طريق الإخوان المسلمين.. 90 عامًا من الإصلاح

- ‎فيتقارير

منذ اللحظة الأولى للإعلان عن قيام جماعة الإخوان المسلمين، في 22 مارس 1928، انتهجت الجماعة المنهج الإصلاحي في تشكيل مجتمع يسعى نحو الانضباط والالتزام بالقيم في كافة المجالات. وتُعد جماعة الإخوان المسلمين جماعة إسلامية “إصلاحية شاملة، وصلت إلى سدة الحكم أو شاركت فيه في عدد من الدول العربية، مثل مصر وتونس وفلسطين.

أسسها الإمام حسن البنا في مصر في مارس عام 1928 كحركة إسلامية، وسرعان ما انتشر فكر الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولاً إسلامية وغير إسلامية في القارات الست.

ووفقًا لمواثيق الجماعة، فإن “الإخوان المسلمين” يهدفون إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وفي الدول العربية التي ينشط فيها الإخوان المسلمون مثل الأردن والكويت وفلسطين، كما أن لها دورًا في دعم عدد من حركات المقاومة في الوطن العربي والعالم الإسلامي، ضد كافة أنواع الاحتلال أو التدّخل الأجنبي، مثل حركة حماس في فلسطين.

طريق الإخوان المسلمين

وتسعى الجماعة في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، ثم الدولة ثم أستاذية العالم وفقا للأسس الحضارية للإسلام، وشعار الجماعة “الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”.

وذكر حسن البنا- في رسالة المؤتمر الخامس تحت عنوان “إسلام الإخوان المسلمين”- أن “الإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف”. وذكر أيضا أن “فكرة الإخوان المسلمين نتيجة الفهم العام الشامل للإسلام، قد شملت كل نواحي الإصلاح في الأمة، فهي دعوة سلفية، وطريقة سُنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية.

وتميزت دعوة الإخوان بالبعد عن مواطن الخلاف، والبعد عن هيمنة الأعيان والكبراء، والبعد عن الأحزاب والهيئات، والعناية بالتكوين والتدرج في الخطوات، وإيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات، بجانب شدة الإقبال من الشباب، وسرعة الانتشار في القرى والمدن.

ووضع الإمام حسن البنا عشرة أركان للبيعة لدى الإخوان، في رسالته الشهيرة “رسالة التعاليم”، وهي (الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوَّة والثقة).

وذكر ضمن ركن الفهم الأصول العشرين لفهم الإخوان للإسلام، والتي تعتبر الرؤية والأرضية التي تقوم عليها الجماعة في كل مكان.

وقام العديد من مفكري الجماعة بشرح هذه الأصول، مثل الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ جمعة أمين. وتعتبر دراسة تلك الأركان من ضمن المقررات التي يدرسها المنتمون للجماعة في أنحاء العالم.

إنجازات حضارية

وباستقراء مسار الجماعة الحضاري، يتأكد للمتابع أن الجماعة قدمت الكثير على مدار 90 عاما للمجتمعات العربية والإسلامية، بل قدمت للإنسانية تجارب رائدة في الحوار الوطني والعمل التطوعي والخيري ومقاومة المفاسد الأخلاقية والانحياز للفقراء والمعوزين، وإعطاء التربية والتعليم أولوية كبيرة.

كما قدمت مدرسة فكرية كبيرة خرَّجت عمالقة، مثل المفكر سيد قطب والمستشار عبد القادر عودة والشيخ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي والشيخ سيد سابق، وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكر أسمائهم بما أثروا به المكتبة.

وعلى الصعيد السياسي، قدمت مدرسة في مقاومة الاستعمار والاحتلال الأجنبي ضربت أروع الأمثلة في الثبات والفداء، والمثال على ذلك في حرب 48 وفي حرب القناة، ثم في حركة حماس التي تتصدى للاحتلال الصهيوني.

وكذلك قدمت جماعة الإخوان مدرسة في مقاومة الاستبداد السياسي دون أن تنجرف إلى العنف الداخلي، ودون أن تتسبب في حروب أهلية، وتمكنت مدرسة الإخوان في العمل السياسي من خوض غمار العمل السياسي في كثير من بلدان العالم، وساهمت في بناء رؤية سياسية واقعية للتجربة الإسلامية.

وحسب مراقبين للشأن الاسلامي، قدمت الجماعة مدرسة في العمل الخيري والإغاثي، شهد بها العالم وامتدت يدها إلى كل محتاج ومكروب.

ورغم الحرب الشرسة التي تواجهها الجماعة من نظم الانقلاب والديكتاتورية في العالم العربي، فإنها ما زالت مؤثرة في الحدث المحلي والإقليمي والدولي، وما زالت رقمًا مهمًا في المعادلة.

وتظل المعركة التي تخوضها الجماعة ضد الاستعمار والاستبداد طويلة ومستمرة وشاقة، وهي في الأساس معركة الأمة وإن دفعت الجماعة الضريبة لخوض غمارها.