من الإساءة للنيل إلى المأذون.. الفنانة شيرين ضحية الإلهاء في إعلام العسكر

- ‎فيأخبار

“موعد مع فضيحة”.. هكذا هو حال المواطن المصري الذي لا يكاد ينتهي من الاستماع أو مشاهدة الفضيحة أو أي خبر عنها، إلا ويجهز له إعلام الانقلاب العسكري فضيحة أخرى قد تخص فنانا أو فنانة أو شخصا شهيرا، في سلسلة من التشتيت لا تتوقف، هذه المرة عاد الإلهاء مع الفنانة شيرين عبد الوهاب التي حاكمها شامخ العسكر في وقت سابق بالسب والقذف في حق نهر النيل!.

واعتبر خبراء مصريون أن سلسلة الإلهاء والفضائح التي يتعرض لها المصريون حاليا هي أمر متعمد، في محاولة لإزاحة ما هو سياسي عن الأضواء لصالح الفضائح الفنية وغير الفنية. وقالت الناشطة دعاء: “فيه ست اسمها شيرين اتجوزت واحد اسمه حسام حبيب في العلن وعلى سنة الله ورسوله، أظن من الذوق والأدب أنها كانت تاخد رأينا.. ده بس اللي يؤخذ عليها.. تخلص شهر العسل بس ونعاتبها على رواقة بس”.

وقال الناشط ابن القاضي: “شيرين علشان ملهاش ضهر بيستخدموها دايما للإلهاء عن بلاوى بسلامته.. طب عمرك قريت خبر عن فنانة من إياهم بتوع مؤتمراته اللى الواحدة فيهم بتتجوز مرتين وتلاتة فى اليوم”.

إلهاء من أيام عبد الناصر

ومن وقت انقلاب جمال عبد الناصر على الرئيس محمد نجيب، استثمر العسكر في ثقافة الإلهاء إلى سقوط المخلوع مبارك، ثم عودتهم بعد انقلاب السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وهي سياسة تتبعها الأنظمة الهشة بقصد التغطية على إخفاقاتها الاجتماعية وفشلها الاقتصادي وتخلف وعودها السياسية.

وتحرص حكومات العسكر على تلك السياسة وتضخها في الإعلام؛ لتجنب مراقبتها ومحاسبتها على ما أعلنت عنه من رهانات، وعدم مساءلتها عن فشلها في تحقيق ما وعدت به، لصرف أنظار الشعب عن قضاياه الحقيقية والمهمة والمحددة لمصيره، وحسر زاوية نظره في نوعية معينة من الإشكاليات التي لا تكتسي قيمة كبرى على حياته، الإلهاء هو أسلوب في الحكم يقوم على تضخيم القضايا الصغرى وتصغير المواضيع الكبرى، وإلهاء الشعب بكل ما هو ثانوي وهامشي، وقلب الأوليات ليصبح الضروري غير مستعجل ويتحول غير المهم إلى متأكدٍ.

ويعد الفنانون أبرز الفئات التي تتعرض للفضائح وحرب الشائعات، وذلك بما لهم من مؤهلات سواء في مهنتهم أو في حياتهم الاجتماعية المتحررة نسبيا، وكانت الراقصة الأرمينية “صافيناز” تعرضت للحبس، وتم الإفراج عنها في بلاغ غامض؛ بسبب خلافها مع الفندق الذي ترقص فيه، وعلى نفس الإيقاع الفضائحي في الإعلام أثار تكريم الراقصة الشهيرة “فيفي عبده” لاختيارها “أما مثالية” ضجة إعلامية كبيرة.

سياسة التزييف

في كتابه “أسلحة صامتة لحروب هادئة”، يتحدث المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي عن فكرة إلهاء الشعوب والمجتمعات، وعن ثقافة السيطرة على الرأي العام والتحكم في توجهاته، فيعتبر “أن الإلهاء هو عنصر أساسي لتحقيق الرقابة على المجتمع، من خلال تحويل انتباه الرأي العام عن القضايا المهمة وإغراق الناس بوابل متواصل من وسائل الترفيه، وحشو أذهانهم بكم كبير من المعلومات، بعضها صحيح وأكثرها من الشائعات لتشويش الذهن، وحصر الاهتمام في كيفية معرفة ما هو الصحيح وما هو الزائف من هذه المعلومات”.

وأضاف: اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات”.

من جانبه قال حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس: إن “علم “سياسية إلهاء الشعوب” يتم تدريسه على المستويين الأكاديمي والسياسي لرجال الأمن وصانعي القرارات، ومن يقوم على تدريسها ويضع مناهجها ويقوم بتنفيذها هي جهة الاستخبارات في كل بلد”.

وأضاف الخولي أن “سبل الحاكم لإلهاء الناس عديدة يكون هدفها الأول إزاحة ما هو سياسي عن الأضواء لصالح ما هو فني أو غير ذلك”.

ومضى قائلا: إن “سياسة الإلهاء تصل إلى ابتكار مشكلة أو موقف لإثارة رد فعل معين عند الناس بحيث يندفع الجمهور، مطالبا بحل يرضيه كالسماح مثلا بانتشار العنف في بعض المناطق الحساسة أو تنظيم هجمات إرهابية دموية لأماكن بعينها حتى تصبح قوانين الأمن العام مطلوبة ولو حتى على حساب حرية الآخرين”.

وأوضح أنه ربما يتم “خلق أزمة اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية، وتفكيك بعض الخدمات العامة الحيوية، وبناء عليها يتم تقديم حلول مبرمجة لنا سلفا وواجبة القبول على أنها شر لا بد منه أو تمرير لإجراء أو قانون غير مقبول من الممكن أن يثير ثورة داخلية في البلاد، لو تم تنفيذه دفعة واحدة وتطبيقه بشكل تدريجي حتى يتم قبوله”.