صندوق سيادي جديد لبيع ممتلكات مصر على منوال “تحيا مصر”!

- ‎فيأخبار

بعد افتضاح أمر صندوق “تحيا مصر” الذي أنشأه قائد الانقلاب العسكري بقرار سيادي، ومنع الرقابة عليه، للسيطرة على أموال الغلابة والمتبرعين، باسم المشروعات القومية، بدأ السيسي في التفكير في إنشاء صندوق سيادي جديد لجمع التبرعات، وبعد مشاورات استغرقت شهرين، أقرَّ مجلس الدولة، أمس الأربعاء، مشروع قانون تقدَّمت به حكومة الانقلاب، لإنشاء صندوق سيادي استثماري، لاستغلال الأصول المملوكة للدولة، باسم “صندوق مصر”.

وكشفت مصادر مطلعة في تصريحات صحفية اليوم الخميس، أن رأسمال الصندوق 200 مليار جنيه، إلا أنه أوضح المخاوف التي يثيرها إنشاء هذا الصندوق من أن يكون الباب الخلفي للخصخصة، من خلال بيع باقي شركات القطاع العام المملوكة للدولة.

ليست التجربة الأولى

فيما كشف الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي، أن تجربة إنشاء الصندوق ليست التجربة الأولى، بل سبقها رغبتان، أولاهما من جانب وزير التخطيط السابق أشرف العربي، والتي ركزت على إدارة الصندوق للأصول المالية، من أراض وعقارات مملوكة للدولة وغير مستغلة، على غرار اللجنة التي شكلها السيسي للهيمنة على أملاك وزارة الأوقاف وأراضيها.

بينما كانت التجربة الثانية لخالد بدوي، وزير قطاع الأعمال بحكومة الانقلاب، الذي كشف وبصراحة عن أن الصندوق سيعتمد على إيرادات الشركات التي خطط لإدراجها في برنامج الخصخصة عبر البورصة، وأن الحصيلة ستكون بحدود من 2 إلى 3 مليارات دولار.

وكشف بدوي بداية الصراع في مارس 2018، حينما خرج الموضوع من صراع الأشخاص إلى صراع الوزارات، حيث تم في هذه المرة طرح فكرة الصندوق على لسان وزير قطاع الأعمال.

فيما أبدى الصاوي تخوفه من أن يكون الصندوق بمثابة تفريط في الأصول الرأسمالية القائمة، وليس تنميتها وزيادتها، حتى لو كان النشاط هو الدخول في مشروعات مشتركة مع شركاء أجانب أو مصريين، فستكون هذه الأصول مجرد حصة للدولة في تلك المشروعات.

وكشف الصاوي أن رأس مال الصندوق السياسي، والمقدر بـ200 مليار جنيه مصري ليست أموالاً سائلة؛ بل هي ممتلكات سوف يشرف عليها الصندوق، وتتكون من المباني والمقارّ والأراضي التابعة للوزارات والشركات المختلفة.

 

أكد هذه التكهنات تصريحات سابقة في أبريل 2018، لوزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الدكتورة هالة السعيد، أن الحكومة وافقت، على مشروع قانون بإنشاء صندوق مصري سيادي باسم (صندوق مصر)، يهدف إلى أفضل استغلال للأصول المملوكة للدولة، برأسمال مرخص به يبلغ 200 مليار جنيه، ورأس مال مصدر يبلغ 5 مليارات جنيه، إضافة لتحديد موارد الصندوق.

أحلام لا تتحقق

وقالت وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب، في مؤتمر صحفي، إن العائد من استغلال أموال الصندوق يهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحقيق الاستغلال الأمثل لأصول الدولة، وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية المستدامة، من خلال إدارة أمواله، واستغلال الأصوال التي تؤول إليه، وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية، والتعاون مع كافة الصناديق الدولية العربية والمؤسسات المالية المختلفة.

وكان القانون الذي عرض على مجلس الدولة قد خضع للمراجعة، من جانب لجنة شكَّلها المستشار مهند عباس، نائب رئيس مجلس الدولة، من مستشاري قسم التشريع، وذلك بعد أن وافق مجلس وزراء الانقلاب عليه، وأرسله إلى قسم التشريع لمراجعته قانونيا.

وزعم المستشار عبدالرازق مهران، رئيس المكتب الفني لقسم التشريع، أن فكرة إنشاء الصندوق السيادي لمصر تهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة، من خلال إدارة أمواله وأصوله، وتحقيق الاستغلال الأمثل لها، وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية.

التحويل للملكية الخاصة

فيما تتضح مهام الصندوق السيادي الجديد بإخراج جميع أموال الصندوق من الملكية العامة للدولة، المنصوص عليها دستورياً، باعتبارها ملكية عامة للشعب، ويعتبر جميع أموال وممتلكات الصندوق مملوكة للدولة ملكية خاصة، بمعنى أنها غير مخصصة للمنفعة العامة.

 

وأجازت مواد المشروع الجديد، لقائد الانقلاب بناء على عرض الحكومة، نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة، أو لأي من الجهات أو الشركات التابعة لها إلى الصندوق، أو أي من الصناديق التي يؤسسها والمملوكة له بالكامل. فضلاً عن أن الصندوق سوف يكون بمعزل عن رقابة الأجهزة الرقابية القائمة، باعتباره صندوقاً خاصاً، بإمكانه إنشاء صناديق أخرى، أو المساهمة مع القطاع الخاص في إنشاء شركات ومشروعات استثمارية.

السيسي ورئيس الوزراءوبالنسبة للأصول المستغلة فيكون عرضها بواسطة الوزير المختص، بالاتفاق مع وزير المالية والوزير المعني، وذلك كله بعد موافقة رئيس الوزراء، ويتم قيد تلك الأصول في دفاتر الصندوق بالقيمة السوقية، وفقاً لقواعد وإجراءات التقييم التي يحددها النظام الأساسي.

سلطات واسعة

ويتيح المشروع للصندوق الاستثماري الجديد سلطة ممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية المقيدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها، وأدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل مصر أو خارجها، والاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية، وإصدار السندات وصكوك التمويل، وغيرها من أدوات الدين، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وإقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التي يملكها أو يساهم فيها مع غيره.

 

وسيشرف الصندوق على رعاية مباني الحكومة القديمة، حيث كشفت وزيرة التخطيط  هالة السعيد أن من مهام الصندوق أن يكون هناك صندوق فرعي يضم المباني التراثية التابعة للوزارات ، خاصة بعد إنشاء مقار أخرى  في العاصمة الإدارية الجديدة بحيث تتم المحافظة عليها وتطويرها بالتعاون مع لجنة يرأسها المهندس إبراهيم محلب. مشيرة إلى وجود أكثر من 100 أصل ذات حجم كبير، وأكثر من 3 آلاف أصل ذات حجم صغير، سيتم ضمّها إلى هذا الصندوق، حيث يتم حالياً حصر لكل الأصول وتشكيل وحدة داخل كل وزارة لهذا الغرض، لتسلم البيانات بالتنسيق مع الوزارات المعنية والمحافظين، عبر منظومة إلكترونية تستوعب البيانات كافة بشكل دقيق.