أصبحت السجون الإماراتية سيئة السمعة مثل “أبو غريب” أو “جوانتانامو” جديدة في الشرق الأوسط، بعدما زادت الأنباء التي تحمل فضائح التعذيب التي تتم بالسجون الإماراتية عبر شهادات حية لمعتقلين تم تعذيبهم بطرق وحشية، وكان أحدث الضحايا المعتقل السياسي سالم موسى، الذي توفي نتيجة التعذيب بأحد سجون أبوظبي، قبل عام من انتهاء الحكم الصادر ضده منذ سبع سنوات.
ونقلت وسائل إعلام خليجية عن مصادر إماراتية أن المعتقل سالم موسى فيروز خميس، وهو أحد منتسبي الأجهزة الأمنية الإماراتية وتتهمه أبو ظبي بـ”التجسس”، توفي نتيجة سوء المعاملة إلى جانب التعذيب، بالرغم من أن المعتقل صدر بحقه حُكم من المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي بالسجن سبع سنوات، وكان يفترض أن تنتهي مطلع 2020.
وأشارت المصادر الإماراتية إلى أن هناك عسكريًا في القوات المسلحة الإماراتية اعتقل في نفس قضية سالم خميس، إلا أنه لا يوجد أي معلومات عنه.
تأتي وفاة “خميس” في ظل تصاعد الحديث من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية عن سوء الأوضاع في سجون الإمارات، لا سيما المعتقلين السياسيين من أبناء البلد والمغتربين من خارجه، بالتزامن مع استغاثة معتقلة سودانية في سجون الإمارات.
وناشدت المعتقلة السودانية في سجن “الوثبة” الإماراتي، إجلال عبد المنعم حسن، الأمم المتحدة والحكومة السودانية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية التدخّل والضغط على السلطات الإماراتية لإطلاق سراحها دون شروط.
وقالت – في تسجيل صوتي مسرّب – إنها تعرّضت للعديد من الانتهاكات الجسيمة داخل مقر احتجازها بالإمارات، وتعاني من الإهمال الطبي، وأوضاع احتجاز غير آدمية، بالإضافة إلى المعاملة المُهينة والعنصرية التي تلاقيها من الشرطيات والقضاء الإماراتي.
وظلت إجلال قيد الاختفاء القسري لمدة ثلاثة أشهر وأسبوعين، بعدها عُرضت على المحكمة في أكتوبر 2017، دون محامٍ، ثم عُرضت عليها مرة أخرى في جلسة 22 نوفمبر 2017.
وقالت: “بتاريخ 26 ديسمبر 2017، صدر حكم ضدي بالسجن 10 سنوات مع الإبعاد بعد انقضاء المدة، ولم أحضر المحاكمة ولم ينُبْ عني أي محامٍ، رغم مراسلاتي العديدة للجهات المعنيّة بالسماح لي بتوكيل محامٍ، ووقعت بعلمي بالحكم في 4 يناير 2018”.
واستطردت في شكواها: “تدهورت حالتي الصحية نتيجة ظروف الاحتجاز غير الآدمية، فنُقلت إلى المستشفى وأجريت عملية جراحية، في 5 سبتمبر 2018، لاستئصال الغدة لوجود خلايا سرطانية غير حميدة بها، وبعد يومين فقط أُجبرت على العودة إلى السجن، وتم نقلي إلى السجن حافية القدمين مقيّدة اليدين والقدمين، ولم يسمحوا لي بارتداء غطاء للرأس، فقمت بستر رأسي وجسدي بشرشف السرير، وإلى يومنا هذا لم يتم نقلي للمستشفى مرة أخرى لمراجعة الطبيب المختص”.
جوانتانامو الشرق الأوسط
ووثقت منظمات حقوقية دولية، شهادات لمعتقلين في سجون الإمارات، كشفت كيف يتم تعذيب المعتقلين في سجون محمد بن زايد، حتى أنها وصت ما يحدث في هذه السجون بأنها مثل جوانتنامو جديد في الشرق الأوسط.
وتتهم منظمات أبوظبي بممارسة “التعذيب الممنهج” و”الاعتقالات التعسّفية” بحق نشطاء وناشطات في مجال حقوق الإنسان.
ونشرت مؤسسة “الكرامة” نموذجًا مأساويًا لحالات التعذيب البشعة التي تحدث بسجون الإمارات، والتي وصلت إلى حد الاعتداء الجنسي.
وأكدت أن السلطات الإماراتية تتخذ التعذيب بشكل منتظم و تعريض المحتجزين لظروف غير إنسانية.
وأضافت أن كل المختفين قسريًّا أو الممنوعين من التواصل مع عائلاتهم أو المحتجزين في معتقلات سرية معرضون لصنوف مختلفة من التعذيب الذي يؤثر عليهم وعلى عائلاتهم، وأكد أن الحجز الانفرادي لمدة طويلة يعتبر نوعًا من التعذيب وفقًا لخبراء الأمم المتحدة.
وذكر التقرير أن السلطات الإماراتية ترفض الانتقادات الموجهة إليها بخصوص التعذيب، وواجهت الأصوات التي تتحدث عن هذا الموضوع بعدة إجراءات، من بينها التهديد والاعتقال التعسفي والمحاكمات غير العادلة، وهي إجراءات تعرض لها عدد من النشطاء من بينهم أحمد منصور ود. ناصر بن غيث.
محاكمات غير عادلة
ونقلت قناة “الجزيرة” عن أسامة النجار أحد ضحايا التعذيب في السجون الإماراتية؛ حيث تم محاكمته برفقة 93 شخصا آخر بتهمة تشكيل تنظيم لقلب نظام الحكم، في محاكمة انتقدتها المنظمات الدولية واعتبرتها غير عادلة.
واعتقل النجار من الشارع بواسطة رجال الأمن، وتعرض للضرب في مرات مختلفة قبل نقله إلى مكان مجهول، وعانى من احتجازه في ظل درجة حرارة عالية. وظل مسجونا رغم انقضاء مدة الحكم الصادر في حقه بالسجن ثلاثة أعوام.
وقال ناشطون وحقوقيون: إن سلطات السجون بدولة الإمارات، تتعمد بقصد التنكيل والعقاب، وضع معتقلي الرأي في زنزانات انفرادية شبهها البعض بـ”التوابيت” من شدّة الضيق والحرارة.
ويمنع عن المسجونين بالسجن الانفرادي الزيارة والاتصال بالعالم الخارجي، بل ويصل الأمر إلى حرمانهم من المصحف والجرائد والأوراق والأقلام.
ويستمرّ حبس الناشطين الحقوقيين والمعارضين السياسيين انفراديًا لمدد طويلة، كما تنكر عليهم إدارة السجن الحق في التظلم والدفاع عن أنفسهم قبل تسليط عقوبة الحبس الانفرادي طبقًا للمبدأ 3 من مجموعة المبادئ الأممية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.