تمهيدًا لتوريد “الصيني”.. اختفاء الأرز المصري من مخازن التموين

- ‎فيتقارير

بعد حظر حكومة الانقلاب زراعة الأرز، بزعم أنه يستهلك مياه كثيرة، ما يؤثر على حصة مصر من مياه النيل في الاستفادة منها في زراعات أخرى أكثر أهمية، والاعتماد على صفقات الأرز المشبوهة التي لا يعرف المصريون مصادرها، أو مدى تأثيرها على سلامة وصحة المواطنين، قامت حكومة الانقلاب فعليا بإخفاء الأرز المصري، تمهيدا لاستبداله بالارز الصيني، الذي تحدث خبراء زراعيون عن خطورته.

كما يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان “تموين الانقلاب” بدء توزيع المكرونة على بطاقات التموين مع مقررات شهر يناير 2019.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن محمد عطية، عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، وجود عجز في كميات الأرز الموردة لمخازن الهيئة العامة للسلع التموينية الحكومية، تصل بنسبة 90%، الأمر الذي أدى إلى اختفاء الأرز من معظم البقالات التموينية، مع بداية ديسمبر الجاري.

وكانت مصر تنتج من الأرز 4.5 ملايين طن سنويا، تستهلك منها 3.5 ملايين، والباقي يتم تصديره، لكن الإنتاج قل مع تقليص المساحات المزروعة بهذا المحصول.

وأكد عطية، أن الأزمة ستتراجع خلال يناير المقبل، نتيجة الاعتماد على طرج الأرز المستورد، مضيفا أن “وزارة التموين تُجري اختبارات الطهي هذه الأيام لعينات من الأرز المستورد، للتأكد من مطابقة مذاقه مذاقَ الأرز المصري”.

كما بدأت وزارة التموين في حكومة الانقلاب من طرح المكرونة في محلات البقالة والجمعيات لصرفها بديلا عن الأرز، بعد حظر زراعته.

وبالرغم من الشكوك التي تدور حول استيراد هذا النوع من الأرز، وخطره على الصحة العامة، إلا أن حكومة الانقلاب تصر على استيراده، حتى أنها تقوم بعمل تجارب لأول مرة من نوعها على طبخ هذ النوع من الأرز.

وقامت حكومة الانقلاب في نهاية نوفمبر بفحص العروض المقدمة من 14 شركة لاستيراد الأرز الصيني والفييتنامي والهندي، والتي تقدمت في مناقصة استيراد الأرز من الخارج، وذلك لسد الفجوة الغذائية، من خلال طرحها على البطاقات التموينية بسعر 8 جنيهات للكيلوجرام.

إلا أن معامل الأغذية رفضت العينات المقدمة من الشركات الموردة للأرز الهندي، والبالغ عددها 9 شركات، لعدم مشابهتها مذاق الأرز المحلي وطعمه، فيما وافقت المعامل والمراكز البحثية على عينات عروض 5 شركات موردة للأرز الصيني.

الأرز الصيني

وقال محمد عطية إن المخازن الفرعية للشركة العامة لتجارة الجملة، و مخزن شركة النيل للمجمعات الاستهلاكية الحكومية، لم يصلها أي أرز حتى الآن لصرف المقررات التموينية، وتم التأكد من عدم وصول أي كميات أرز تمويني حتى الآن.

وزعم رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز في اتحاد الصناعات المصرية، علمه بوجود أزمة في الأرز التمويني هذا الشهر من منطلق أن وزارة التموين هي المعنية بذلك، مشيرا إلى أن التجار المتعاقدين مع هيئة السلع التموينية سيوردون شحنات من الأرز المصري لمخازن الوزارة، بدءا من الأسبوع المقبل.

إلا أن مسئولا في أحد منافذ توزيع السلع التموينية أنهم “في انتظار الأرز الصيني مع بداية الشهر المقبل”.

وقال المسؤول في الشركة القابضة للصناعات الغذائية، إن أحد أسباب الأزمة يرجع إلى ضعف الكميات الموردة من المزارعين للمضارب التابعة لقطاع الأعمال، والتي حددت سعر استلام طن الأرز الشعير من الفلاحين ما بين 4500 و4700 جنيه للطن، في حين أن مضارب القطاع الخاص تعرض 6 آلاف جنيه للطن، وهو ما حسم المنافسة لصالح القطاع الخاص.

الأمر الذي أدى بحسب المسئول إلى توقف مضارب قطاع الأعمال، لتعجز هيئة السلع التموينية عن توفير ما يغطي احتياجاتها من مضارب الحكومة، حيث لم يتعد متوسط التوريد لمضارب قطاع الأعمال هذا العام 3 آلاف طن أرز شعير، في حين وصل إلى 50 ألف طن عام 2013.

وأمر عبد الفتاح السيسي باستيراد الأرز، في شهر يوليو الماضي لسد العجز، فيما وصف نقيب عام الفلاحين حسين عبد الرحمن أبو صدام، قرار الحكومة باستيراد الأرز، بالنكسة، موضحا أن “حيتان الاستيراد يحركون مركب الحكومة نحو الغرق”.

تجاهل التحذيرات

وبالرغم من تحذير نقيب الفلاحين من الاعتماد على الأرز الصيني وحظر زراعة الأرز المصري، مؤكدا أن هناك بدائل أخرى عن الاستيراد منها ما يعرف بالأرز الجاف، وهو صنف مستحدث من أصناف الأرز يُسقى كل خمسة عشر يوما وينضج مبكرا في غضون مائة وعشرين يوما.

وتسببت أزمة سد النهضة الإثيوبي في رفع أسعار الأرز في مصر، عقب إصدار الحكومة قراراً بتقليص المساحة المزروعة إلى 724 ألف فدان من الأرز هذا العام، وهي مساحة تشير تقديرات متخصصين بالقطاع إلى أنها أقل من نصف مستوى 2017 البالغ 1.8 مليون فدان.

منعت حكومة الانقلاب 18 محافظة من أصل 27 محافظة من زراعة الأرز، الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة للمزارعين.

وأكد خبراء زراعيون أن لجوء حكومة الانقلاب إلى الاستيراد من الخارج لسد الفجوة الغذائية بسبب تقليص مساحة الأرز، سيرفع من أسعاره للمستهلك المحلي، وسيسهم في احتكاره من قبل كبار المستوردين، معتبرين أن قرار تقليص مساحة الأرز “ظلم الفلاح”، كونه تسبب في إغلاق كثير من مضارب الأرز التي ضخت فيها استثمارات كبيرة، في وقت لم تقدم الحكومة بديلاً للمزارعين.

وحذر إسماعيل تركي، مستشار وزير التموين الأسبق، من استيراد الأرز الصيني، حيث إنه يحتوي على نسبة عالية من العناصر الثقيلة التي تسبب السرطان.