“سيناء” العمود الفقري لخطة ترامب لصفقة القرن.. فهل يتنازل عنها السيسي؟

- ‎فيتقارير

وقالت “هآرتس” إن “صفقة القرن” تتضمن عرض الإدارة الأمريكية على الفلسطينيين، قرية أبو ديس عاصمة لدولتهم المستقبلة، عوضًا عن القدس، وذلك مقابل الانسحاب الإسرائيلي من 3 إلى 5 قرى من بلدات عربية واقعة شمالي وشرقي المدينة المقدسة، فيما تبقى البلدة القديمة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.

و”صفقة القرن” هي خطة تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات، بما فيها وضع مدينة القدس، تمهيدًا لقيام تحالف إقليمي تشارك فيه دول عربية و”إسرائيل”، لمواجهة الرافضين لسياسات واشنطن وتل أبيب.

تفاصيل إحياء صفقة القرن في شمال سيناء

بعد عملية تعتيم متعمدة من جانب الامريكان، بدأت تظهر معالم الخطة (صفقة القرن) في لقاء أجراه “جارد كوشنر”، كبير مستشاري الرئيس الامريكي ومهندس صفقة القرن، علي قناة فوكس الامريكية تحدث فيه عن تمهيد وتحضيرات لإتمام الصفقة والسلام بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، ونشرت صحيفة “هآرتس” نفس الكلام الذي قاله “كوشنر” ما يؤكد صحته.

https://www.haaretz.com/us-news/.premium-trump-admin-wants-gulf-states-to-invest-up-to-1-billion-for-gaza-1.6180191

وبدلا من الحديث عن خطط تبادل اراضي بين اسرائيل والفلسطينيين ومصير القدس وغيره، اقتصر الحديث على ضرورة تنفيذ مشاريع كدفعة اقتصادية قوية لقطاع غزة وتحسين مستوى المعيشة بها قبل اتمام الصفقة، لتفادي اي انتفاضة او موجات عنف واضعاف موقف “الحركات الارهابية” في القطاع (حسب حديثه لقناة فوكس).

وكان مما يشير لتقلص الخطة وقصرها على سيناء أن أساس تحسين أحوال اهالي غزة هو عمل مشاريع بنية تحتية في شمال سيناء المصرية، بناء على طلب امريكي تمولها السعودية والامارات بمليار دولار لإنشاء محطات كهرباء وطاقة شمسية ومطار ومحطات تحلية وميناء تجاري يكون في شمال سيناء المصرية لا غزة.

وتقول فكرة المشروع أو الميناء الفلسطيني في سيناء على “خطة كاتز” القديمة التي كانت تقتضي ببناء ميناء ومطار لغزة في المياه الاقليمية لقطاع غزة بعيدة عن الشاطئ على جزيرة صناعية، والتي اعترض عليها ليبرمان، أو “خطة أشار 1” وهي خطة العريش — كرم شالوم التي تقترح توسعة استخدام منفذ كرم سالم البري عن طريق وصله بميناء تجاري ضخم في ميناء العريش المصري (45 كيلومتر) اسمه ميناء فلسطين الدولي بالعريش.

ولا يوجد ميناء في العريش حاليا لعدم جدواه الاقتصادية لسكان شمال سيناء، ولكن الخطة الصهيونية تقترح تأجيره لإسرائيل (أي تأجير أرض سيناء والاستيلاء عليها)، ثم تسليمه لغزة، مع خضوع الميناء لإدارة السلطة الفلسطينية ولكن بمشغل أجنبي وسيتم شحن البضائع من والى المنفذ الاسرائيلي ومن والي قطاع غزة.

ويتم التسويق للمشروع في مصر من اعلام الانقلاب على انه سيحقق طفرة اقتصادية وتنمية مستدامة لشمال سيناء وغزة، وأن اخلاء المنطقة الحدودية من السكان جاء لإعادة بناء بنية تحتية تسمح بالطرق والمرافق واماكن التموين والتخزين.

كواليس بدء العد التنازلي لصفقة القرن

وقد نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا يؤكد إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وشك إطلاق مقترحها الذي طال انتظاره للسلام في الشرق الأوسط، بالرغم من موقف الفلسطينيين بأنه لا يمكن اعتبار الرئيس ترامب وسيطا صادقا.

ويفيد التقرير بأن مستشار وزوج ابنة ترامب جارد كوشنر، والمفاوض الأمريكي الرئيسي ومحامي ترامب سابقا جيسون غرينبلات يقومان بزيارات للعواصم العربية وإسرائيل حاليا لشرح بعض عناصر رؤية الإدارة، وطلب المساعدة لجذب الطرف الفلسطيني لطاولة المفاوضات.

ويلفت التقرير إلى أنه يتوقع أن تحتوي الخطة، التي استغرق رسمها حوالي 18 شهرا، على مقترحات أمريكية بحل الخلافات التي استمرت 70 عاما، بما في ذلك وضع القدس، إضافة إلى مقترحات اقتصادية تساعد على التخفيف عن الفلسطينيين، مستدركا بأنه ليس من المتوقع أن ترضي الفلسطينيين، الذين يريدون استعادة ارضهم المحتلة عام 1967.

موقف الفلسطينيين من الخطة “يجهضها”

لا ترحب فصائل المقاومة أو المسؤولين الفلسطينيين بهذا المخطط، والذي يرونه مؤامرة “إسرائيلية أمريكية سعودية مصرية” تهدف في النهاية إلى انهاء المفاوضات الدبلوماسية حول مستقبل فلسطين، وفصل غزة عن الضفة وإنهاء حلم الدولة الفلسطينية المستقلة.

فقد أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” أن التحركات الأمريكية في المنطقة تحت عنوان “تحسين الوضع الإنساني في غزة” تشكل تناقضا كبيرا مع مواقف الإدارة الأمريكية الأخيرة، وأبرزها تقليص مساهمتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية.

وشددت الحركة، في بيان الجمعة، أن “هذه التحركات مشبوهة وتهدف إلى فصل قطاع غزة خدمة لأهداف إسرائيلية بغرض تصفية القضية الفلسطينية”.

وقال المتحدث الرسمي للحركة “إن محاولة إعادة صياغة المؤامرة تحت غطاء إنساني لتمرير صفقة العار لن تمر، ولن تجد طريقا للنجاح”.

وجددت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، موقفها الرافض لكافة مشاريع “تصفية” القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها ما يسمى بـ “صفقة القرن”.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، حسام بدران، في تصريح صحفي السبت، إن الجولة الأمريكية الأخيرة في المنطقة محكوم عليها بالفشل بسبب الانحياز الأمريكي المطلق لدولة الاحتلال على حساب الحق الفلسطيني.

وترفض السلطة الفلسطينية أيضا “صفقة القرن”، بسبب إعلان الرئيس الأمريكي، 6 ديسمبر 2017، اعتبار القدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لدولة الاحتلال.

وكشفت صحيفة “هآرتس”، الجمعة 22 يونيه 2018، إن خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المرتقبة لتسوية القضية الفلسطينية، تتضمن عرض الإدارة الأميركية على الفلسطينيين، قرية أبو ديس عاصمة لدولتهم المستقبلة، عوضًا عن القدس، وذلك مقابل الانسحاب من 3 إلى 5 قرى من بلدات عربية واقعة شمالي وشرقي المدينة المقدسة، فيما تبقى البلدة القديمة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أنه وفقًا للرؤية الأميركية لخطة السلام، سيكون على إسرائيل في المرحلة الأولى الانفصال عن أربعة أحياء في القدس الشرقية المحتلة، شعفاط وجبل المكبر والعيساوية وأبو ديس، ويتم نقلها إلى السلطة الفلسطينية، وفصلها عن القدس.

وذكر المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن الخطة الأميركية المعروفة بـ “صفقة القرن” لا تضمن إخلاء البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك المستوطنات “المعزولة”، فيما تكون منطقة الأغوار تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الكاملة.

وأضافت الصحيفة أن الدولة الفلسطينية وفقًا للرؤية الأميركية التي تترجمها “صفقة القرن” ستكون “دولة ناقصة” بدون جيش أو أسلحة ثقيلة، وذلك مقابل حزمة من الحوافز المادية الضخمة” الممنوحة من السعودية ودول خليجية أخرى.

أربعون عاماً مضت على انعقاد مؤتمر كامب ديڤيد الشهير في العام 1978، بدعوة من الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جيمي كارتر، والذي جمع فيه بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس وزراء العدو الإسرائيلي، مناحيم بيغن، المؤتمر الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط والعالم العربي، وطبيعة العلاقات الإقليمية والدولية، والأهم دخول القضية الفلسطينية في نفق شديد الغموض؛ حيث أفلت زمام الأمور فيها من يد العرب باعتبارهم طرفا أساسيا في الصراع الدائر في المنطقة تحت عنوان “الصراع العربي الإسرائيلي”، وانتقل زمام الأمور إلى الطرف الآخر، العدو الإسرائيلي، منفردا وبرعاية أميركية. المهم أن اتفاقيات كامب ديڤيد تلك، والتى تم التوقيع عليها في 17 سبتمبر/ أيلول 1978، تضمنت ورقتين: إطار عمل من أجل السلام فى الشرق الأوسط، إطار عمل لعقد اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل.

تضمنت الأولى إطاراً للسلام، أو لتسوية القضية الفلسطينية على أساس منح الفلسطينيين المقيمين فى الضفة الغربية وقطاع غزة حكما ذاتيا إداريا خمس سنوات، على أن تتم خلالها مفاوضات بين العدو الإسرائيلى وطرف عربي، مصر والأردن وممثلين للفلسطينيين.. وتم التوقيع على ذلك الإطار في غياب فلسطين والأردن. وتحول هذا الاتفاق الإطاري إلى مجرد حبر على ورق، حيث رفضه الفلسطينيون والأردن، لأنه تجاهل كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما رهن الوضع في باقي الأرض العربية المحتلة بتفاوض منفرد بين العدو الإسرائيلى وكل طرف، سورية والأردن ولبنان.

أما الاتفاق الثاني فكان إطارا لعقد معاهدة سلام بين مصر والعدو الإسرائيلي، ولعله كان هو الهدف الرئيسى من عقد المؤتمر، وهو ما تم بالفعل في أعقاب كامب ديڤيد، عبر مفاوضات تمت بين الطرفين فى بلير هاوس، وتم التوصل إلى اتفاقية السلام المعروفة بينهما، ووقّع عليها كل من السادات وبيغن وكارتر في مارس/ آذار 1979، واعترفت مصر بدولة الكيان الصهيونًى رسميا، وأنهت حالة الحرب معها.

صفقة القرن وضعت أسسها كامب ديفيد

ويقول الخبير العسكري المصري عادل سليمان ان “صفقة القرن ليست وهماً ولا خدعة، ووضع كارتر أسسها في كامب ديڤيد عام 1978″، وأنه في ظل التطورات الاخيرة وتعاظم التطبيع العربي الخليجي مع اسرائيل تبدلت مسميات، وتغيرت مفاهيم، ولم يعد اليوم هناك من يتحدث عن صراع عربى -إسرائيلي، ولا عن قضية فلسطينية.

ويضيف في مقال نشره بصحيفة “العربي الجديد”: “صفقة القرن ليست وهماً ولا خدعة، ولا هي من بنات أفكار ترامب، لكنها حقيقة تم وضع أسسها في كامب ديڤيد عام 1978، على يد جيمي كارتر، وحان وقت تنفيذها في العام 2018، على يد دونالد ترامب”.

ويؤكد أن الطرف الصهيوأميركي، رأى أن الوقت قد حان لتصفية هذا الأمر، وإعلان دولة العدو الإسرائيلي عبرية يهودية، شرق أوسطية، وعاصمتها القدس. وبدأ تنفيذ السيناريو الموضوع منذ كامب ديڤيد لتصفية القضية بطرح فكرةٍ غامضةٍ تحت عنوان “صفقة القرن”، يرعاها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

ولاقت الفكرة القبول من أكثر من زعيم عربي، حتى قبل الإفصاح عن مضمونها، على اعتبار أن الصفقة ستقدم حلا لقضيةٍ مزمنةٍ يتطلعون إلى التخلص من تبعاتها.

ويؤكد أنه جاء الإفراج عن بعض وثائق الخارجية الأميركية الخاصة بكواليس “كامب ديڤيد”، ومواقف أهم الدول ذات التأثير على مسار القضية الفلسطينية، مصر والسعودية، ليكشف المخطط الإستراتيجى الصهيوأميركي بعيد المدى، ليس فقط لتصفية القضية الفلسطينية، ولكن أيضاً لإعادة هيكلة المنطقة، بما يجعل إسرائيل قوة إقليمية، وركيزةً ضمن ركائز ثلاث متنافسة في المنطقة، تركيا وإيران وإسرائيل نفسها.

وتوضح الوثائق المنشورة في مطلع شهر مايو الماضي أن الاهتمام الأميركي تركّز أساساً على معادلات الحكم في كل من مصر والسعودية، لإطلاق مبادرة سلام واسعة بقيادة مصر، ودعم السعودية، وهو ما كانت مصر قد بدأته بالفعل، في كامب ديفيد وايدته السعودية بحسب البرقية المرسلة من سفارة أميركا في الرياض إلى واشنطن في 10 أغسطس 1978، وتنقل ما دار في لقاء في مدينة الطائف بين السفير الأميركي جون سى ويست ووزير خارجية السعودية سعود الفيصل، حيث أعرب الأخير عن دعم بلاده الكامل دعوة كارتر إلى اجتماع السادات وبيغن في كامب ديڤيد.