“فيسبوك”.. ماذا بينك وبين السيسي جعله يشعر بالرعب؟

- ‎فيتقارير

في خطوة فاشية جديدة وفق سياسة تكميم الأفواه وحجب نوافذ الرأي، امتثل برلمان الدم بأغلبية الأمنجية الحاضرين لأوامر عصابة الانقلاب، الثلاثاء الماضي، ووافق بشكل نهائي على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، المعروف إعلاميا بـ”مكافحة جرائم الإنترنت”، الذي يتضمّن 45 مادة، كلها تستهدف مكافحة أصوات الثوار والنشطاء والبسطاء والمهمشين ومؤيدي الشرعية ورافضي الانقلاب على الفيس بوك.

ويُلزم مشروع القانون مقدّمي الخدمات المعلوماتية بالمحافظة على سرية البيانات التي تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير إذن مسبَّب من إحدى الجهات القضائية المختصة. وبرأي خبراء قانونيين فإن إقرار مثل هذا القانون يسهل الحبس لأي شخص ينتقد أفعال حكومة الانقلاب علي الإنترنت، بموجب 45 مادة تحوي 29 عقوبة تتراوح بين السجن من 3 أشهر وحتى 5 سنوات والغرامة التي تبدأ بـ10 آلاف جنيه وحتى 20 مليون جنيه.

ولا تملّ سلطات الانقلاب من محاربة طواحين الهواء، وإغلاق حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بحجة التحريض ضد العسكر أو أنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وبحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية في نهاية ديسمبر الماضي، فقد أغلقت 1045 صفحة على الفيس بوك، كما تم اعتقال ناشطين بتهمة تكدير السلم العام.

وتشغل مواقع السوشيال ميديا جزءا كبيرا من خطابات قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي؛ الذي لا يمل من تحذير المصريين من خطورتها، وكثيرا ما يتهمها بتيئيس المصريين ونشر الإحباط بينهم، وتضخيم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.

جريمة ريجيني

وفي حديث سابق له في أبريل الماضي، هاجم السفيه السيسي مواقع التواصل الاجتماعي واتهمها بالمسئولية عن تعقيد قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر.

وفي مفاجأة جديدة فجّرها الإعلامي محمد ناصر خلال برنامجه “مصر النهاردة” المذاع على فضائية “مكملين”، كشف عن تورط محمود عبد الفتاح السيسي، نجل قائد الانقلاب، في جريمة مقتل الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني”.

نشطاء السوشيال ميديا تداولوا رابط حلقة برنامج محمد ناصر، الذي عرض تقريرًا لصحيفة إيطالية تكشف عن تورط جهاز المخابرات الحربية في جريمة تعذيب الباحث الإيطالي حتى الموت، مضيفًا أن المسئول عن عملية التعذيب حتى الموت هو نجل السيسي محمود واثنان آخران داخل الجهاز، وهو ما دفع السيسي بعدم التضحية بنجله المتورط في الجريمة التي ولدت ردود أفعال غاضبة على المستوى العالمي، وتسببت في سوء العلاقة بين قائد الانقلاب ونظامه وبين إيطاليا.

وقالت تقارير صحيفة محلية، إن سلطات الانقلاب حجبت الأشهر الماضية عشرات المواقع الإخبارية؛ بدعوى “تحريضها على العنف والإرهاب”، غير أن سلطات الانقلاب لم تعلّق أو تكشف الأسباب، مؤكّدة أنها ملتزمة بحرية الرأي والتعبير.

كما أجاز مشروع القانون للنائب العام أو من يفوّضه حقّ المنع من السفر عند الضرورة أو عند وجود أدلّة كافية على جدّية الاتهام بارتكاب أو الشروع بارتكاب جريمة، ووضع اسمه على قوائم ترقّب الوصول بأمر مسبَّب لمدة محددة، ويحتاج القانون لتصديق السفيه السيسي، ونشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ.

وتشير إحصائيات مستخدمي الإنترنت، بحسب تقديرات غير رسمية نقلتها صحيفة الأهرام المملوكة للعسكر، مارس الماضي، إلى أن عدد المستخدمين بالبلاد بلغ 50 مليونا من إجمالي 104 ملايين مصري.

فضيحة تيران وصنافير

كما اتهم السفيه السيسي في يونيو الماضي، صفحات النشطاء على الفيس بوك بالتسبب في تحريض الرأي العام ضد النظام، استغلالاً لأزمة جزيرتي تيران وصنافير.

وتداول نشطاء على الفيس بوك مقاطع فيديو تظهر احتشاد المئات من المواطنين أمام مجلس الدولة، احتفالا بحكم المحكمة اﻹدراية العليا بسيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير، رافعين أعلام مصر، وسط تواجد أمني مكثف وقوات مكافحة الشغب.

وهتف المتظاهرون، “ارحل يا سيسي.. الشعب يريد إسقاط النظام”، و”الحرية لكل سجين هاتوا إخوتنا المعتقلين”، “عيش حرية الجزر دي مصرية”، ويعاقَب بالحبس مدّة لا تقلّ عن سنتين، وبغرامة لا تقلّ عن 50 ألف جنيه (2800 دولار) ولا تجاوز 200 ألف جنيه (11 ألف دولار)، أو بإحدى العقوبتين؛ كل من اخترق موقعا أو بريدا إلكترونيا أو حسابا خاصا أو نظاما معلوماتيا يُدار بمعرفته أو لحساب الدولة أو إحدى الشخصيات الاعتبارية العامة.

وبحسب القانون: “إذا ترتّب على أي من الأفعال السابقة إتلاف تلك البيانات أو المعلومات أو تدميرها أو تشويهها أو تغييرها أو تغيير تصميمها أو نسخها أو تسجيلها أو تعديل مسارها أو إعادة نشرها أو إلغاؤها كليا أو جزئيا بأي وسيلة كانت، تكون العقوبة السجن والغرامة التي لا تقلّ عن مليون جنيه (55 ألف دولار) ولا تجاوز 5 ملايين جنيه (275 ألف دولار)”.

كما شملت المواد أسباب حجب المواقع؛ حيث نصّ مشروع القانون على أنه “لجهة التحقيق المختصة متى قامت أدلّة على قيام موقع يبثّ من داخل الدولة أو خارجها بتهديد الأمن القومي أو يعرّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محلّ البثّ كلما أمكن تحقيق ذلك فنياً”.

إحنا آسفين يا مرسي

وقال السفيه السيسي في حوار سابق له مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، في سبتمبر الماضي، إن مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم للترويج لأفكار “الإرهابيين” وجذب العناصر الجديدة لـ”الجماعات الإرهابية”، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. وتداول نشطاء على الفيس بوك تصريحات مؤيدي الانقلاب الذين انقلبوا مؤخراً عليه، ومنهم سامح أبو عرايس مؤسس حركة “أبناء مبارك”، الذي قال إن عهد السيسي، شهد العديد من الأزمات السياسية مقارنةً بعهد الرئيس المنتخب محمد مرسي.

وقال “أبو عرايس”، في تدوينة عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “كنا خايفين ان مرسي يغرق مصر بالديون وينفذ أجندة صندوق النقد الدولي بخفض العملة والغاء الدعم.. والنهاردة السيسي نفذ كل ده وأغرق مصر بالقروض الخارجية ووصل الدولار لعشرين جنيه وبيلغي الدعم وعايز يبيع المستشفيات الحكومية كمان وكل أجندة صندوق النقد الدولي بينفذها بالحرف”.

وأضاف: “كنا بنقول إن مرسي والاخوان هيقمعوا أي شخص يعارضهم ويعملوا فاشية باسم الدين ويبقى اللي بيعارضهم ضد الدين والنهاردة السيسي ومؤيدينه حولوا البلد إلى فاشية باسم الوطنية واللي يعارض السيسي يبقى ضد الجيش ويبقى خائن ويتشتم من الإعلام واللجان الإلكترونية وممكن يختفي قسريا أو يعتقل أو يتصفى في الشارع”.