قبل أسبوع من نظر طعن الأهالي أمام القضاء.. جزيرة الوراق فوق صفيح ساخن

- ‎فيأخبار

تسود حالة من الترقب المشوب بالحذر والخوف من جانب أهالي جزيرة الوراق، وهم يستعدون لعقد مؤتمر موسع مساء اليوم الأحد 19 أغسطس 2018، قبل أسبوع واحد من نظر الطعن الذي قدمه الأهالي على قرار رئيس مجلس الوزراء يوم 25 أغسطس الجاري.

القرار الذي طعن عليه الأهالي كان قد اتخذه شريف إسماعيل، رئيس حكومة الانقلاب السابق، بتاريخ 17 رمضان الموافق 3 يونيو2017، ويقضي بإقامة مجتمع عمرانى جديد على أراضي جزيرة الوراق، يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وفقًا لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979، كما تضمن تسليم كافة الجهات الحكومية ذات الولاية على الأراضى، داخل حدود المساحة المُبينة فى الفقرة السابقة، للمجتمعات العمرانية كافة المستندات الموجودة بحوزتها، والمتعلقة بتلك الأراضي بما فيها تلك المشتبه بأى تعاملات تمت على أجزاء منها أيًا كان غرضها، سواء كان التعامل لجمعيات أو أفراد أو شركات، وذلك خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدور هذا القرار.

“5” دفوع ناسفة

وكان المحامي سيد إبراهيم، قد تقدم بأول طعن أمام محكمة القضاء الإداري على القرار، استند فيه إلى عدة دفوع، منها أولا أن القرار خالف 5 مواد فى الدستور وهى؛ 29 و25 و30 و59 والمادة63،  كما يخالف القانون رقم 59 لسنة 1979 الخاص بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، فى مادتيه 1 و3، اللتين تتفقان على عدم إنشاء مجتمع عمرانى جديد على الأراضى الزراعية، لافتًا إلى أن جزيرة الوراق الأصل فيها أنها أرض زراعية.

وثانيا أوضح أنه في عام 2001 كان قد صدر قرار بنزع ملكية جزيرتى الوراق والدهب، وتصدّينا حينها بتقديم الطعون، وتم إلغاؤه وصدر قرار من رئاسة الوزراء يحمل رقم 848 لسنة 2001 جاء نصه، بأنه لا يجوز إخلاء مساكن جزيرة الوراق، ولا يجوز المساس بأرضها، وهذا القرار قائم حتى الآن، وهو ما يعنى أن ما أصدرته حكومة شريف اسماعيل يخالف القرار القديم.

ثالثا أضاف المحامي أن قرار حكومة الانقلاب يخالف أيضا القانون 12 لسنة 84، بشأن الرى والصرف ويخالف القوانين التى استند عليها فى إصداره، حيث إنه اعتمد على تلك القوانين التى تتحدث عن أملاك الدولة الخاصة، والأراضى الصحراوية، فى حين أن جزيرة الوراق هي أراضٍ مملوكة للأفراد ملكية خاصة.

رابعا، أشار إلى أن الطعن تضمن أيضًا أن قرار الحكومة المطعون عليه يخالف أحكام القضاء الإدارى، حيث كان صدر حكم سابق عام 2001 من القضاء الإدراى بإلغاء قرار نزع الملكية للمنفعة العامة، موضحًا أن القضاء وازن حينها بين مصلحة الأفراد والمصلحة العامة، فوجد أن تشريد الناس بأعداد كبيرة لا يحقق الصالح العام، ورأى القرار أنه من المصلحة إلغاء قرار نزع الملكية والإبقاء على السكان. وبذلك فإن قرار حكومة الانقلاب لم يوزان بين مصلحة الأفراد ومصلحة الدولة؛ لأنه وضع فى اعتباره تنمية الأرض والحجر، وأغفل تنمية البشر، حيث اهتم بفكرة إنشاء مجتمع عمرانى جديد، ولم يلتفت إلى أن هذا سيتسبب فى تشريد 150 ألف مواطن، وسيزيل قرية متكاملة بكافة أركانها من على الخريطة، ولم يضع فى اعتباره شيوخها وشبابها وأطفالها، ولا إلى الأراضى الزراعية التى سيبورها وتبلغ مساحتها فى حدود 1200 فدان من واقع 1536 فدانا، فضلًا عن المواشى والدواجن. وتابع: لم يضع القرار فى اعتباره تشريد الطلاب، حيث يتوجه ما يتراوح بين 3 آلاف إلى 10 آلاف طفل من طلاب الابتدائى والإعدادى إلى  3 مدارس بالجزيرة، كما أنه لم يأخذ فى الاعتبار أن هذا سيتسبب فى إغلاق أكثر من 20 حضانة رياض أطفال، وإهدار المال العام، حيث يوجد محطات مدمجة ونقطة شرطة، ومحطات كهرباء وجميع المرافق عدا الصرف الصحى.

خامسا، كما استند (المحامي) فى طعنه لحكم المحكمة الإدارية العليا، الصادر قبل سنوات، بشأن نزع ملكية إحدى الأراضى، بأنه على الرغم من أن هذه مصلحة الدولة وأراضيها، ولكن مصلحة الأفراد وعدم تشريدهم، وكونهم  من مواطنى مصر،  وأن أراضى الدولة هى ملك لأفراد الشعب، فالموازنة هنا ترجح مصلحة الأفراد، وعدم تهجيرهم وتشريدهم واجلائهم إلى غير مقر.. “فما بالك بأراضى جزيرة الوراق، وهى أراض مملوكة لأهلها ولها ملكية خاصة يحميها الدستور ويصونها القانون”.

مخطط احتلال جزر النيل

ويرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، مصطفى خضري، أن قرار تحويل جزيرة الوراق إلى منطقة استثمارية هو بداية لسلسلة قرارات سيتم بموجبها الاستيلاء على الجزر المأهولة في نيل القاهرة كمرحلة أولى، وباقي جزر النيل بعدها، لافتا إلى أنه لا يمكن إخراج ذلك من السياق العام الذي يدار به الاقتصاد المصري حاليا.

ويربط خضري- في تصريحات صحفية- هذا التوجه بتحكم صندوق النقد الدولي بكل السياسات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، مضيفا أنه في ظل المميزات الجمالية والجغرافية للجزر الواقعة بنيل القاهرة، كان لا بد أن تمتد إليها أيدي سماسرة صندوق النقد، حيث تعد موقعا مناسبا جدا للشركات العابرة للقارات.

ويتوقع خضري أن يتكرر ما حدث في مثلث ماسبيرو مع جزيرة الوراق، حيث ستُطلق أيادي رجال الأعمال التابعين للنظام لشراء كل ما يمكن شراؤه من أراض وعقارات داخل الجزيرة؛ لتفريغ الوجود الشعبي داخلها ثم الضغط على من تبقى بقوة المال أو السلطة أو السلاح.

ويعتبر أن ما يتم يأتي في إطار سعي حثيث من قبل نظام السيسي لتدمير ما تبقى في مصر، من خلال بيع المؤسسات الخدمية والإنتاجية والأراضي والجزر للشركات المتعددة الجنسيات، لافتا إلى أن تلك المساعي لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستمتد إلى كل ما تبقى حتى الاقتصاد العسكري.