أكتوبر السابق له.

ويتحايل مميش بإعلان أرقام إيرادات القناة الدولارية بعد حسابها بالجنيه المصري، الذي فقد أكثر من 70 في المائة من قيمته منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، لإظهار ارتفاعها وفق البيانات الصادرة عن هيئة القناة، وهو ما يعد تزييفا للحقائق كشفه المصريون في حينه، في ضوء تداول أخبار انخفاض الإيرادات قياسا بالدولار على المواقع الأجنبية.

وتكشف الأرقام الرسمية انخفاض عدد السفن التي تمر بالقناة من عام إلى آخر؛ نظرا لتراجع حركة التجارة العالمية، ففي الوقت الذي لم تصدر فيه إحصائية مدققة عن أعداد السفن العابرة للقناة في عام 2017، فقد بلغت 16 ألفا و933 سفينة في عام 2016، نزولاً عن 17 ألفا و483 سفينة في عام 2015.

قناة الوهم!

وتراجعت إيرادات القناة من 5.37 مليار دولار في العام المالي (2014 /2015)، إلى 5.13 مليار دولار في العام المالي (2015 /2016)، ثم إلى 5.01 مليار دولار في العام المالي (2016 /2017)، وهو ما يكشف زيف ادعاءات السفيه السيسي ومميش، اللذين يعملان على ترويجها طوال الوقت، للتستر على إهدار سلطة الانقلاب الحاكمة للمليارات من أموال المصريين.

واتجهت حكومة الانقلاب لاقتراض 5 مليارات دولار، لسداد مستحقات حاملي شهادات تفريعة قناة السويس الجديدة، في ضوء حلول موعد سداد أصل الشهادات العام المقبل، وعدم وجود سيولة مالية لدفعها للمستحقين؛ نظرا لأن القناة الجديدة لم تحقق العائد المرجو منها.

وأوضحت مصادر مطلعة تحدثت لـ”العربي الجديد”، أن اتجاه حكومة السيسي لاقتراض 5 مليارات دولار، أي ما يعادل نحو 94 مليار جنيه مصري، بما يزيد على قيمة أصول الشهادات للتغطية على الخسائر الناتجة عن سداد عائد الشهادات، الذي يُصرف كل بشكل ربع ربع سنوي بفائدة 12% على مدار خمس سنوات، ويقدر بنحو 1.5 مليار جنيه مصري.

وفي نهاية حلقة العزف على آمال وأحلام الغلابة، والتلاعب بمشاعر المقهورين من أبناء هذا الشعب، الذي طالما وقع فريسة لمنظومة من المشاريع عَلّق عليها أماني السنين وطموحات المستقبل، ها هي الملايين من أبناء أرض الكنانة تتعرض لصدمة جديدة تزلزل خيالها الواسع في أن تكون “التفريعة الجديدة” لقناة السويس، الحل السحري الذي ينتشلهم من واقعهم المعيشي المؤلم، وذلك عقب تصريحات مميش بتراجع إيرادات التفريعة.

العديد من التساؤلات تطل برأسها وتبحث عن إجابة: أين ذهبت الـ64 مليار جنيه التي جُمعت من الشعب لتمويل التفريعة الجديدة على أمل استردادها من إيرادات القناة بفائدة هي الأعلى محليًا والتي بلغت 12%؟ وأين ذهبت المليارات التي تم اقتراضها من البنوك والتي تجاوزت 1.4 مليار دولار لتمويل هذا المشروع؟ ويبقى السؤال الأخطر الذي يداعب أذهان الملايين من المصريين: هل تحولت تفريعة قناة السويس الجديدة إلى “فنكوش” آخر يضاف إلى منظومة المشروعات الوهمية التي تلاعبت فيها عصابة الجنرالات بأحلام الشعب؟!