عنصرية «الشامخ»..«3 سنوات» لضابط قتل “عفروتو” وإعدام 7 قتلوا ضابطًا بالإسماعيلية

- ‎فيتقارير

حكمان صادمان صدرا عن منظومة قضاء العسكر، أمس الأحد 11 نوفمبر 2018م، لا علاقة لهما بالمعتقلين السياسيين، لكنهما يمسان مواطنين عاديين، ربما كانوا من أنصار الجنرال ومؤيديه أثناء انقلابه المشئوم في 03 يوليو 2013م، غير مدركين أنهم يدعمون قاتلًا من عتاة المجرمين المتوحشين، الذي سيطلق كلابه على كل المواطنين لتنهش أجسامهم وتصادر أرواحهم وتحيل حياتهم بؤسًا وشقاءً لأبعد مدى يمكن تخيله.

الحكم الأول، صدر من محكمة جنايات جنوب القاهرة بسجن ضابط مباحث قسم شرطة المقطم لمدة ثلاث سنوات، وأمين شرطة لمدة 6 أشهر فقط، بعد إدانتهما في جريمة قتل الشاب محمد عبد الحكيم، الشهير بـ«عفروتو»، بالتعذيب في 5 يناير 2018، أما الحكم الثاني فهو حكم نهائي صدر من دائرة السبت بمحكمة النقض بتأييد إعدام 7 متهمين بقتل معاون مباحث الإسماعيلية!.

الجريمة واحدة

الجريمة واحدة هي القتل، لكن الحكم اختلف بحسب القاتل والمقتول كذلك، فإذا كان القاتل ضابطا وأمين شرطة عذبا مواطنا حتى الموت فالعقوبة مخففة لا تزيد على “3” سنوات، وربما يتم التخفيف أكثر في الاستئناف، لكن إذا كان القاتل مواطنا عاديا والمقتول ضابطا فالعقوبة هنا مغلظة لأبعد مدى ممكن، حيث تم تأييد الحكم بإعدام 7 مواطنين جملة واحدة!.

فكل يوم يؤكد قضاء العسكر “الشامخ جدا” أنه مسيس بامتياز؛ فلا قانون يحكمه، ولا ضمير يونّبه ولا عدالة يبتغيها، بل خدمة شبكة المصالح ومافيا الجنرالات الكبار في الجيش والشرطة ودهاليز السلطة.

لكن هذه الأحكام تعد مؤشرًا واضحًا على توجهات سلطة الانقلاب نحو “استرخاص” أرواح الشعب و”تثمين” أرواح ضباط السلطة، وهو ما يفضي تلقائيا إلى زيادة منسوب العداء الشعبي لضباط الشرطة والجيش، وينتج نفس الغضب والأجواء التي سبقت ثورة يناير 2011م.

كما أن هذه الأحكام الشاذة تأتي اتساقًا مع توجهات زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي وعد بألا يُحاكم ضابط على تهمة قتل متظاهرين أو مواطنين.

وبحسب مراقبين، فإن المتهم الأول هو جنرال الانقلاب الذي منح الضوء الأخضر لكلابه في الشرطة بنهش المواطنين وقتلهم دون خوف من محاكمة، أما المتهم الثاني فهو فساد “الشامخ”؛ فهذه ليست أول واقعة فهناك عشرات الوقائع الأخرى، أبشعها قضية عربة الترحيلات التي حكمت فيها محكمة النقض بالسجن 5 سنوات فقط على نائب مأمور قسم مصر الجديدة، والسجن سنة واحدة فقط لـ3 ضباط رغم أنهم قتلوا 37 شخصًا داخل عربة الترحيلات!.

“إعدام 7”!

تفاصيل جريمة مقتل النقيب أحمد أبو دومة، معاون مباحث قسم الإسماعيلية، تعود إلى مشاجرة وقعت في 2013م، حيث وقعت مشاجرة بين المتهمين وبعض قاطني مكان الجريمة، حيث كان بعضهم يستقل دراجة بخارية، وكان الضابط الضحية والقوة المرافقة له تفحص بعض حائزي المخدرات، حيث ترجل المتهمون حاملين أسلحة نارية، محاولين التعدي على الأخير، وحال محاولة الضابط منعهم من ذلك مُفصحًا عن شخصيته وطبيعة عمله، باغته المتهمان الأول والثاني بإطلاق عيارين ناريين أصابه إحداهما بالصدر والآخر بالساق اليمنى، مما أدى إلى وفاته، في حين قام المتهم الثالث أحد مستقلي السيارة، بسرقة سلاحه الشخصي فور سقوطه على الأرض على إثر إصابته.

لكن بوابة الأهرام كانت قد نشرت تحريات مختلفة، في تقرير لها يوم 22 نوفمبر 2013، حيث ذكرت أنه تبين من التحريات أن المتهمين 7 أشخاص ليس لهم معلومات جنائية من منطقة عزبة بكري، ارتكبوا الواقعة بالمصادفة حيث كانوا في طريقهم للمشاجرة مع أطراف أخرى في منطقة التمليك لخلافات قديمة بينهم، وتصادف وجود المجني عليه في كمين متحرك في نطاق المرحلة السابعة بحي الشيخ زايد.

وخشية استهدافهم أطلق اثنان منهم، وهما حازم زنجيري (25 سنة)، وسيد شيكا (22 سنة)، رصاصتين من فرد خرطوش وجد بحوزتهما طالت إحداهما قدم الضابط الشهيد، والأخرى استقرت في صدره، وفروا من مسرح الجريمة.

فالجريمة وقعت مصادفة ولم تكن مع سبق الإصرار والترصد، ومن شارك في الجريمة اثنان.. فلماذا الحكم بإعدام السبعة؟ أليس هذا ظلمًا فاحشًا وتعسفًا في توصيف الجريمة وتوقيع عقوبة مغلظة على جريمة مخففة على الأقل بحق الخمسة الآخرين الذين لم يطلقوا النار على الضابط؟!.

لماذا التخفيف عن قتلة عفروتو؟

في المقابل، تنتاب المرء حيرة كبيرة من حكم جنايات جنوب القاهرة بسجن معاون مباحث قسم شرطة المقطم لمدة 3 سنوات فقط، وأمين شرطة 6 شهور فقط، بعد إدانتهما بقتل الشاب محمد عبد الحكيم، الشهير بـ”عفروتو” في 5 يناير الماضي، لكن النيابة من البداية وضعت توصيفًا للجريمة يؤدي تلقائيًّا إلى تخفيف العقوبة، وهو “ضرب أفضى إلى موت واحتجاز دون وجه حق”!.

أمين الشرطة سيُفرج عنه لأنه قضى بالفعل عشرة أشهر محبوسًا، أما الضابط المتهم فسيقضي الحكم في السجن المخصوص لحين الاستئناف، وفي كل الأحوال سيمارس حياته بشكل طبيعي، بينما سنعيش نحن نذكر كل يوم أن «عفروتو» مات مقتولًا بحسب تصريحات شقيقة الضحية. أما أمه المكلومة فانتابتها موجة بكاء حار، مؤكدة أن حق ابنها ضاع ولا أمل في تحقيق العدالة!.

وحتى اليوم لا يزال 102 من أقارب وأصدقاء عفروتو معتقلين ويحاكمون بدعوى «التجمهر وحرق سيارتي شرطة ومقاومة السلطات، ومحاولة اقتحام قسم شرطة المقطم، وحيازة مولوتوف”، وتنظر محكمة جنح المقطم طوارئ قضيتهم!.

هذه الأحكام الشاذة باتت هي الأصل، فهناك شباب حُكم عليهم بالمؤبد أو 5 و10 و15 سنة لمجرد أنهم شاركوا في مظاهرات سلمية، وأبرياء حكم عليهم بالإعدام بالعشرات في قضايا قُتل فيها ضابط واحد أو اثنان، وصحفيون في السجن منذ 5 سنوات لمجرد أنهم كانوا يؤدون عملهم، وآخرون معتقلون لمجرد تفكيرهم في ترشيح أنفسهم للرئاسة؛ ومعتقلون ماتوا في السجن بالإهمال الطبي والتعذيب، بينما هذا العقاب الهزيل للضابط وأمين الشرطة جاء بتهمتي «ضرب أفضى إلى موت» و«احتجاز دون وجه حق»، ولم تصف نيابة الانقلاب ما جري بأنه “تعذيب”!.