شرعية “يناير” محفورة في قلب جيل أسقط المخلوع رغم الخلافات

- ‎فيتقارير

لا تخمد وإن تراجعت.. إنها ثورة يناير وقواها الحقيقية شباب المصريين.. أسهم في الحنين الدائم لها سوء الأحوال المعيشية وتساقط القوى المناهضة للثورة، بما أعطى انطباعا لدى المخلصين للثورة في إصلاح العيش ومنح الحرية وتحقيق العدالة أن الثورة ماضية لتنفي خبثها لتستعد للانقضاض من جديد بطرفة عين وبشكل غير متوقع أو محدد من أين تكون شرارته الأولى، لتحرك الشعب الذي لن تستطيع وقفه بيادة ورصاصة.

مواطنون رأوا ذلك في ثورتهم وفي شهدائها الذين ضحوا بل رأوهم الأفضل والأطهر والأنقى؛ لأنهم لم يعيشوا ليروا ما حدث لثورتهم، فهذا شاب يبعث بتحية إجلال وتقدير، للثورة والشهداء كأعظم حراك ثوري في تاريخ مصر من شباب غير مسيس، يقدمون مصلحة بلادهم في رفع الظلم ومواجهة الفساد.

وهذا ثان شارك في الثورة، يحيي الموجودين ممن نزلوا في 25و28 يناير، وهو ما يزال موجودا، سيعرف من كان بجانبه نزل يرفض الظلم والفساد، محددا مكانيا من أول ش رمسيس وحتى ميدان التحرير مرورا بدار القضاء العالي، متعهدا بالنزول مجددا والسير في نفس الشوارع وامتطاء كوبرى أكتوبر، شعاره “مش ممكن ننسى بعض أبدا ولا ننسى الثورة”.

وآخر تعهد أن يظل طيلة حياته فخورا بأنه من جيل يناير يفخر بكل حراك ثوري شارك فيه ضد الظلم شكلا ومضمونا والقمع وكبت الحريات والاستبداد باعتقال وسجن أي شخص بدون تهمة صريحة تدينه، وضد التخويف والترهيب الصادر عن الأنظمة الشمولية، بإعلام موجه وأبواق تتلقى نفخا من الشئون المعنوية مستغلين جهل وفقر وتخلف وقلة وعي الجماهير.

الوعي المطلوب

من شبين كتب مهدي محمد مهدي أن الوعي كان يفترض أول أهداف الثورة لكن “الناس بعد الثورة تقريبا بسنة.. وتحديدا بعد أحداث محمد محمود الأولى” إن غالبية الجمهور ليسوا في صف الثورة، مع أن غالبيتهم موافقون على أحلام الثوار وشعاراتهم.

وألمح إلى تعاظم الخلافات التي فرقت وأنشأت مصطلحات منها “كنبة” و”دولجية” و”إسلامجية”، واختلفت حول مفاهيم لم يختلف عليها ثوار يناير مثل الديمقراطية والحرية والمواطنة وحرية التعبير وحقوق الإنسان.

ويرى مهدي أن بناء أجيال واعية لديها القدرة على “احترام الاختلاف والتنوع وإدارته بشكل حر ومتسامح”، وذلك فكر يكون من خلال “تدريبات وورش أو أي نشاط يفيد الناس”.

وعن رؤيته للتغيير مجددا قال إنه لا تغيير قادم بدون عمل تراكمي دؤوب مع الجماهير التي يتحدث الجميع بأسمها مع من يرفعون شعارات اشتراكية أو ناصرية”، مضيفا: “.. مهما ندخل من معارك مع السلطة .. لا تغيير حقيقي يحصل بدون الناس”.

حراك جديد

بالمقابل رأى الصحفي أسامة الهتيمي أن الحديث عن حراك ثوري مصري جديد في المجرد تعامٍ عن معطيات الواقع”.

وأوضح أن “الإشكالية ليست فقط في اصطفاف المكونات الثورية، وإنما أيضا في مدى تفاعل الشارع المصري مع هذه المكونات ودعوات الحراك وردة الفعل المتوقعة تجاهه، وهي كلها تشير إلى أن مناسبات ثورة يناير لن تعدو كونها مناسبات احتفائية تتذكر ما جرى في يناير 2011 دون أن تغير من الواقع شيئا.

وتابع: “رغم أن بعض هذه المكونات حاول تفعيل الحراك الثوري في مناسبات أخرى كما حدث مثلا في 11 نوفمبر الماضي فإن الجميع أدرك أن المناسبة الوحيدة التي تحظى بتوافق بين الجميع هي ذكرى الثورة نفسها، وهو ما يفسر اصطفافها في هذه المناسبة؛ وبالتالي فهي مضطرة بالفعل لذلك”.

ومن هفوات كلامهم، تعرف أنه ثائر بطبعه، وأن التغيير الآن مكنون تفضحه عباراته، دون أن يقلل من حراك أسقط المخلوع ومنهم سمير دروبش الذي أثنى على ثورة يناير قائلا: “حين نجح الحراك الثوري في يناير 2011 في إزاحة حسني مبارك، مع الدعاية المصاحبة التي أطلقت عليها اسم “ثورة الشباب” و”ثورة الإنترنت”، امتلأ الفضاء الإلكتروني بشباب صغير ينسب الحراك لنفسه فقط، ويكيل الاتهامات للأجيال السابقة (المتخاذلة) من (العواجيز) الذين تحملوا حكم مبارك 30 عامًا ولم يتحركوا”.

ورأى أن الثورة فعل تراكمي ومظلومية ممتدة وأن إنكار فضل الشعب فيها ظلم بين فقال: “.. أي حراك ثوري لا يُخلق من العدم، وأنه -بالضرورة- نتيجة نضالات جماعية وفردية استمرت أعوامًا، ودفع ثمنها كثيرون من سجن واعتقال وتضييق..”.

شرعية 25

ورغم بعده المكاني، إلا أنه مع الثورة بقلبه، حيث رأى أحمد شحاتة المقيم “بلايبزيج‏، ‏ألمانيا”، أنه بغض النظر عن الحال المزري الذي وصلنا إليه “ستبقى 25 تاريخ فاصل في الذاكرة الجمعية لجيلنا كله، تاريخ كسر كل التابوهات بداخلنا (على المستوى الجمعي على الأقل)، كسر التابوهات ده اللي مهما كان مؤلم وعشوائي في بداياته، إلا إنه الشرط الأول والأهم لتحقيق أي تغيير حقيقي، مهما طالت فترات التخبط ودفع الأثمان الباهظة في سبيل التغيير ده، مافيش حراك ثوري إصلاحي حداثي حصل أو هايحصل بعد التاريخ ده، إلا ولازم يستمد شرعيته مباشرة من 25 يناير”.

وأعتبر شحاتة أن 25 يناير يظل أهم تاريخ في حياته وفي حياة جيل بأكمله وتاريخ فاصل تستحق أن تضحى من أجلها و”أنت مؤمن إيمان مطلق بإن الحدث يستاهل”، مقللا من شأن من يتحدثون عن الثورة وهم ليسوا أهلا لها من “شوية العواجيز الصعاليك، من يملكون الميكروفون فيكتبون تاريخهم الهزلي على أحقر الأوراق، والتي عمرها بالتأكيد أقصر من أعمارهم”، مطالبا الجيل أن يكتب تاريخه الحقيقي، الذي بدأ في 25 يناير”.