مخاطر الحرب التجارية العالمية على الاقتصاد المصري وقناة السويس

- ‎فيتقارير

مع اشتعال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان العالم الأخرى، وعلى رأسها الصين ودول الاتحاد الأوروبي، عقب تطبيق واشنطن إجراءاتها الجمركية على السلع الصينية، وردّت الصين بفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية، حتى وصفت وزارة التجارة الصينية ما يحدث بـ”أكبر حرب تجارية في التاريخ”، فرضت هذه الحرب نفسها على كل العالم،  وتباينت آراء أساتذة وخبراء اقتصاديين على خلفية هذه “الحرب التجارية”، وآثارها على الاقتصاد الدولي والمحلي، سواء على مستوى الصادرات والواردات، أو على مستوى الموانئ وقناة السويس.

ما يحدث يسمى اقتصاديًا بـ”فرض الرسوم الجمركية على الدول المختلفة”، يعود لما يسبق ترشح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية، إذ صرّح ترامب آنذاك بأن “أمريكا أولا”، ما يعني أن العالم كله “ثانيًا وثالثًا”، كما صرّح بأن الصين هي “الشر الأكبر”، وأنه عندما يتولى المنصب سيفرض عليها عقوبات.

وعندما تولى ترامب الرئاسة لم يغير كلامه، بل أصدر قرارًا بفرض ضرائب بواقع 25% على الصلب و10% على الألومنيوم على كافة دول العالم؛ لتجنب الظهور بمعاداة الصين منفردة، وعندما ردت الصين بزيادة الرسوم أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم على الواردات التكنولوجية تصل إلى 60 مليار دولار، وجرى تطبيقها على العالم كله بما فيها الاتحاد الأوروبي. وحاولت الدول السبع الكبار المتمثلة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا ألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان، إثناء ترامب عن هذا القرار لكنه رفض، لتقرر الصين أن ترد على القرارات الأمريكية بالمثل.

يذكر أن الولايات المتحدة بدأت بفرض الرسوم على 818 مصنفًا بقيمة تبلغ 34 مليار دولار، وأشار ترامب إلى حزمة إضافية من الضرائب على ما بلغت قيمته 16 مليار دولار، من المفترض تنفيذها في غضون أسبوعين.

كما أعلن ترامب استعداده تصعيد الرسوم لـ200 مليار إذا زادت الصين رسومها من جديد، وهو ما فعلته الصين، أمس، إذ دخلت الإجراءات الصينية حيز التنفيذ بحسب ما صرح “لو كانج”، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، الذي أعلن فرض رسوم على سلع أمريكية بقيمة 34 مليار دولار.

مميش: كده كده القناة كسبانة!

وأدلى الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، بتصريحات مثيرة، مدعيًا أن ما يثار بشأن تأثير الحرب التجارية بين الصين وأمريكا السلبي على حركة التجارة عبر القناة عار تماما من الصحة. مضيفًا في تصريحات صحفية، أنه ليس من مصلحة العالم أن تقف القوى الكبيرة اقتصاديا موقف المتفرج من تلك النزاعات التجارية بين واشنطن وبكين، زاعما بمنطق “الفهلوة” أن قناة السويس “كده كده كسبانة”؛ لأنها أهم مجرى ملاحي في العالم، وستظل هكذا، فهي الشريان الذي يغزي حركة التجارة من الشمال إلى الجنوب والعكس.

ويتوقع بنك “أوف أمريكا ميريل لينش” أن تؤدي هذه الحرب إلى كساد، قائلا: “لا يمكننا أن نستبعد حربًا تجارية شاملة تقود إلى كساد، ما سيؤثر حتمًا على قناة السويس”.

ويتفق مع هذه الرأي الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، مؤكدا أن مصر سوف تتأثر بشكل مباشر، حيث إنها تصدر الصلب والألومنيوم إلى أمريكا، وبالطبع لن تستثنى وبشكل غير مباشر من قرار الرسوم، ونتيجة لهذه القرارات ستضعف حركة التجارة العالمية، وبالتالي يقل دخل قناة السويس الذي ينتج عن التجارة الخارجية.

فيما رأت رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث بشركة «فاروس القابضة»، أن أمريكا لجأت لفرض الرسوم الحمائية على الدول المصدرة لحماية صناعتها الوطنية، وشددت على أن تباطؤ حركة التجارة العالمية سيكون بالغ التأثير على حركة الموانئ المصرية التي دائمًا ما تتأثر بحركة التجارة في أوروبا، فضلًا عن تأثر حركة قناة السويس.

استفادة منعدمة

وحول فرص استفادة مصر من الحرب التجارية العالمية، بزيادة صادراتها في ظل العناد بين أمريكا ودول العالم الأخرى، استبعدت إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلي ببنك «استثمار مباشر إنترناشيونال»، ذلك وقالت إن فرصة مصر في الاستفادة المباشرة من الحرب التجارية الدولية الدائرة بين أمريكا والصين ودول الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك ضعيفة وليست كبيرة؛ لضعف حجم الصادرات المصرية، فهي تمثل (0.16 % من إجمالي الصادرات في العالم و0.34 % من إجمالي الواردات).

ومن جانبه قال المهندس أحمد عبد الحميد، رئيس غرفة البناء باتحاد الصناعات، إن تأثير مصر في خريطة التجارة العالمية قليل جدًّا، فمن الممكن أن لا نتأثر إطلاقًا بسبب صغر حجم الصادرات المصرية في سوق التجارة العالمية، وبالتالي عدم تأثر قطاع الحديد والصلب والألومنيوم في مصر بنسب كبيرة؛ لانخفاض حجم صادراتها.

وأضاف رئيس غرفة البناء باتحاد الصناعات، أن انكشاف الصادرات المصرية على العالم يكاد يكون معدومًا، كما أنها لم تخترق ملعب اللاعبين العالميين، وبالتالي تباطؤ حركة التجارة العالمية لا يكون له انعاكسات عليها، وإن تأثرت الصادرات المصرية بالسلب أو بالإيجاب يعود بالأساس إلى الإجراءات والتعقيدات والعقبات الإدارية والبيروقراطية في مصر، وتتأثر أيضًا بالأعباء التي تتحملها الصناعات التصديرية، مشيرًا إلى أن حجم صادراتنا حوالي 20 مليار دولار، في حين أن حجم صادرات فيتنام ـ دولة ناميةـ 280 مليار دولار، والصين بلغت صادراتها 2 تريليون دولار، وبالمقارنة مع هذه الدول فصادراتنا قليلة جدًّا.

وقال الخبير الاقتصادي، عمر الشنيطي: إن العولمة والاقتصاد المفتوح كان الإطار العام الذي كان يحكم العالم في آخر 30 عاما بقيادة الولايات المتحدة، إلا أنه مع اتساع العجز الأمريكي في الميزان التجاري مع الصين خلال السنوات الأخيرة، يسعى ترامب لفرض رسوم جمركية على بعض المنتجات المستوردة لتخفيض الاستهلاك منها، والاتجاه لمنتجات محلية بديلة لها.