“عصفورة جان” التي وصلت مصر قبيل مسرحية السيسي!

- ‎فيتقارير

تأتي قصة رامي جان التي انفجرت عبر برنامج وائل الإبراشي أمس الثلاثاءلتفتح الباب على الطريقة الجديدة التي يطلقها اعلام عباس كامل، في اطار سياسة صرف الأنظار عن انتخابات السيسي وصناعة أحداث فرعية سواء جنسية أو رياضية أو اجتماعية.

وبحسب مراقبين سياسيين مقيمين بتركيا، فإن قضية “رامي” يمكن ان يشوبها احتمالان الأول أن رامي لم يتمكن من تحمل الظروف التي مرت به فوقع تحت ضغط أجهزة الأمن وهذا هو الراجح، والثانية أنه كان هناك اتصال بينه وبين جهاز الامن من فترة مبكرة وهو أمر مستبعد.

وتقوم سياسة أمن الانقلاب في المرحلة الحالية، على استقطاب بعض الرموز المعارضة للانقلاب العسكري، وجلبها لمعسكره، كانتصار له ضد المعسكر الاخر، الذي استقبل كثيرين من الذين ايدوا انقلاب السيسي، ثم عادوا وكشفوا زيف نظام السيسي…وهو ما ردده اعلاي الانقلاب، معتز عبد الفتاح ، والذي كان يقول في معرض حديثه عن أبو تريكة أن من ترك الإخوان وشتم فيهم لابد من احترامه واستقباله مما يؤكد أن هناك محاولات مستمرة من جهاز الأمن لدفع الكثيرين إلى العودة إلى مصر تحت وطأة الظروف بشرط أن تأخذ أجهزة الامن اللقطة.

ولعل استضافة رامي جان عبر الفضائيات الانقلابية سيزداد خلال الفترة المقبلة، بهدف إشاعة التوجس والتشكيك بين المعارضين بالخارج، وفي هذا السياق جاء حديث للاعلامي طارق قاسم، الذي كتب على صفحته: “عرفنا الان من سرب اخبار المعارضة وقناة الشرق”، وقبله تحدث حسام الغمري الذي كان يعمل في قناة الشرق عن “وجود اختراقات أمنية في صفوفنا”. ولعل ما كتبه جان على صفحته، يصب في تلك الرؤية، حيث كتب على حسابه يقول: “نشكركم على حسن تعاونكم معنا والي جولات أخري قريبا، خالتي بتسلم عليك”، وهي عبارات اشتهرت في المسلسلات المصرية التي تروي قصص المخابرات المصرية، كما نشر موسيقي مسلسل رأفت الهجان، وأغنية الصاعقة المصرية “قالوا علينا إيه”!.

يشار إلى أن “جان” كان يعمل في صحيفة “الفجر” مع عادل حمودة، ثم أظهر معارضته للانقلاب وشكل حركة تسمى “مسيحيون ضد الانقلاب”، وكان مقدم برامج بقناة “الشرق”، وأنهى عمله في القناة وعاد لمصر، وتحدث عن حسن استقباله في مصر.

حقائق تكشفها “الشرق”

وأصدرت قناة الشرق الفضائية التي تبث من تركيا، مساء”الثلاثاء”، بيانًا حول عودة “رامي جان” إلى القاهرة ، كاشفة العديد من الأمور، وقالت “القناة” – في نص البيان الذي نشر على صفحتها-: ” مع اقتراب نهاية الدورة البرامجية الحالية، لم يبدِ الزميل “رامى جان” رغبته فى تقديم دورة جديدة، ولكنه لم يخطر إدارة القناة برغبته فى ترك العمل، أو العودة لمصر، ولكنه تلاحظ لدى إدارة القناة أن الزميل يمر بعدة أزمات شخصية ونفسية حادة لأسباب تتصل بمشاجرة وقعت بينه وبين شخص تركى (مؤجر محل سكنه).

وعلى إثر هذه المشاجرة نشر الزميل العديد من التغريدات تشير وتتهم المؤجر بإقتحام غرفته ووضع أجهزة تنصت، وأشار فى بعض هذه البوستات أنه يتهم جماعة الأخوان – أو أفراد منها لم يحددهم – بالإيعاز لهذا الشخص بالتنصت عليه لصالحهم، ولما كان هذا الادعاء لا يتساند على أدلة مادية أو منطقية فاكتفت إدارة القناة بتوجيه النصح للزميل بعدم التعجل فى توجيه مثل هذه الاتهامات بشكل رسمى حرصًا عليه، وحتى لا يُتهم بالبلاغ الكاذب من قبل المؤجر التركى الذى لا نعرفه ولا صلة لنا به، كما نصحناه بأن يحل مشكلته مع المؤجر بشكل ودى أو يترك هذا السكن لغيره”.

وأضاف “البيان”: “قام الزميل خلافًا لنصيحة الإدارة “الشخصية” له بتقديم بلاغ رسمى فى الشرطة التركية ضد المؤجر، وتبين للشرطة ان الزميل يحمل إقامة سياحية منتهية الصلاحية منذ مايو 2017، ومخالف لشروط الإقامة القانونية – وهو ما لم يحيط به علم إدارة القناة من قبل – وبناء على ذلك احتُجز الزميل وأُحيل لشرطة الأجانب التى قررت ترحيله خارج تركيا” .. مضيفًا: ” تدخلت إدارة الشرق وأوكلت مكتب محاماة تركى شهير للدفاع عن الزميل وإنهاء أوراق إقامته القانونية لإلغاء قرار الترحيل، وبعد جهود واتصالات متعددة تبين أن هناك سببا طبيا يمنع تجديد الإقامة وفقًا لتحليل فيروسات الكبد.

ورغم هذا حصلنا على موافقة الجهات على إلغاء الترحيل، إلا أن الزميل رامى أصر على السفر لمصر فورًا، وبدى لإدارة القناة أنه أجرى إتصالات مع الإعلامى وائل الإبراشى لترتيب أمر عودته، ولم يعد راغبًا فى أى حلول تم التوصل إليها مع الجهات الرسمي التركية، وقد تسلم بناء على رغبته كامل مستحقاته حتى بداية شهر مارس 2018 وتم توصيله لمطار اسطنبول للعودة كمسافر عادى إلى القاهرة بعد إلغاء إجراءات الترحيل الرسمية”.

لماذا الآن؟

وعن سر لجوء جان لاسلوب التشهير، قالت “الشرق”: رغم ان العديد من الزملاء الذين تعاونوا مع الشرق كمقدمين لبرامج أو معدين أو فنيين عادوا إلى بلدهم دون افتعال أزمات، إلا أن الزميل أراد أن يؤمن عودته بنشر بعض البوستات الموحية بما يسئ إليه ويشكك فيه، ويعطى انطباعًا غير صحيح، مغلفًا رغبته وحقه الطبيعى فى العودة بأسباب سياسية ودينية وغيرها من الأغاليط التى لم يكن لها وجود حتى أيام قليلة من قراره بالعودة، وهذه هى الحقيقة دون مغايرة لما هو ثابت ومعلوم للكافة – خاصة – أن فترة عمل رامى لم تشهد أى خلافات له مع الإدارة، ولم نلحظ عليه سلوكًا مهنيًا أو شخصيًا مرفوضًا سوى بعض الخلافات التى وقعت بينه وبين مساعدين له وأحد المترجمين، والتى انتهت بإحالته للتحقيق ووقفه عن العمل لمدة شهر، عاد بعدها لتقديم برنامجه واستكمال دورته البرامجية دون أدنى مشكلة.

انتصرت الشرق وخسر “جان”

واختتمت القناة بيانها، بالتأكيد على أنها “فى العموم ليست مسئولة عما يفعله الآخرون، أو يتخذوه من قرارات شخصية، بل هى مسئولة – فقط – عما تفعله هى أو تقرره هى تجاه الآخرين، وما تقدمه من خلال شاشاتها، وقد تعاملت الشرق مع الزميل رامى بالمهنية المطلوبة، ولم تتوان فى تقديم كل مساعدة له خلال أزمته الأخيرة، رغم عدم موافقتنا على ذلك الإخراج الذى اختاره والصورة التى تصور انها قد تفيده..”.

كما لفتت القناة إلى أنها “لا تستبعد أن تكون تعرضت لعدة اختراقات أمنية، بدت ملامحها خلال الشهور الأخيرة، ومازالت القناة فى ظل إدارة جديدة بتكليف من المالك تعمل على إعادة الهيكلة، وتنقية الصف من أى شائبة تستهدف تعطيل عمل ودور القناة، وتحقق للنظام ما يتمناه من تشويه وإهدار لمصداقية الشرق بعد تزايد مشاهداتها مصريًا وعربيًا بصورة أزعجت النظام وحملته لشن حملات ضارية على الشرق ورموزها.

موضحة أن القناة تضم أكثر من 155 (متعاون ما بين مقدمين ومعدين وفنيين) تتفهم القناة بكل رحابة صدر رغبة البعض فى العودة إلى بلده، وقد حدث هذا فى عشرات الحالات معظمها تم بطريقة عادية ودون ان يضطر لتقديم مبررات سياسية للعودة أو تأمين العودة.

مشددة على أنه “رغم هذا لا نشعر بالصدمة إزاء محاولات البعض توظيف عودته لبلاده بطريقة يعتقد أنها توفر له قدرًا من الأمان أو فرص عمل أفضل فى الداخل .. ونتمنى يومًا قريبًا تعود فيه الشرق وكل العاملين فيها لبلادهم بكرامة وحرية ودون الحاجة لتقديم تنازلات غير مبررة ليعود مواطن إلى وطنه. حيث عاد العشرات من الإعلاميين الذين تعاونوا مع الشرق لبلادهم (مصريين وجنسيات عربية أخرى) وآتى عشرات غيرهم، ولا نعتبر من رحل هزيمة للشرق ولا من أنضم إليها انتصارًا لها.

حركات “عباس”

ولعل ما يخرج منه المتابع من بيان الشرق وما جرى خلال الساعات الماضية، يتأكد أن النظام الذى استحوذ على كل منابر الإعلام فى الداخل وأوكل إدارتها لأجنحته الأمنية منفقًا مليارات فى سبيل السيطرة على الإعلام، لن يتوانى فى بذل أى جهد أو مال أو عمل لمحاولة السيطرة وتعطيل الإعلام الحر بالخارج.

والأهم من ذلك أن احتفاء اذرع عباس كامل الاعلامية، برامي جان، يكشف إلى أي مدى يؤثر اعلام الشرعية في النظام الانقلابي الخائر، والقائم على الاكاذذيب التي تكشفها الممارسات القمعية والفاشلة بالشارع المصري…ولعل اكبر دليل على ذلك ترسانة القوانين والتشريعات التي تستهدف الاعلام المصري الحر بكل اشكاله، لدرجة شراء احدث برامج التجسس لمراقبة الانترنت واختراع فيس بوك مصري، وتغليظ عقوبات النشر وحظر الاراء والتعبير عنها، لضمان تأمين الانقلاب الذي لا محال سيفشل حتى وان طال الزمن، لقيامه على الباطل.

ولعل تصريحات وزير الخارجية الامريكية تلرسون تكشف عن ان النظام المصري جاء بانقلاب من قبل السيسي على الحكم المنتخب، ومارس ضدها اعنف الممارسات، تؤكد أن الجميع يعلم ما جري في مصر وما سئول اليه الامور مستقبلا.