قراءة في أفراح الحصاد الاقتصادي لدولة الفنكوش.. الأرقام تظهر عكس تصريحاتهم

- ‎فيأخبار

كشف الباحث الاقتصادي مصطفى عبد السلام عن تداعيات رفع الأسعار في الآونة الأخيرة، على الفقراء في مصر، خاصة بعد أجندة رفع الدعم استجابة لشروط صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض الـ 12 مليار دولار، موضحا حقيقة مئات الأخبار والتصريحات الرسمية التي تتدفق على مسامع المصريين يوميا والتي تبشرهم ببدء قطف ثمار الإصلاح الاقتصادي، وتحقيق معدلات نمو هي الأعلى في العالم، مع التأكيد على حدوث انخفاض في معدلات البطالة والتضخم والفقر.

وأشار عبد السلام خلال مقاله المنشور اليوم الإثنين، على صحيفة “العربي الجديد” إلى أن الواقع الذي يعيشه المصريون مرير، مع استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستراتيجية، وانتشار الفقر في منطقة الصعيد والأرياف، واتساع رقعة البطالة بين الشباب الجامعي، في الوقت الذي يزعم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أننا انتقلنا بنجاح من مرحلة تثبيت أركان الدولة إلى مرحلة قطف ثمار الإصلاح الاقتصادي، وإن الحكومة توفر 900 ألف فرصة عمل سنويا من خلال المشروعات القومية، واستهداف تحقيق نمو اقتصادي نسبته 6%، وهي أحد أعلى معدلات النمو على مستوى العالم وخفض البطالة إلى 9.1% والتضخّم إلى 10.9%، إضافة لإصلاح منظومة الأجور والمعاشات، وإصلاح منظومة التعليم، وإطلاق برامج لتحسين الخدمات الصحية وزيادة الدعم للطبقات الفقيرة.

وأشار عبد السلام إلى تصريحات أخرى، مثل الزعم بتحقيق الحكومة فائضا أوليا في موازنة العام المالي 2017-2018 لأول مرة منذ 10 سنوات، رغم أن مؤشرات الموازنة الجديدة، تقدر أقساط وفوائد الدين العام بنحو 819 مليار جنيه، من إجمالي إيرادات 989 مليار جنيه، أي أن ما يزيد على 80% من الإيرادات العامة سيذهب لتغطية بند واحد هو تكلفة الديون، فماذا عن بنود أخرى أبرزها الأجور والرواتب ودعم السلع الرئيسية والمشروعات الخدمية، كما زعمت الحكومة زيادة الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي ووصوله لمعدلات قياسية، وحدوث زيادة في إيرادات النقد الأجنبي من قطاعات رئيسية مثل تحويلات المغتربين والسياحة والصادرات والخصخصة، واحتفى الإعلام بقرار مؤسسة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني رفع تصنيف مصر إلى B+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما احتفى أكثر بتراجع سعر الدولار منذ يوم 27 يناير الماضي وبقيمة تقترب من 60 قرشا.

وقال الباحث الاقتصادي إنه من المنطقي أن تنعكس هذه التصريحات المتفائلة على حياة المواطن، وأن يتبع تراجع سعر الدولار انخفاض في الأسعار خصوصا أن مصر تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية من الخارج خاصة القمح، إلا أن التصريحات الرسمية في واد، والأسعار وحياة المواطن في واد آخر، وهو ما يذكرنا بمعدلات النمو العالية التي كان نظام مبارك يحتفي بها، ولم تنعكس على حياة المواطن، وقادت المصريين إلى ثورة 25 يناير.

من ناحية أخرى، قال نقيب الصحفيين الأسبق والخبير الاقتصادي، ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق، إنه رغم ظهور بيانات التجارة الخارجية السلعية المصرية وتتضمن زيادة قيمة الصادرات المصرية بحوالي ثلاثة مليارات دولارات في العام الماضي، مقارنة بالعام الأسبق، فلم تتضمن تصريحات المسؤولين شيئا عن تلك الزيادة بالصادرات، ويكمن السبب في أنه إذا كانت قيمة الصادرات قد زادت بنحو ثلاثة مليارات، فقد زادت الواردات في نفس العام الماضي بحوالي 14 مليار دولار، وبما يعنى زيادة العجز التجاري السلعي بنحو 11 مليار دولار، ليصل إلى أكثر من 51 مليار دولار، كفرق بين قيمة الصادرات البالغة أكثر من 29 مليار دولار، والواردات التي بلغت 80 مليار ونصف المليار من الدولارات.

كما أشار الولي خلال مقاله بموقع “عربي 21” اليوم الاثنين، إلى فشل دعاوى محافظ البنك المركزي حول قرار تعويم سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في نوفمبر 2016، بأن القرار سوف يُحدث طفرة في الصادرات، وسيؤدي لتراجع الواردات نتيجة تصنيع جانب منها محليا، ونتيجة ارتفاع تكلفتها مما يقل من الطلب عليها، إلا أن ما حدث بعد التعويم أن قيمة الصادرات لم تحقق الطفرة التي تحدثوا عنها، ونفس الأمر للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي وعدوا بزيادتها بعد التعويم، بل لقد شهد العام الماضي تراجعا في قيمة صادرات العديد من السلع، بالمقارنة بما كانت عليه في العام الأسبق، ومنها الأدوية، والمستحضرات الصيدلية، والأقمشة القطنية وغزل القطن، والسجاد، والأحذية، والأثاث، والمنتجات الحديدية، ومصنوعات اللدائن، والفحم، والعديد من المنتجات الزراعية، مثل البطاطس، والبصل الطازج والمجفف، والفول السوداني، والفواكه الطازجة، والنباتات العطرية والطبية، والبهارات والخضروات البقولية.

كما شهدت خريطة الصادرات المصرية لدول العالم تراجعا في قيمتها في العام الماضي، بالنسبة لأكثر من 22 بلدا، منها أوروبيا: أوكرانيا وإيطاليا ورومانيا وسويسرا وقبرص والمجر، وكذلك الأرجنتين وكندا وجنوب أفريقيا، كما انخفضت قيمة الصادرات إلى 11 دولة عربية، على رأسها الإمارات والسعودية والكويت وقطر والبحرين والعراق والسودان ولبنان.

في حين يمتد تاريخ العجز بالميزان التجاري المصري لأكثر من خمسين عاما بشكل متواصل، نتيجة الاعتماد على الخارج في تلبية الاحتياجات الغذائية، خاصة من القمح والذرة، وكذلك تغطية الاحتياجات البترولية من البنزين والسولار والبتوغاز والمازوت، إلى جانب المواد الخام والسلع الرأسمالية والسلع الوسيطة التي تدخل في إنتاج سلع أخرى تامة الصنع، الأمر الذي أدى لزيادة قيمة الواردات رغم المحاولات المكثفة التي قامت بها عدة جهات مصرية، ما بين إجراءات مصرفية متشددة معها، ورفع لرسوم الجمارك على الكثير من السلع، واشتراطات استيرادية على الشركات التي يتم التوريد منها، وتقليص لشركات الاستيراد، لتصل قيمتها إلى 80 مليار ونصف المليار دولار في العام الماضي، وهو رقم غير مسبوق.

ونبه ممدوح الولي إلى أن التوقعات تذهب إلى استمرار العجز التجاري خلال السنوات القادمة، حتى في حالة تحقيق الصادرات طفرة؛ لأن حوالي 60 % من مكونات الصادرات المصرية مستوردة، سواء كانت في صورة مواد خام أو سلع وسيطة أو سلع استثمارية وآلات ومعدات، حيث بلغ العجز التجاري في سيارات الركوب مليارين و674 مليون دولار، كفرق بين صادرات بلغت مليون دولار فقط؛ مقابل واردات بلغت مليارين و675 مليون دولار. وفي الأدوية والمستحضرات الصيدلية، بلغ العجز أكثر من ملياري دولار؛ كفرق بين صادرات بلغت 245 مليون دولار وواردات منها بلغت مليارين و282 مليون دولار. ويتكرر ذلك في القمح والذرة واللحوم وأجهزة الاتصالات وفول الصويا والأسماك وزيت الطعام وغيرها.

ما يشير إلى عمق تأثير فجوة العجز التجاري على موارد النقد الأجنبي بمصر، والدلالة على استمرار مشكلة انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، بغض النظر عن التحركات الإدارية المؤقتة، وعمق تأثير فجوة العجز التجاري على موارد النقد الأجنبي بمصر، والدلالة على استمرار مشكلة انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، بغض النظر عن التحركات الإدارية المؤقتة التي يفتعلها البنك المركزى المصري ما بين الحين والآخر لخفض سعر الدولار أمام الجنيه، والتي سرعان ما تنتهي ليعاود الدولار مشواره الصعودي.