لماذا توسطت الإمارات بين الانقلاب وإثيوبيا لحل مشكلة سد النهضة؟

- ‎فيتقارير

كشف تقرير صحفي تداعيات زيارة ولي عهد أبو ظبي، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بطائرة أميرية في 15 يونيو الماضي، لدعم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي يثقل كاهل حكومته النقص الحاد في العملة الصعبة بالبلاد؛ حيث حمل أمير أبوظبي معه ثلاثة مليارات دولار، للصرف على القطاعات الاقتصادية التي تراها الحكومة الإثيوبية مهمة، ودعم مشروع سد النهضة، رغم تحالف قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي؛ لابن زايد، على مدار السنوات الثلاث الأخيرة.

وقال التقرير المنشور اليوم الخميس على “عربي بوست “، إنه طوال هذه السنوات، ظلَّ السيسي ميالاً لحل مشكلة سد النهضة الإثيوبي الذي يهدد بقطع المياه تمامًا عن ملايين المصريين، ما قد يهدد حياتهم ويقضي على بيئة الدلتا المصرية، بـ”التسوية والوساطة”، عكس المنادين بتدخل عسكري وغير قادرين على تنفيذه.

وعمد المسؤولون المصريون إلى إعداد مذكرة تفصيلية قدموها للسيسي تنص على حتمية التحرك القانوني الدولي ضد أديس أبابا، وتنسيق حملة إعلامية دولية، تشرح للعالم الأضرار البيئية الناجمة عن المشروع الذي سيدمر دلتا مصر، مسببًا خسائر كارثية، إضافة إلى آلاف النازحين الذين يشكلون خطرًا حقيقيًّا على أوروبا.

فلجأ السيسي إلى السعودية التي تسلمت الملف لفترة طويلة، لكنها فشلت فيه فشلاً ذريعًا، ولجأ إلى الولايات المتحدة التي أرسلت لجنة رفيعة المستوى في رحلات مكوكية ضمَّت كلاً من ديفيد جريني مدير مكتب شؤون الشرق الأدنى، وأرون سالزبيرج المنسق الخاص للموارد المائية، إلا أن رحلاتهما لم تحقق النجاح المطلوب.

في الوقت الذي يعلم السيسي أن مصر تعيش أزمة نقص مياه حادة ستتفاقم مع إصرار إثيوبيا على بناء سد النهضة، ما يهدد أمنها المائي ويجعلها تعيد النظر في سياساتها الفلاحية، خاصة زراعة الأرز (الغذاء الرئيسي للمصريين)، والذي قرّرت الحكومة تقليص مساحاته المزروعة إلى 725 ألف فدان، وجعل العقوبة على مخالفي القرار بالحبس بعدما كانت غرامة مالية فقط.

وقال التقرير إن تدخل الإمارات للوساطة في حل مشكلة سد النهضة، أتى كمحاولة استعادة النفوذ الإماراتي في منطقة القرن الإفريقي، بعد أن خسرت أبو ظبي مساحات في ليبريا والصومال لصالح الدور القطري المتنامي في المنطقة.

وتعد زيارة ولي العهد الإماراتي الأولى من نوعها لبلاد الحبشة، وهي زيارة تراقبها دول عدة مثل مصر، والصومال، وجيبوتي، وتركيا، وقبل كل هؤلاء الدوحة وإيران؛ حيث إن نتائجها قد تؤثر على النفوذ والمصالح في المنطقة بأشكال مختلفة.

وتندرج زيارة بن زايد لإثيوبيا، في إطار خطة أبو ظبي للضغط على الصومال، التي اتخذت موقفًا مناوئًا لها في معركتها ضد قطر برفضها مقاطعة الدوحة، لترد أبو ظبي بتوقيع اتفاقية تشغيل ميناء بربرة مع حركة “أرض الصومال” الانفصالية، بواسطة شركة موانئ دبي الإماراتية، نكاية في الحكومة الفيدرالية. وتسعى الإمارات لإدخال إثيوبيا طرفًا في الاتفاق لتعزيز موقفها في القرن الإفريقي، خصوصاً بعد أن خسرت مساحات في جيبوتي، التي قرَّرت سحب امتيازات شركة موانئ دبي لتشغيل محطة دوراليه للحاويات، في صفعة يعتقد الكثيرون أن الدوحة وراءها.

وكانت قطر قد وقعت مع إثيوبيا، في نوفمبر 2017، اتفاقية تعاون عسكري وامتيازات ضريبية، كما أعفت حاملي الجوازات الخاصة الإثيوبيين من تأشيرة الدخول، إضافة إلى استثمارات ضخمة في البلاد ضمتها 11 اتفاقية، أغلبها متعلقة بالزراعة والإنتاج الحيواني، لتأمين الحاجيات الغذائية لقطر في ظل الحصار المستمر.

وقطعت إثيوبيا علاقتها مع قطر أيام حكومة ميليس زيناوي في 2008، حينما اتهمت الدوحة وقتها أنها تدعم إريتريا وحركة شباب الصومال المعادية لإثيوبيا، وحينما توفي زيناوي في 2012، قام رئيس الوزراء الجديد هيليماريام ديسالين باستئناف الحوار مع القطريين وحل الأزمة.