مصالح الغرب أهم من حقوق الإنسان.. اتفاق غير مكتوب بين واشنطن والسيسي

- ‎فيتقارير
U.S. President Donald Trump meets with Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi during the U.N. General Assembly in New York, U.S., September 20, 2017. REUTERS/Kevin Lamarque

قالت دراسة بعنوان “معركة تعديل الدستور.. هل أخذ السيسي الضوء الأخضر من الغرب؟” إنه يبدو أن هناك اتفاقًا غير مكتوب بين السيسي والإدارة الأمريكية، يقضي بعدم تدخل أمريكا في شئون مصر مقابل خضوع السيسي لرغباتها وتنفيذ أوامرها وحماية الأمن الصهيوني؛ ما يعني أن هناك ضوءًا أخضر أمريكيا لتعديل الدستور.

وأشارت الدراسة إلى أن الموقف الأوروبي يسير في هذا الإطار بالتبعية للعلاقات بين الإدارة الأكبر في العالم، والسيسي، فهم يقبلون ولا يبدون امتعاضًا في القبول ببقاء السيسي وتعديل الدستور، رغم استغلال ذلك في مواقف تكتيكية للضغط عليه، ففي مؤتمره الصحفي الاخير مع الرئيس الفرنسي ماكرون ، زعم عبد الفتاح السيسي، إنه “يجب الاعتراف بأن مصر ليست كأوروبا أو أمريكا، ولكنها منطقة لها خصوصيتها وطبيعتها الخاصة المختلفة”، ولم يعترض على كلامه الرئيس الفرنسي.

ولا تحتل ملفات مصالح الشعب المصري صدارة الاهتمامات لدى الإدارة الأمريكية.. يقول الحقوقي علاء عبدالمنصف إن “أمريكا دولة مؤسسات ومصالح والقواعد القانونية الملزمة لديها تفرض تعليق المساعدات لأي دولة تنتهك حقوق الإنسان، لكن ما حدث مع مصر من تقليص المساعدات من 1.3 مليار دولار إلى مليار دولار كان لثلاثة أسباب الأول نكاية في الحزب الجمهوري والثاني معاقبة لمصر على التعاون مع كوريا الشمالية والثالث انتهاكات حقوق الإنسان”.

اتفاقية وزيارة

وفى 11 يناير الماضي أعلنت السفارة الأمريكية بالقاهرة، عن توقيع اتفاقية تعاون ثنائي عسكري متقدم مع مصر أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، للقاهرة ضمن جولة في المنطقة تتضمن دول الخليج ومصر والأردن والعراق.

وتعليقا على ما نشرته السفارة على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعى، قال مساعد وزير الدفاع بحكومة الانقلاب، اللواء محمد الكشكي: إن “الاتفاقية، دون تفصيل، تفتح فصلاً جديدا للتعاون، وتؤكد على أهمية المساعدة الأمريكية لدور مصر في أمن واستقرار المنطقة”، وهو ما يبدو برأي خبراء إقرار بقواعد المعادلة غير المكتوبة.

وفي يناير 2018م، وافق نظام العسكر على اتفاقية “CISMOA” مع الإدارة الأمريكية والتي تجعل القوات المسلحة المصرية جزءا من منظومة الجيش الأمريكي وتجعل من مصر مركزا لقيادة العمليات العسكرية في المنطقة وقت الحروب، وهي الاتفاقية التي تأتي امتدادا لاتفاقية “كامب ديفيد” والتي نجحت من خلالها واشنطن وتل أبيب فى تحقيق اختراقات واسعة في قيادة الجيش المصري ومنظومة الحكم على أساس أن القرار السياسي في مصر مرهون بالمؤسسة العسكرية التي تحتكر كل شيء سياسيا واقتصاديا عسكريا.

وبحسب الجنرال فوتيل قائد القيادة المركزية الامريكية “توجت أكثر من ثلاثين عاما من الجهود لتعزيز الأمن والتعاون في مكافحة الإرهاب”، بعدما رفضتها لأكثر من 30 سنة الأنظمة المصرية المتتابعة، حتى نظام حسني مبارك والمجلس العسكري إبان ثورة يناير 2011.

وتنص اتفاقية CISMOA على أن يتم توليف أنظمة الاتصالات العسكرية بين القوات الأمريكية والدولة الموقعة والسماح للقوات الأمريكية بالحصول على أقصى مساعدة مُمكنة من الدولة المُوقِّعة من قواعد عسكرية ومطارات وموانىء وأيضا الإطّلاع والتفتيش على المعدات العسكرية لضمان عدم قيام الدولة بنقل التكنولوجيا الأمريكية لطرف ثالث.

مصالحنا أولا

شعار الإدارة الأمريكية المتكرر مصالحنا أولاً قالها “تليرسون” أول وزير خارجية في إدارة ترامب وكشف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن الأسباب التي دعّم من خلالها معطيات استمرار الدعم العسكري الأمريكي لنظام الانقلاب في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي.

وقال بومبيو: إنه شرح في أغسطس الماضي 2018، للكونجرس أسباب إفراجه عن 195 مليون دولار أمريكي من المعونة العسكرية لمصر، وذلك بعد حجبها من إدارة ترامب في وقتٍ سابق بسبب مخاوف تتعلَّق بحقوق الإنسان في مصر، في الوقت الذي تتهم فيه سلطات الانقلاب بعدد من لوائح الاتهام المشينة حول الانتهاكات الحقوقية، في ظل الإعدامات التي تتم خارج نطاق القانون والمحاكمات الجائرة، والرقابة والأجواء القمعية بشكل عام.

وقالت صحيفة “بولتيكو” الأمريكية: إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أوصى الكونجرس بعدم الاهتمام بحقوق الإنسان في مصر، ما دام الأمر يتعلق بالحلفاء الأقوياء.

حقوق الإنسان

وأصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان دراسة بعنوان: تقرير: حالة حقوق الإنسان في العالم العربي 2017-2018، رصد فيها هذا التحول الجذري الصادم في التعامل الغربي مع الانقلاب وتغليب لغة المصالح على حقوق الإنسان؛ حيث واكدت الدراسة أن هناك تغيرا في الموقف الأوروبي وتبرير لهذا الانحياز لدعم الأنظمة الديكتاتورية العربية تلخصه “سياسة الجوار الأوروبية المعدلة، في الاهتمام بـ”استقرار المنطقة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية”؛ بحيث يكون هذا في صميم السياسة الجديدة، ومن ذلك تعديل الدستور.

في حين يصبح كل ما يقوله السيسي مقبولا حاليا لمصلحة الغرب الآنية معه، فعندما يريد تبرير قمعه وسواد أوضاع حقوق الإنسان في مصر يقول: “نحن في منطقة مضطربة”.

وظلت السياسات الأوروبية لحقوق الإنسان تجاه مصر، مخيبة للآمال وتتميز بالنفاق وتغليب مصالحها على انتهاكات حقوق الانسان والقتل والتعذيب المتصاعد في مصر، ومع انقلاب السيسي وتعاظم سياسات القتل الجماعي والتعذيب والقمع، تفاجأ الجميع بتوثيق الأوروبيين علاقتهم مع السيسي والدفاع عن قمعه مقابل مصالحهم وصفقات سلاح قدمت لهم كرشاوى من سلطة الانقلاب.