«جمهورية الخوف».. هل سمعت عن دولة في العالم تحتفل بافتتاح سجن؟

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي تحتفل فيه عصابة الانقلاب العسكري، عبر وسائل إعلامها التي تدار بمعرفة الأجهزة الأمنية، بما يسمى بـ"أكبر مجمع سجون في مصر"، وهو ما لا يجيد السفاح السيسي غيره، عقب الانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، تواصل عصابة الانقلاب محاولاتها المكثفة من جانب أجهزتها لفرض "دولة الخوف"، عبر تطبيق القبضة الأمنية، وملاحقة المعارضين والمحتجين على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وفي نفس اليوم الذي أعلنت فيه حكومة الانقلاب استبعاد 10ملايين مواطن من دعم الخبر وزيادة سعر لتر الزيت إلى 25 جنيها، يتم افتتاح أكبر مجمع سجون مع زفة إعلامية رافقة بأغنية للمطرب مدحت صالح مترجمة بالإنجليزية وفيلم وثائقي بعنوان "فرصة للحياة"، وربما تقصد العصابة الحياة الآخرة !

 

سلسلة سجون..!

لم يعد لتقارير المنظمات الحقوقية حول ما يجري في السجون المصرية سواء المنظمات المصرية أو العربية أو الدولية أي صدي أو تأثير أو اهتمام، فالعصابة التي تلقى الدعم الصهيوني والغربي والخليجي الكامل لم تعد تحفل بتقارير المنظمات الحقوقية حول الجرائم التي ترتكبها في السجون، وأكبر هذه الجرائم هو القتل؛ فقد قتلت العصابة حتى الآن وفق التقارير الدولية المختلفة منذ انقلاب 2013 ما يقرب من ألف شخص في السجون و أماكن الاحتجاز، كثيرون منهم قضوا تحت التعذيب أو الإهمال الطبي، فالعصابة لا تسمح للمرضي بأخذ أدويتهم أو مراجعة المستشفيات.

أما أعداد المعتقلين فهي لا تقل عن 60 ألف معتقل والعدد ثابت مع تغير المعتقلين الذين بلغ عددهم أكثر من ثلاثمائة ألف، كثيرون منهم قضوا مدد الاعتقال أو السجن بين عام وثلاثة أعوام.

وافتتحت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب أكبر مجمع سجون بمصر في منطقة وادي النطرون، بأغنية أثارت جدلا وسخرية واسعة، ودعت البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وممثلى المجالس الحقوقية ولجان حقوق الإنسان، لزيارة السجن الجديد الذي تم بناؤه وفقا للنظام الأمريكي، بحسب تصريحات سابقة للسفاح السيسي.

ويتزامن إعلان افتتاح سلسلة السجون التي يعتزم السفاح السيسي افتتاحها تباعا، مع انقلاب عصابة عبد الفتاح البرهان في السودان؛ وكأنها إشارة مقصودة لانقلاب 2013 في مصر، الذي أطاح بمكتسبات ثورة 25 يناير قبل أن يتم الانقلاب على الرئيس الشهيد مرسي، ويعيد العسكر إلى صدارة المشهد، ويمكنهم من السيطرة على كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية.

وتنضم مجمع السجون الجديد إلى قائمة طويلة من السجون التي أقيمت في عهد السفاح السيسي، ويبلغ عددها 16 سجنا جديدا، ليكون إجمالي السجون خلال 8 سنوات، 24 سجنا جديدا.

ولم تتوقف ممارسات عصابة الانقلاب عند التوسع في سجن والتنكيل بالمعارضين والمخالفين في الآراء فقط، بل امتدت لعمليات واسعة من القتل خارج إطار القانون، بخلاف التوسع في أحكام الإعدام في حق قيادات ورموز المعارضة وجماعة "الإخوان المسلمين" والتي كان آخرها في يونيو الماضي، بتأييد أحكام الإعدام على 12 من رموز ثورة 25 يناير وجماعة "الإخوان".

 

سجون أخرى سرية..!

مجمع السجون الجديد الذي تحتفل عصابة الانقلاب بإنجازه وافتتاحه على الطراز الأمريكاني، يتعلق بالمحكومين، أما الذين لم يحاكموا أو يخضعوا للاعتقال والسجن والتعذيب دون محاكمات فعددهم يقدر بعشرات الآلاف بينهم نساء واطفال، حيث يعتقل الأطفال لأول مرة في تاريخ العصابات العسكرية الحاكمة بتهم سياسية.

ومع تفشي الظلم بكل أشكاله بدءا من التكدس في الزنازين وأقسام الشرطة ومقرات الأمن الوطني حتى أنها لا تكفي المعتقلين جلوسا أو وقوفا؛ فإن التجويع ومنع الطعام والملابس والأغطية في البرد القارس والضرب ومنع الأدوية ومنع الزيارات لأشهر وتعذيب الأهالي في الخارج بمنعهم من الزيارات وإفساد الأطعمة التي أحضروها لذويهم هي بعض الأشكال البسيطة والمتكررة مما يجري.

لكن أسوأ أشكال التعذيب هو القتل البطيء للشخصيات السياسية التي عجزت عصابة الانقلاب عن تركيعها أو إخضاعها، ولعل قصة مرشد الإخوان الراحل محمد مهدي عاكف وما تعرض له من تعذيب وحشي نموذج على موت الإنسانية لدى عصابة الانقلاب وزبانيتهم.

أما السبب الرئيسي في توحش ضباط وجنود عصابة الانقلاب في التعذيب فهي الامتيازات التي يوزعها السفاح السيسي عليهم فقد تمت مضاعفة رواتب الجيش والشرطة ست مرات بعد الانقلاب.

والأهم من الامتيازات هو الأمان من الملاحقات والعقوبة، فأي ضابط أو جندي يعرف أنه يمكن أن يلاحق بتهمة التعذيب يوما ما لا شك أنه سيفكر أكثر من مرة قبل أن يمارس التعذيب لكن تأمين عصابة الانقلاب لجنودها يجعلهم دائما يشعرون بالأمان من الملاحقة فيوغلون في الجرائم دون أن يطرف لهم جفن.

وإلا فإن قتل 1000 إنسان تحت التعذيب حينما يمر دون عقوبة أو فتح تحقيق في قضية واحدة أو حينما يفتح التحقيق بعد فضيحة اعلامية يغلق بشكل هادئ بعد ذلك أو يحصل المجرم على البراءة، كل هذه سلوكيات تؤكد على منح المجرمين الأمان.

وعادة ما يتهكم المصريون على تغيير وزارة الداخلية لحكومة الانقلاب للمسميات، للتغطية على جرائم القتل والتعذيب المستمرة داخل أقسام الشرطة والسجون منذ عقود، ومنها تغيير شعار "الشرطة في خدمة الشعب" إلى "الشرطة والشعب في خدمة الوطن" عقب ثورة 2011، ثم العودة إلى الشعار القديم في أعقاب انقلاب 2013، وكذلك تغيير مسمى جهاز "أمن الدولة" إلى "الأمن الوطني".