صحافة: معرض “إيدكس” رسائل وشكوك وتوظيف سياسي لأحداث فرنسا لتخويف المصريين من الثورة

- ‎فيجولة الصحافة

التوجه الأبرز في صحف الانقلاب الصادرة، الثلاثاء، هو المبالغة في الدعاية لافتتاح الجنرال عبد الفتاح السيسي معرض “إيديكس 2018” للصناعات الدفاعية والعسكرية، حيث جاء في “مانشيت الأهرام”: (القــوة مفتــاح الســــلام.. الرئيس يفتتح معرض «إيديكس ٢٠١٨» للصناعات الدفاعية.. وزير الدفاع: الجيش المصرى حارس الأمة فى عالم يموج بالصراعات)، وبحسب “مانشيت الأخبار”: (“الرئيس يفتتح معرض “إيديكس” للصناعات الدفاعية والعسكرية.. السيسي: المعرض فرصة للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه التقنيات العسكرية.. وزير الدفاع: الجيش حارس “الوطن” وقوتنا للحفاظ على أمننا)، لكن “مانشيت اليوم السابع”  على عكس باقي الصحف أبرز تصريحات وزير الدفاع وتعامل مع تصريحات السيسي كمرتبة ثانية، حيث جاء فيه ببنط صغير كعنوان تمهيدي: (السيسى يفتتح المعرض الدولى للصناعات الدفاعية والعسكرية إيدكس 2018..)، لكن تصريحات وزير الدفاع جاءت ببنط عريض وبالألوان، حيث جاء فيه (وزير الدفاع: من يمتلك مفاتيح القوة قادر على صنع السلام.. الفريق أول محمد زكى: الجيش المصرى أعظم من تحدى المخاطر وسيظل حاميا لهذا الوطن.. ونسعى لامتلاك أرقى ما فى العالم من نظم تسليح)، وبحسب “مانشيت الوطن”:  (مصر “قبلة الصناعات العسكرية”.. “السيسي” يفتتح “إيديكس 2018” بمشاركة دولية ضخمة.. وزير الدفاع: المعرض رسالة يجب التوقف أمامها.. ومن يمتلك “مفاتيح القوة” يصنع السلام). واستخدمت المانشيتات عبارة فخمة للمبالغة في الدعاية وإبراز مكانة الجيش بعد أن بالغت خلال الأيام الماضية في الدعاية للمعرض، منها (الجيش المصرى حارس الأمة/ الجيش المصرى أعظم من تحدى المخاطر/ نسعى لامتلاك أرقى ما فى العالم من نظم تسليح). وفي ذات السياق جاء مقال خالد ميري، رئيس تحرير “الأخبار”، بعنوان: “مصر بين الكبار”.

وحول الرسالة من المعرض، تناولت افتتاحية “الأهرام” ذلك تحت عنوان “إيديكس 2018”..  وتمضي في سياق التوجهات التي تبالغ في الإشادة بالجيش والثناء على دوره في حماية الوطن وتحدثت عن 4 رسائل: “أولها” أن الجيش المصرى هو حامى وضامن الأمن والاستقرار فى المنطقة بما يمتلكه من قوة عسكرية هائلة ومتقدمة فى مختلف أنواع الأسلحة, جعلته ضمن الجيوش العشرة الأولى فى العالم, وأنه يسعى دائما إلى امتلاك كل جديد وحديث فى مجال الصناعات العسكرية، انطلاقا من أن قوة الجيش هى الضمانة لردع أى تهديدات خارجية وحماية التنمية والاستقرار فى الداخل. و”الرسالة الثانية” أن من يمتلك مفاتيح القوة قادر على صنع السلام، وأن الجيش المصرى أعظم من تحدى المخاطر مهما تعاظمت.

والرسالة الثالثة أن هذا المعرض يمثل فرصة مواتية لتبادل الخبرات الدولية مع الدول الحليفة حول أحدث التكنولوجيات العسكرية، خاصة أن مصر دخلت عصر صناعة الأسلحة المختلفة بأيد مصرية، ووفقا لأحدث منظومات الصناعة العسكرية المتطورة. أما الرسالة الرابعة فهي تنويع مصر لمصادر التسليح فى سعيها لامتلاك أرقى وأحدث ما توصل إليه العلم فى مجال السلاح، والذى يتزامن مع التدريب المستمر عبر المناورات العسكرية المختلفة لكل أفرع القوات المسلحة والمناورات المشتركة مع الدول الحليفة وآخرها مناورة درع العرب1 لتؤكد دائما جاهزية وكفاءة القوات المسلحة المصرية لرد أى تهديد وردع أى توجهات عدائية ضد مصر، أو أمن واستقرار المنطقة.

لكنّ تقريرًا موسعًا بصحيفة “عرب بوست” يشكك في هذه الرسائل، وتحت عنوان: (القاهرة تنظم معرضًا دفاعيًّا للمرة الأولى، فهل يُحقق السيسي حلم عبد الناصر الذي حلَّق بسرعة الصوت ثم اختفى؟)، تنقل عن الدكتور نادر الفرجاني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن هذا المعرض «مجرد مظاهر للتفاخر الأجوف من المؤسسة العسكرية التي تستورد غالبية سلاحها»، حسب قوله.

واتفق معه دكتور محمد ماهر قابيل، المحلل السياسي، قائلا: إن تنظيم مصر للمعرض ما هو إلا لافتة مشبوهة ومغرضة يُراد بها الكثير من الباطل، كما حدث في الماضي عندما حدث الاستسلام تحت لافتة السلام، ونُهبت موارد مصر تحت لافتة الانفتاح، مضيفا أن كل هذا أدى إلى حالة من التدهور الشامل، وبالتالي الحديث عن بداية تقدم في مجال الصناعات العسكرية يبدو أمرا مستبعدا، كما يرى قابيل.

ويؤكد الدكتور محمد ماهر قابيل عدم وجود نظام للتسليح في مصر اعتمادا على الذات، وأنه لا يزال كما هو لم يتغير. وأن «ما يطلق عليها مسمى صناعات عسكرية، تكون في أحيان كثيرة عبارة عن تجميع وتركيب بإذن من المصدر الأصلي المصنّع للسلاح، مثلما يفعلون مع السيارات وأجهزة التلفزيون». ويضيف قائلاً: «هم يقومون باستيراد مكونات الطائرة أو الدبابة وتركيبها في المصانع العسكرية، ثم يطلقون عليها صناعات عسكرية مصرية».

رجل الأعمال فريد حسنين يبدي ندمه على دعم الانقلاب

في ملف الإخوان، واصلت صحف ومواقع النظام تشويه الجماعة من خلال شقين: الأول فيما يتعلق بعودة الداعية الشيخ محمد جبريل وتبرعه لصندوق السيسي “تحيا مصر”، حيث كتبت “اليوم السابع”: (إعلام الإخوان يهاجم محمد جبريل.. والداعية: أُؤمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، واستشهد التقرير بتصريحات للشيخ وجدي غنيم ينصح فيها “جبريل” بالعودة إلى الخارج وعدم الركون إلى الظالمين، ويستهدف التقرير بث الأسافين بين رافضي الانقلاب، والشيخ جبريل إمام مسجد عمرو بن العاص، الذي يحظى بحب واسع من ملايين الرافضين للانقلاب الذين يتمنون ألا ينزلق الشيخ إلى مواقف توالي الظالمين وتتخلى عن الدفاع عن المظلومين، فهو محل حب وتقدير، وبحسب أنباء كثيرة أُجبر الشيخ على التبرع للسيسي من أجل ضمان استمرار حياته ومصالحه الخاصة التي تضررت كثيرًا بفعل مواقفه الرافضة لظلم النظام العسكري والانقلاب. ويتعيّن الرفق بالشيخ المحبوب، فهو داعية عف اللسان تشهد له مواقفه الكثيرة ومشاركته في ثورة يناير بحس وطني لا خلاف عليه، وحس إسلامي محل تقدير واحترام.

الشق الثاني تناولته صحيفة “مصراوي”: (علي الدين هلال: الإخوان فرضوا إتاوات وابتزوا أصحاب مصانع خلال حكمهم)، وهي مجرد أكاذيب لم يستدل عليها هلال بمثال واحد. في المقابل نشرت صحيفة “العربي الجديد”: (برلماني مصري سابق: منحتُ جورج إسحاق 10 آلاف يورو دعما لـ”تمرد”)، حيث أبدى رجل الأعمال محمد فريد حسنين ندمه على المشاركة في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، مشيدا بالإخوان الذين وصفهم بقمة الأخلاق العالية، مبديا اعتذاره لصديقه الرئيس محمد مرسي الذي كان يتوجب مساندته لا الهجوم عليه، وأنه لن يسامح نفسه على هذه الخطيئة بدعم انقلاب العسكر.

تشويه السوشيال ميديا .. وهجوم على الليبراليين

هاجم “مانشيت اليوم السابع” النشطاء الليبراليين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جاء فيه (“ويفضحون أنفسهم”.. معارك النشطاء على السوشيال ميديا تكشف أكاذيب الشعارات الحقوقية مقابل الشهرة وألاعيب جمع التبرعات.. أشهرها خناقة غدير أحمد وقصة جمع التبرعات والأسوانى وقنديل.. واتهامات وائل عباس وشلة وسط البلد وحقيقة سبوبة “اللجوء والهجرة”.. حسابات مأجورة على “تويتر” تشوه الكيانات الرياضية المصرية.. صاحب حساب “المختلط 1911” مروان محمود ينشر من الخارج أكاذيب اقتصادية بهدف تدمير المؤسسات الوطنية).

غسل سمعة مستشفى “57357”

من التوجهات التي حظيت بتسويق من جانب صحف النظام، محاولات غسل سمعة مستشفى “57357” باعتبارها واجهة للنظام وتقودها شبكة مصالح معظمها من اللواءات والمسئولين بالنظام العسكري، حيث كتبت “اليوم السابع”: ( “التضامن” تبرئ مستشفى “57357” من تهمة استغلال أموال التبرعات في المضاربة بالبورصة.. بيان لجنة فحص مؤسسة مستشفى أورام الأطفال ينفي إجراء تجارب سريرية على المرضى)، وتضيف “الوطن”: (“التضامن”: مستشفى “57357” بريء من التجارب السريرية.. مضاربة “البورصة” مهلة لتصويب مخالفات إدارية أبرزها جمع المال “بالرسائل النصية”)، وبحسب “الأخبار”: (“التضامن” تعلن نتائج فحص أعمال مؤسسة “57357”: المستشفى ملتزمة بالمعايير القياسية .. ولا مضاربة بأموال المتبرعين).

تضخيم أحدث فرنسا.. تخويف من الثورة

حاولت صحف النظام توظيف أحداث فرنسا لتخويف المصريين من الثورة والاحتجاج ضد النظام، رغم الفوارق الضخمة بين الحالتين، بين دولة ديمقراطية تنعم بحريات واسعة وسيادة القانون وازدهار اقتصادي واسع، وبين مصر التي تئن تحت حكم عسكري استبدادي صادر الحريات وأجهض المسار الديمقراطي ويقتل المعارضين في الشوارع.. وجاء في “مانشيت الوطن”:  (اليمين المتطرف يحصد ثمار فوضى “السترات الصفراء” .. والحركة تمتد لبلجيكا وهولندا.. الاحتجاج يعصف بفرنسا والظلام يزحف إلى “عاصمة النور” وزينة أعياد الميلاد محاصرة بخسائر “الشانزليه”.. و”95″ مليار دولار عائدات سياحية مهددة.. حكومة فيليب تحاول تجاوز الأزمة بلقاء روساء الأحزاب والمتظاهرين.. صحف بريطانية: مثلث الاحتجاج يضم اليمين واليسار ومثيري الشغب.. أستاذ بجامعة باريس: الشرطة تعاملت باحترافية مع المحتجين وعلى “ماكرون” أن يراجع خطابه “المتكبر”.. استطلاع: الغالبية تؤمن أن «المهاجرين» يهددون مستقبل بلادهم ووحدة مجتمعهم).

وفي “الأهرام”: (مظاهرات «الإسعاف» تنضم لـ«السترات الصفراء» وتطالب برحيل ماكرون.. الحكومة الفرنسية تبحث عن مخرج مع الأحزاب والمحتجين.. ومحاكمة المشاغبين)، وفطنت “عربي 21″ إلى توظيف إعلام السلطة لأحداث فرنسا لخدمة أجندة النظام، وكتبت (الإعلام المصري و”السترات الصفراء”.. “فزاعة” لإبعاد الاحتجاجات)، وفيه دروس كثيرة؛ فرغم أحداث  العنف لم تطلق الشرطة الفرنسية مطلقًا النار على المتظاهرين، ولم تقتل أحدا سوى امرأة جزائرية ماتت اختناقا من الغاز في شقتها القريبة من الأحداث، كما أن ماكرون يسعى للتحاور مع المتظاهرين، بعكس نظام السيسي الذي لا يتحاور إلا بالرصاص والاعتقالات والتعذيب الوحشي والاغتيال خارج إطار القانون.