سلطات الانقلاب تتخلى عن الكرامة مقابل سياح روسيا الفقراء

- ‎فيتقارير

مع توالي فضائح التهريب وانقطاع الكهرباء في مطار القاهرة، كشف مصدر مصري مطلع، عن وجود ثغرات أمنية خطيرة في المطارات المصرية، دفعت الجانب الروسي إلى الإصرار على إيفاد خبراء أمن تابعين له للتواجد بشكل دائم في مطار القاهرة.

وأكد المصدر أن القاهرة استقبلت 5 وفود أمنية روسية لمراجعة الإجراءات الأمنية في مطار القاهرة ومطاري شرم الشيخ والغردقة خلال الشهرين الماضيين، وأن التقارير التي أعدتها الوفود جاءت سلبية، لا سيما في المطارين الأخيرين.

أخطاء فادحة

ونقلت صحيفة «العربي الجديد» عن المصدر، أن الوفود الروسية اكتشفت عدداً من الأخطاء الأمنية غير المقبولة، مثل ضعف تأمين مسارات الركاب خارج صالة الوزن والتسجيل، والسماح بدخول أشخاص مجهولي الهوية لصالة الحقائب من دون التأكّد من هويتهم، وعدم تأمين مخازن الحقائب بأجهزة البصمة البيومترية، وعدم تعميم التعامل بتلك الأجهزة في جميع المطارات.

أمّا أخطر ما أزعج الوفود الأمنية الروسية، بحسب المصدر، فهو غفلة الأمن في بعض الحالات عن مراجعة الأشياء غير المسموح بدخولها لصالات تجميع الركاب قبل استقلالهم الطائرات، وهو ما أعاد مخاوف موسكو من تكرار ما حدث في الرحلة التي شهدت سقوط الطائرة الروسية في سيناء في أكتوبر 2015 عندما استطاع تنظيم “داعش” إدخال عبوة ناسفة على متن الطائرة بصحبة راكب روسي اعتنق الإسلام، ثمّ جنده التنظيم، بحسب ما ذكرته تحقيقات الواقعة.

وأشار المصدر إلى أنّ موسكو “طلبت، على خلفية تقارير الوفود الأمنية، ضرورة السماح بإرسال وفود تفتيش أمني بصورة ربع سنوية، للتأكّد من سلامة الإجراءات المصرية، فضلاً عن وجود خبراء روس للرقابة على الأمن والملاحة في المطارات المصرية الأكثر استخدامًا بالنسبة للسياحة الروسية، وهي القاهرة وشرم الشيخ والغردقة”.

وتتزامن تصريحات المصدر الامني مع تصريحات وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، بأن روسيا طلبت توقيع مصر على اتفاقيات جديدة لتأمين الرحلات الجوية الروسية من وإلى القاهرة وباقي المدن المصرية، رغم أن البلدين سبق أن وقّعا على بروتوكول استئناف الرحلات في ديسمبر الماضي.

وطلبت روسيا توقيع مسؤول مصري رفيع المستوى على وثائق سرية تكميلية لتفعيل البروتوكول، تتضمّن شروطاً وتعهدات أمنية، وجدولاً محدداً بأعداد الرحلات الأسبوعية وزيادتها تدريجياً، وضوابط توسعها، لتشمل مدناً أخرى غير القاهرة.

فيما قالت مصادر دبلوماسية إن هناك خلافًا بين البلدين حول سلطات واختصاصات الخبراء الروس، فموسكو ترغب في ألّا يختصوا فقط بالتفتيش والرقابة على الإجراءات الأمنية الخاصة بالرحلات الروسية وحسب، بل تمتد سلطاتهم للرقابة على الإجراءات الأمنية الخاصة بباقي الرحلات، بينما تقبل مصر بوجودهم وبأن تكون لهم سلطة مراقبة جزئية على الرحلات الروسية فقط، الأمر الذي يبدو أنه سيمثل حلاً وسطاً مناسباً للطرفين.

وأشار المصدر إلى أن مصر كانت في البداية “ترفض فكرة استقبال الوفود والخبراء الدائمين، وترى أنه يمثّل فرضاً للوصاية الروسية عليها، لكنها بالتدريج رضخت للأمر الواقع بسبب الثغرات الأمنية غير المقبولة، والتي لم يعد من الملائم تجاهلها أو إنكارها، بل إنّ الأمر وصل إلى حد مخاطبة وزارة الطيران لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء لممارسة ضغوط على وزارة الداخلية لتحسين نوعية ومستوى عناصرها وإعادة تخطيط تأهيلهم، لتحسين صورة الخدمات الأمنية الأرضية بالمطارات المصرية بشكل عام”.

وأكد المصدر أن ملف حادث الطائرة الروسية لا يزال يمثل “مسألة خلافية” بين البلدين، لأن روسيا ترغب في مزيد من الضمانات للتعاون المعلوماتي بين سلطتي الملاحة الجوية في البلدين، بما في ذلك اعتراف مصر بالتقصير الأمني وتقديم مسؤولين مباشرين عن هذا التقصير، وهو ما قد يرتب على مصر دفع تعويضات ضخمة للضحايا الروس.

ارتباك شديد

وأسفر تأخير عودة الرحلات الروسية رغم اتفاق روسيا مع سلطات الانقلاب على عودتها عن ارتباك متزايد في الشركات السياحية المصرية والروسية، والتي يتشارك بعضها في رأس المال وبعض الفنادق والمنتجعات وشركات الطيران الخاصة، كما أدى إلى عدم استقرار الأسعار في ذروة موسم السياحة الشتوية، بعدما كانت بعض الشركات قد بدأت إعادة فتح فنادقها بالفعل، بالإضافة إلى غموض مصير الحجوزات التي تعاقدت عليها الشركات المصرية لتسفير عملائها إلى روسيا لحضور مباريات كأس العالم لكرة القدم المقررة في يونيو المقبل، وذلك لارتباط أسعارها بحجوزات مقابلة تعاقدت عليها الشركات الروسية لتسفير عملائها للمنتجعات المصرية بعد توقيع البروتوكول المعطل تنفيذه.

وأعلنت شركة “إيروفلوت” الروسية أنها ستستأنف رحلاتها من موسكو إلى القاهرة في 11 أبريل المقبل، بعدما كانت قد حددت مواعيد سابقة عدة مطلع ومنتصف الشهر الحالي. ومن المقرر مبدئيًا أن تسير الشركة 3 رحلات أسبوعيًا.

وكانت سلطات الانقلاب في مصر قد منحت الطائرات الحربية الروسية حق استخدام مجالها الجوي ومطاراتها العسكرية، في اتفاقية حصلت مصر بموجبها على حق مماثل في روسيا، وهو الاتفاق الذي وصفه مراقبون بأنه يشبه إلى حد كبير تدشين قاعدة عسكرية روسية في مصر، ولكن بطريقة غير مباشرة.

وأثارت هذه الاتفاقية تساؤلات حول الابتزاز الروسي بعودة السياحة مجددا مقابل منح روسيا هذه المزايا العسكرية والاستراتيجية، وامتداد النفوذ الروسي المتزايد في الشرق الأوسط.