ضرب سوريا كشف فضيحة تسلح بستة مليارات دولار تورطت فيها مصر

- ‎فيتقارير

كشف الخبير المصري والمحاضر في جامعة كاليفورنيا بأمريكا، “نايل الشافعي” عن ثلاثة فضائح كشفها العدوان الثلاثي الغربي على سوريا، في 14 أبريل الجاري، تتعلق بصفقات السلاح التي أبرزها السيسي مع فرنسا، والتي شكك خبراء عسكريون في فعاليتها.

الخبير المصري كشف أن فرنسا فشلت في إطلاق صواريخ كروز من الفرقاطات الفرنسية الثلاث من طراز FREMM، خلال ضربها سوريا وهو النوع الذي اشترته وتسلمته مصر (الفرقاطة “تحيا مصر”)، ما يثير تساؤلات حول قدرة هذه الفرقاطات التي اشترتها مصر (عبد الناصر والسادات) على المشاركة في أي عمل عسكري لحماية مصر.

والاغرب أن صواريخ الكروز التسعة الذين تمكنت فرنسا من إطلاقهم كانوا من مقاتلات رافال، وكانوا من طراز ستورم شادو/سكالب، وهي الصواريخ التي لم تتمكن مصر من الحصول عليهم لرفض أمريكا ذلك لكونها صانعة بعض مكوناته.

أما الفضيحة الثالثة والخلاصة فهي أن مصر أنفقت 6 مليار دولار على صفقة الرافال والفرقاطة الفريم، ولا تستطيع أي منهم إطلاق صواريخ كروز!

وهوما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت فرنسا قد خدعت مصر حين نشرت صورة لانطلاق صاروخ كروز من فرقاطة فريم، لأنه ضرب سوريا وهو كان تجربة لهذه الصواريخ أثبت أنها لا تعمل؟، هل الصانع الفرنسي DCNS استخدم صورة فوتوشوب لخداع السيسي؟ وهل طلبت هيئة التسليح المصرية مشاهدة عرض إطلاق كروز من الفرقاطة التي اشتريناها بنحو مليار دولار أم اكتفي بالصورة المشكوك في صحتها؟

وما يؤكد النوايا المشبوهة وراء هذه الصفقات أن السيسي يشتري أسلحة الجيل الرابع لا الخامس، فقد اشتري رافال الفرنسية ذات القدرات المحدودة ومن (الجيل الرابع) بينما تل ابيب تحصل على مقاتلات الجيل الخامس (اف 53)، يؤكد استمرار التفوق الاسرائيلي الجوي على الدول العربية.
وتنتمي طائرة رافال الفرنسية التي اشترتها مصر للجيل الرابع من الطائرات، بينما تعتبر «إف-35» الأمريكية ثاني طائرات الجيل الخامس الأمريكية، ويبلغ سعر طائرة رافال 90 مليون دولار أمريكي، بينما سعر إف 35 يبلغ 110 مليون دولار أمريكي.

لهذا عرقلت واشنطن الصفقة

وكانت صحيفة “لا تريبيون” الفرنسية قالت إن المفاوضات حول بيع فرنسا لـ 12 طائرة مقاتلة أخرى من طراز “رافال” إلى مصر تواجه صعوبات بسبب رفض الولايات المتحدة تصدير صواريخ كروز “سكالب” التي تتسلح بها تلك الطائرات. وأضافت الصحيفة أن باريس أعطت الضوء الأخضر لتلك الصواريخ إلا أن واشنطن عرقلت صفقة البيع بزعم أنها تنتهك اللوائح الأمريكية الخاصة بالتجارة الدولية للأسلحة.

وكان من المتوقع أن تختتم المفاوضات حول شراء طائرات الرافال بين مصر والشركات المصنعة لها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقاهرة في العام الماضي، وهو ما لم يحدث ولا يعرف هذا ستناقش خلال زيارة ماكرون الثانية لمصر هذا الشهر ام لا؟

وقالت الصحفية إنه إما أن تقوم الشركة المصنعة بتغيير ذلك المكون أو أنه يتعين على فرنسا والولايات المتحدة أن يصلا إلى تفاهمات جديدة، فقد طلبت السلطات المصرية بتلك الصواريخ قبل الاتفاق على شراء طائرات الرافال.

وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة تامر الرفاعي لموقع إيجيبت إندبندنت إن مسألة الصواريخ أمر داخلي يخص فرنسا، ما يعد اعتراف بالأزمة ولكن ترك امر حلها لفرنسا.

وتعليقا على الخبر الذي نشرته صحيفة لاتريبيون الفرنسية وأشارت فيه إلى أن الولايات المتحدة ترفض تصدير صواريخ كروز التي تتسلح بها طائرات رافال الفرنسية التي تتفاوض مصر على شراء 12 منها، قال “ألكسندر فوترافيرز” مسؤول بمركز جنيف للسياسة الأمنية لوكالة سبوتنيك الروسية أن “الحكومة الأمريكية لا تريد لدولة مثل مصر أن تمتلك مثل هذه التكنولوجيا”!.

وقال فوترافيرز إن هذا تحرك متعمد من الولايات المتحدة “لأن هذا النوع من الصواريخ يمكن أن يؤثر على ديناميكيات السلطة في كامل منطقة الشرق الأوسط، ويخلق مشكلة في المنطقة إذا ما جرى استخدامها ضد دولة مثل إسرائيل”.

هل اشترينا “الرافال” من أجل “البريستيج”؟

وكان مراقبون عسكريون قد تساءلوا عن السر وراء شراء مصر الطائرات الفرنسية رغم اعتماد الجيش المصري علي التسليح الأمريكي، وهل السبب هو الضغط علي الولايات المتحدة الأمريكية التي عرقلت بيع طائرات أف 16 لمصر وطائرات أباتشي ثم أفرجت عن الأباتشي؟

ولكن صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، قالت في سياق تعليقها على تلك الصفقة الخميس 12 فبراير، قالت “أن “قيادات القوات المسلحة المصرية يعتبرون أنفسهم العمود الفقري لهوية الدولة ورخائها، ولذلك فهم يتوقون إلى الـ”بريستيج” – الهيبة والوجاهة – الذي يمنحه لهم التسلح بمعدات متقدمة”.

كما أشارت الصحيفة إلى أن هذه الصفقة تمثل أهمية اقتصادية لفرنسا لبداية نمو اقتصادي وخلق فرص عمل.

ومعروف أن هذه الصفقة كانت “بمثابة هدية ضخمة لقطاع الدفاع الفرنسي بأكمله، حيث تلعب مجموعة “ثال” لإلكترونيات الدفاع وشركة “سافران” لتصنيع المحركات بجانب نحو 500 مورد أصغر دورا في صناعة الطائرة رافال”، بحسب فينانشيال تايمز.

وأظهرت الحكومات الغربية ومنها فرنسا قلقا من توقيع عقود مع مصر خاصة في المجال الدفاعي بسبب الاضطرابات في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد ثورة يناير 2011، ولكن مع مجئ السيسي بالانقلاب تحسنت العلاقات بين القاهرة وباريس حيث يتشارك الجانبان القلق من صعود “جماعات متطرفة” في ليبيا ومصر.

وتشير مواقف الحكومات الغربية من نظام السيسي ودعمه ببيع اسلحة ومعدات تعذيب واجهزة تنصت وتجسس الكترونية على شعبه، بحسب تقارير للبرلمان الاوروبي، إلى أن صفقات السلاح التي يهديها السيسي الي دول مثل فرنسا وأمريكا وروسيا وبريطانيا بمثابة “رشاوي” لشراء صمت هذه الحكومات عن انقلاب السيسي وعدم شرعية، خاصة أنه ينفذ أيضا مصالحها ولا يهددها كما كانوا يتخوفون أثناء حكم الرئيس محمد مرسي بسبب الشفافية والندية التي تميزت بها سياسة مصر.

فتش عن عمولات السيسي

وتشير تقارير دولية لاستفادة السيسي وجنرالاته من صفقات السلاح الضخمة مع فرنسا في الحصول علي عمولات عبارة عن رشوة للدول الكبرى يقدمها السيسي مقابل دعم الانقلاب، فضلا عن استخدام هذه الاسلحة ضد الشعوب كما ظهر في قمع الاعتصامات وقصف أهالي سيناء.

وكشف تقرير أصدرته “منظمة الشفافية الدولية” عام 2016، عن مجيء مصر في خانة الدول “الأعلى فسادًا في مجال التسليح”، بجانب “الجزائر، وليبيا، سوريا، واليمن”.

ووفقا لتقرير “مؤشرات استيراد الأسلحة” الصادر عن معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، يظهر أن واردات مصر من الأسلحة في فترة الانقلاب من 2013-2017 زادت بنسبة 225% مقارنة بالفترة ما بين 2008 و2012، لتحتل بذلك المرتبة الثالثة بين أكبر خمس دول مستوردة للسلاح خلال السنوات الخمسة محل الرصد بنسبة 4.5% من إجمالي الدول.

وبحسب التقرير، أصبحت فرنسا أكبر مورد للسلاح لمصر بنسبة 37% من إجمالي وارداتها، وشكلت كل من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا أكثر ثلاثة دول تصديرًا للسلاح إلى مصر بنسبة 37% و26% و21% على التوالي.

وبحسب قاعدة بيانات المعهد، خلال الفترة ما بين العامين 2014 و2017 عقدت مصر صفقات لاستيراد السلاح بقيمة إجمالية قدرها خمسة مليارات و898 مليون دولار، وكانت قيمة هذه الصفقات تزداد بصفة سنوية، إذ بلغت 380 مليون دولار في العام 2014، ومليار و452 مليون دولار في العام 2015، ومليار و711 مليون دولار في العام 2016، و2 مليار و355 مليون دولار في العام 2017.

ومعني شراء السيسي أسلحة بأكثر من 5 مليارات دولار، وعلى فرض انه يطبق قاعدة مبارك بالحصول على نسبة 5% فقط فمعني هذا أنه حصل في 5 سنوات على 250 مليون دولار عمولات أي 4.3 مليار جنية!، أما لو كان يحصل على نسبة أكبر (10%) مثلا فمعني هذا انه حصل على نصف مليار دولار عمولات صفقة السلاح أي قرابة 9 مليار جنيه؟

وتعد ميزانية الجيش في مصر مسألة سرية، وتختلف تقديرات المراقبين لها، حيث قدرتها منظمة الشفافية الدولية بـ 4.4 مليار دولار سنويًا، في حين قدرتها شركة الأبحاث المتخصصة بي. إم. آي BMI بـ 5.1 مليار دولار في العام 2015، متوقعة أن تصل إلى 5.4 مليار دولار نهاية 2016، وأن تقفز إلى 6.5 مليار دولار عام 2020.

ويرى محللون أن السيسي يحرص من خلال هذه الصفقات أيضا على مغازلة المؤسسة العسكرية التي وضعته على سدة الحكم بتزويدها بأحدث الأسلحة، وأن هناك عقد بينه وبين المؤسسة العسكرية جاء بموجبه للسلطة: (الأول) هو صفقات السلاح، و(الثاني) حماية العسكريين من أي مساءلات أو محاكمات.

كما أن القادة الذين يقومون بهذه الصفقات يحصلون على عمولات وامتيازات لا يعلن عنها، وسبق أن تم الكشف عن جانب منها في عهد الرئيس السابق مبارك، وأنها مستمرة بقوة في عهد السيسي.