عسكرة التعليم.. بدأت بالمدارس العسكرية وانتهت بـ”قالوا إيه”

- ‎فيتقارير

بعد مرور ٣ أشهر فقط على وقوع الانقلاب العسكري في ٣ يوليو عام ٢٠١٣م، أعلن اللواء أسامة عسكر، قائد الجيش الثالث الميداني وقتها، مطلع نوفمبر ٢٠١٣م، عن تصديق عبد الفتاح السيسي، حينما كان وزيرًا للدفاع على إقامة مدرسة دولية بمدينة السلام فوق مساحة 30 فدانًا بتكلفة وصلت إلى ٩٠ مليون جنيه، وبالفعل تم افتتاح مدرسة بدر الخاصة العسكرية للغات في مارس من عام ٢٠١٥م.

وتزامن افتتاح مدرسة بدر الدولية وبدء التدريس فيها نظير رسوم التحاق تُحصل من كل تلميذ تصل إلى ٣٢ ألف جنيه، مع حصول مصر على المركز قبل الأخير في جودة التعليم من بين ١٤٠ دولة، وظهور فضيحة تسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة وإجاباتها وقتها.

العسكرة قرينة الانهيار

بعدها توالى افتتاح المدارس العسكرية في مصر، ليبدأ نظام السيسي في عسكرة التعليم بشكل رسمي، حتى إنه استبدل النشيد الوطني “بلادي بلادي” بأغنية لقوات الصاعقة بعنوان: “قالوا إيه علينا”.

وكشفت منى يحيى، مدير عام التنمية الرياضية والعسكرية بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، في تصريحات لبرنامج «صباح البلد»، الذي يُعرض على فضائية «صدى البلد»، صباح الأربعاء، عن أن «وزارة التربية والتعليم تسعى لزيادة عدد المدارس العسكرية والرياضية في مصر»، مشيرة إلى أنه لا بد من تخصيص أراض من قبل المحافظات؛ لأن هذه المدارس تحتاج مساحات كبيرة.

وأضافت أنه تمت زيادة عدد المدارس العسكرية خلال العام الماضي من 100 إلى 116 مدرسة، وسيتم خلال العام الجاري اعتماد 50 مدرسة أخرى؛ لتصل نسبة الزيادة بذلك إلى 66%.

عسكرة وزارة التعليم

وفي 28 أبريل 2015، أصدر وزير التربية والتعليم وقتها محب الرافعي، القرار الوزاري رقم 163، بندب اللواء محمد هاشم محمد، المُعار من هيئة الرقابة الإدارية، ليكون رئيسا لقطاع الأمانة العامة بديوان عام الوزارة، فارتفع عدد اللواءات المنتدبين للوزارة إلى ستة، هم: اللواء حسام أبو المجد رئيس قطاع شئون مكتب الوزير، واللواء عمرو الدسوقي رئيس الإدارة المركزية للأمن، واللواء نبيل عامر مستشار الوزير لتنمية الموارد، واللواء محمد فهمي رئيس هيئة الأبنية التعليمية، واللواء كمال سعودي رئيس قطاع الكتب، بالإضافة إلى اللواء محمد هاشم الذي سيتولى رئاسة قطاع الأمانة العامة بديوان عام الوزارة والتي تضم الشئون المالية والإدارية.

وبالرغم من إثارة القرار غضب الرأي العام في مصر، إلا أن الوزير تعامل مع المدارس بمنطق أقسام الشرطة، وطالبت النقابة المستقلة بإلغاء كافة إدارات الاتصال السياسي داخل الإدارات التعليمية، التي يتم عن طريقها فرض السيطرة والاستبداد ضد كل معلم يحاول أن يتكلم بحرية أو يعبر عن رأيه.

وتحوّل مدير الإدارة التعليمية، إلى تابع لأمين شرطة يتحكم في شئون المعلمين، بل وتسليمهم لأقسام الشرطة في أحيان كثيرة.

وأشار أمين نقابة المعلمين المستقلة إلى أن هناك اجتماعًا مع الجبهة الموحدة للمعلمين بعد الانتهاء من امتحانات نهاية العام الدراسي، للاتفاق على إجراءات تصاعدية ضد سياسات وتصرفات الوزير وطريقة إدارته للوزارة.

معاملة تفضيلية للعسكر

يأتي دخول جنرالات الانقلاب باسم مؤسسة الجيش، المعفاة استثماراتها من الضرائب، إلى مجال الاستثمار في قطاع التعليم عبر المدارس الخاصة ضمن مساع تزايدت خلال السنوات الأخيرة لتوسيع النشاط التجاري والاستثماري لهم. وقد ظهرت في الأفق بوادر بالونة اختبار جديدة بعد تسريبات امتحانات الثانوية العامة بهذا الكم الهائل، التي لم تحدث من قبل منذ بدايات التعليم الثانوي قبل قرن من الزمن رغم التقدم الهائل في تكنولوجيا وأدوات التأمين، وهو ما يدل على أن هناك تقصيرا متعمدا لإثارة أمر ما.

وبدأ إعلام الانقلاب في الصحف والفضائيات نفخ بالونة إسناد العملية التعليمية للجيش ووصفوه بعمود الخيمة، وأطلقوا على ضباطه أصحاب العمل المتقن، وقالوا عن الجيش إنه الجهة الوحيدة التي تعمل بضمير في البلد، على حد زعمهم، وفتحت برامج “التوك شو” الباب لإجراء حلقات نقاش حول هذا الأمر لصناعة رأي عام كبير مؤيد لتلك الفكرة، ومن ثم سيكون التنفيذ مطلبا شعبيا.

هيمنة الجنرالات

يأتي دخول جنرالات العسكر مجال الاستثمارات في التعليم في وقت تشهد فيه رسوم التعليم الأجنبي في مصر ارتفاعاً في غالبية مؤسساته التعليمية، نتيجة ارتفاع الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى زيادة المصروفات بنسبة تصل إلى 50% سنوياً العام الجاري خاصة فى المدارس والجامعات الأمريكية والبريطانية. وهكذا تحولت العملية التعليمية إلى تجارة مربحة، تحقق أرباحاً طائلة تكاد تصل إلى مليارات الدولارات، حيث يتم إلزام أولياء الأمور بدفع الرسوم الدراسية بالدولار الأمريكي أو العملات الأجنبية بدلاً من الجنيه المصري.

ويصل تعداد المدارس الدولية بمصر نحو 13 ألف مدرسة في المتوسط، تمتلك أغلبها أسر قيادات وضباط بالجيش والشرطة وعدد من كبار رجال الأعمال المتحالفين معهم، وفي تلك المدارس ما يقرب من 500 ألف طالب وطالبة بمختلف المراحل التعليمية، وقد شهدت هذه المدارس ارتفاعاً ملحوظاً في مصروفاتها تراوح ما بين 36 ألفا و162 ألف جنيه.

ومن النماذج الواضحة لأسر العسكريين التي لم يقتصر دورها على تملك سلسلة من المدارس التي قبل الجامعة، بل امتدت ملكياتها إلى تشييد جامعات: أسرة وزير الحربية الأسبق أحمد إسماعيل ممثلة في كريمتيه الدكتورة نرمين إسماعيل التي تملك سلسلة مدارس مصر ٢٠٠٠، وشقيقتها دينا إسماعيل المتزوجة من رجل الأعمال الدكتور حسن القلا، والذي بفضل تلك الزيجة بات يمتلك سلسلة مدارس المستقبل للغات.

تغذية المدارس والجامعات

تعاقدت وزارة التعليم مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة, لتوريد التغذية المدرسية للطلاب. وأضافت رئيسة الإدارة المركزية أن نسبة 90% من التغذية يتم إنتاجها وتصنيعها من جهاز الخدمة الوطنية ووزارة الزراعة.

وأوضحت أن خطة التغذية المدرسية تم وضعها بتكليف من رئاسة الجمهورية لوزارة التضامن، لافتة إلى أن اختيار “جهاز الخدمة الوطنية” في توريد الوجبة المدرسية للطلاب لأول مرة جاء بهدف توريد وجبة كاملة العناصر الغذائية للطالب.

وفي السياق ذاته، كان قطاع المعاهد الأزهرية قد تعاقد في 23 أغسطس الماضي، مع شركات تابعة للقوات المسلحة لإسناد عملية توريد التغذية المدرسية الخاصة بالمعاهد الأزهرية والإشراف على توزيعها، بدءاً من العام الدراسي الحالي.

وفي 30 أغسطس 2016، أسندت جامعة القاهرة، مهمة توريد الأغذية والإشراف على مطابخ المدن الجامعية، التي تضم نحو 59 ألف طالب إلى الجيش المصري. وأوضح نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب، محمد عثمان الخشت، أن أفرادا من القوات المسلحة سيقومون بالإشراف على خدمات مطاعم ومطابخ المدن الجامعية التابعة لجامعة القاهرة.