مؤتمر “الأعلى للشئون الإسلامية”.. غابت قضايا الأمة وحضر الترفيه

- ‎فيتقارير

على مدى اليومين الماضيين (19-20) يناير الجاري، اختتم المؤتمر السنوي التاسع والعشرون للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية- والذي يشرف عليه مختار جمعة وزير الأوقاف الانقلابي- مهمته بتجريد المجلس ومؤتمره السنوي من مناقشة أو طرح مبادرات تخص قضايا الأمة في فلسطين أو القدس أو تركستان أو بورما أو قضايا المسلمين في أوروبا، ولو حتى بإصدار بيان يبث الوعي أو يدين على الأقل استهداف المسلمين، باعتبار “المجلس” من أعلى الهيئات الإسلامية في العالم الإسلامي.

وتخلل المؤتمر الذي انطلق بعنوان “بناء الشخصية الوطنية وأثرها في تقدم الدول والحفاظ على هويتها”، العديد من الجلسات وورش العمل، وتم تحديد سبعة محاور للمؤتمر، بحسب الصحف، في عدد منها تتناول “تجديد الخطاب الديني”، و”الوقاية من التطرف والإرهاب”، فضلا عن تمجيد الجيش والداخلية باعتبارهما جزءًا من “الوطنية” وسلاحًا لمحاربة الإرهاب!.

ولا تختلف محاور المؤتمر الأخير كثيرًا عن محاور المؤتمر الذي سبقه وأهدافه، ففي المؤتمر الثامن والعشرين، حضر الإرهاب في العنوان والمحتوى، “صناعة الإرهاب ومخاطره وحتمية المواجهة وآلياتها”، وكان هدف المؤتمر، بحسب الأوقاف، “إطلاق رؤية إسلامية متكاملة للتصدي للإرهاب ودعم صمود الدولة الوطنية في مواجهته”!.

أما محاوره فكانت مرسومة بنفس الخطوط، تتحدث عن “سبل المواجهة التربوية والعسكرية والفكرية ودور الإعلام والمجتمع المدني ومختلف المؤسسات في التصدي له، فضلا عن سبل دعم الدولة الوطنية ضد الإرهاب، ووضع استراتيجية دولية لدحر الإرهاب، إضافة لتحديد مفهوم الإرهاب وصناعته وأسبابه واقتراح رؤية فكرية دينية للتصدي للفكر المتطرف”.

جولات سياحية

وتحوّل وزير الأوقاف الانقلابي إلى مرشد سياحي يطوف بالعلماء على أوقاف الملك “خوفو” ويصعد بين الأحجار، فرغم هذا الكم من المحتوى، الذي لم يزد عن عناوين الجلسات، ومشاركة نحو 130 عالمًا ومفتيًا ووزيرًا، بحسب الأوقاف، إلا أنهم وفي زحمة الاهتمامات، صحبهم محمد مختار جمعة، في مهمة لصعود الهرم الأكبر، وكان حريصًا على التقاط الصور التذكارية معهم من فوق أحجار الهرم.

وفي العام الماضي كانت الجولات مختلفة قليلا، فزارت الوفود “أوقاف” الفراعنة الكائنة بميدان التحرير في المتحف المصري، وذرا للرماد في العيون لم يمنعهم “المختار” من زيارة قلعة صلاح الدين الأيوبي ومسجد السلطان حسن، فضلا عن مزارات الصوفية المتمثلة بضريح الإمام البصيري والإمام الشيخ خليل.

الطريف أن الجولة السياحية تعتبرها أوقاف الانقلاب رسالة واضحة موجهة للتنظيمات الإرهابية ومن يساعدها ويساندها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة!.

تواضروس رئيسًا

ومنذ الانقلاب قبل 5 سنوات، يتعهد السيسي ومختار جمعة بأن يحوّلا المؤتمر إلى ساحة للدعاية للثورة المضادة عربيًّا، والدخول في موسوعة “غرائب وعجائب”، بعدما أصبح أغلبية أعضاء مجلس حكماء المسلمين- الذي أسسته أبو ظبي- ضمن الوجوه البارزة في المؤتمر، بخلاف رئيس مجلس الحكماء، الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي يدور بينه وبين “جمعة” صراع بدت معالمه في أكثر من اتجاه.

ففي ٢٨ فبراير ٢٠١٥، فوجئ حضور المؤتمر بالمدعو تواضروس على منصة رئاسة المؤتمر السنوي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والذي يعقد تحت رعاية السفاح عبد الفتاح السيسي، في حضور رئيس وزراء الانقلاب، وعباس شومان وكيل الأزهر الشريف، نائبا عن أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وينعقد المؤتمر تحت عنوان “عظمة الإسلام وأخطاء المنتسبين إليه.. طريق التصحيح”.

وأشار فقهاء إلى أن وجود تواضروس على منصة المؤتمر الأعلى للشئون الإسلامية، يعتبر فضيحة واعترافا رسميا من السفاح وزبانيته بأن الدولة تسير نحو الهاوية.

الفرصة جاءت لتواضروس حينها ليعظ المسلمين قائلا لعلماء ودعاة: إن “الإنسان عندما يكبر تحكمه خمسة مصادر: الأسرة والمدرسة والمسجد أو الكنيسة والأصدقاء والإعلام، فتلك المنظومة هي مصادر التنشئة المجتمعية”.

وعن الأخطاء التي يجب أن تصحح، زعم أنه “يجب أن نتخذ على عاتقنا ونحن نخاطب أبناءنا أن نصحح المفاهيم المغلوطة لديهم، فالله الإله الحق لا يحتاج أن ينصره البشر، بل هو الذي ينصر البشر، فالله هو إله الرحمة لا يقبل الاعتداء على الإنسانية مهما كان، فتلك الأساسيات تحكم علاقتنا”!.

توصيات عسكرية

انتهت سويعات مؤتمر الشئون الإسلامية، وأوصى بـ11 توصية، أبرزها مصطلح جديد وهو “مشروعية الدولة الوطنية”!، وأن “حفظ الأوطان أحد أهم المقاصد المعتبرة شرعًا، وينبغي أن يدرج في عداد المقاصد الكلية، إذ لا يوجد وطني شريف لا يكون على استعداد لأن يفتدي وطنه بنفسه”.

كما أوصى المؤتمر الذي استلم بياناته مختار جمعة مباشرة من الشئون المعنوية، باحترام “المؤسسات الوطنية في الدولة، والتعريف بإنجازاتها لخدمة الوطن، ويأتي في المقدمة منها القوات المسلحة والشرطة، بما يقدمان من تضحيات”.

مواقف سلطان

وقاد الداعية الإسلامي الدكتور صلاح سلطان، أستاذ الشريعة الإسلامية بدار العلوم والأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، نحو 200 عالم وواعظ مصري لزيارة غزة للتضامن معها، وشارك في الدعوة لمؤتمر جماهيري دفاعًا عن سوريا، فمنذ تعيينه بهذا المنصب في 7 أكتوبر 2012، قبل اعتقاله بعد مجزرة رمسيس ومسجد الفتح، يقف الدكتور صلاح سلطان موقفًا صارمًا من الطغاة، ويحذر ممن يتحكم بالبلاد بالحديد والنار والسيف البتار من استقووا بالمجلس العسكري الذي أراد أن يستعيد سطوة النظام، بل أشخاص النظام السابق، وكثر ترددهم على مكاتب المشير، ودبروا بليل وتحركوا بالنهار.

صلاح سلطان قاد منصة رابعة، وحمل الشهداء والجرحى في ميادينها والشوارع المحيطة من يومها الأول وحتى عملية الفض الدموي، ووصف سفاح الانقلاب بالفرعون الطاغية، وكانت كلمة السر التي عرفها عنه الثوار الله أكبر “تكبير”.