موسم التفجيرات.. هل يتحكم فيها السيسي بالريموت كنترول؟

- ‎فيتقارير

بعد هدوء استمر شهورا، عادت وتيرة التفجيرات إلى الواجهة بالتزامن مع تصميم نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي على تمرير التعديلات الدستورية التي تفضي إلى تأبيده في السلطة ومنحه صلاحيات مطلقة وجعل الجيش وصيا على الشعب وعلى حاضر مصر ومستقبلها بما يقنن تورطه في السياسة وتكريس حضوره بوصفه حزبا للجنرالات لا جيشا للوطن، وكذلك دسترة انقلابه على أي نظام ديمقراطي مستقبلا بدعوى “صون الدولة المدنية” على غرار الجيش التركي قبل مرحلة الرئيس أردوغان والذي نفذ “5”انقلابات عسكرية ضد الديمقراطية بدعوى حماية علمانية الدولة!.

وشهدت مصر عدة حوادث مسلحة وتفجيرات خلال الأيام الأربعة الماضية،أولها في سيناء حيث هاجم تنظيم “ولاية سيناء” ارتكازا أمنيا أفضى إلى مقتل 15 بينهم ضباط بالجيش ومجندين ثم ارتفع العدد إلى 18 بعد يومين ومصرع 7 مسلحين بحسب بيان الجيش، ويوم الجمعة الماضي تم إبطال مفعول قنبلة بدائية الصنع بالقرب من مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة بحسب بيان وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب.

وأخيرا وقع مساء الاثنين 18 فبراير 2019م تفجير حي الدرب الأحمر بالأزهر الذي أدى إلى مقتل “5” أفراد بينهم ضابط بالأمن الوطني وأمينا شرطة والانتحاري وطالب تايلاندي بالأزهر الشريف، إضافة إلى إصابة 6 آخرين بينهم 3 ضباط.

هذا التصعيد المفاجئ للتفجيرات بالتزامن مع فعاليات تمرير البرلمان للتعديلات الدستورية يثيرا كثيرا من الشكوك حول مدى تحكم النظام في هذه التفجيرات بناء على حاجته إليها؛ فإنها تخبو مع النظام وتطفو كلما احتاج إليها وكأن السيسي يتحكم في منسوبها بالريموت كنترول!

وبحسب خبراء ومحللين فإن النظام سوف يقوم بالتوظيف السياسي لهذ التفجيرات من أجل التسويق لضرورة تمرير التعديلات لمواجهة ما يسمى بالإرهاب من جهة وضمان استكمال مشروعات السيسي الوهمية من جهة ثانية. كما أن النظام حريص على إظهار نفسه كرأس حربه ضد هذا الإرهاب المزعوم أمام المجتمع الدولي؛ لأن شرعية النظام الدولية تقوم على ضمان المصالح الأمريكية والغربية، وحماية أمن الكيان الصهيويني، ووأد أي مسار ديمقراطي لأنه سيفضي إلى استقلال القرار الوطني، ورابعا وأد التوجهات الإسلامية باعتبارها الأكثر رفضا للانصياع للغرب والمشروع الصهيوني الذي يراد له أن يتمدد في المنطقة مدعوما برعاية غربية وخيانة نظم عربية عميلة.

ووفقا للباحث السياسي سيد أمين، فإن النظام هو المستفيد من هذه التفجيرات الموسمية حتى يتم توظيفها سياسيا وإعلاميا من أجل إقناع الناس بضرورة حماية النظام وبقائه وفق قاعدة مبارك”أنا أو الفوضى”، ولكي تكون مبررا لمزيد من الانتهاكات والاستبداد وتلجيم أفواه الناس وتمرير تعديلات الدستور على وقع الدعاية الإعلامية الزاعقة حول الحرب على الإرهاب. كما أن النظام يبعث بهذه التفجيرات رسالة للغرب لكي يكف عن انتقاده في الملف الحقوقي ويغض الطرف عن جرائمه بحق المصريين ما دام سوف يلبي شروط الغرب ويضمن مصالحه.

تشكيك في الرواية الأمنية

وردت حكومة الانقلاب على هذه الحوادث بالإعلان أمس عن مقتل 15 مواطنا بالعريش قالت إنهم قتلوا في تبادل لإطلاق النار، لكن بيان الداخلية الذي أعلن عن الحادث تعرض للتشكيك من جانب كثيرين استنادا إلى أن الصور التي وزعتها وزارة الداخلية تكشف أن الضحايا قتلوا من مسافات قريبة وأن ما جرى هو اغتيال خارج إطار القانون وفقا لنظام العصابات لا دولة القانون.

وشكك الدكتور كمال حبيب الخبير في شئون الحركات الإسلامية، في الرواية الأمنية؛ وتساءل حبيب: “لماذا يتم اكتشاف البؤر الإرهابية وقتل من فيها جميعا بأعداد كبيرة بعد كل عملية تتعرض لها أكمنة الجيش للهجوم؟”، موضحا عبر صفحته بـ”فيسبوك”: “المفروض أن الخلايا الإرهابية لا تتجمع بمثل هذه الأعداد الكبيرة بمكان واحد، كما أنها تعمل على الكمون والاختفاء والانتشار الصامت عقب عمليات المواجهة مع قوات الأمن والجيش”.

وعاود التساؤل: “لماذا يتكرر هذا السيناريو أن تكون هناك عملية ضد الجيش أو الشرطة بسيناء أو القاهرة أو المحافظات، ثم يجري بعدها قتل أعداد كبيرة من الإرهابيين؟”، معلقا بقوله: “المفروض أن لديهم أماكن للتخفي بعيدا عن الأماكن المكتظة بالسكان”.

وقال حبيب إن “المخاوف كلها أن يكون هناك منطق للثأر والانتقام، حيث إن هناك احتمالا لأن يتعرض للقتل من لا يكون إرهابيا، وهو ما يجعل الدولة تخسر بالمواجهة، حيث تنعش وتمد قوى الغلو والتطرف والإرهاب بمبررات؛ للاستمرار في المواجهة ومزيد من الاستنزاف لأبنائنا وجنودنا”. وفي تدوينة أخرى، أشار إلى مسؤولية النظام في هذه الأحداث متسائلا: “هل التوتر السياسي وعدم احترام قواعد اللعبة السياسية ينعكس على سلوك الشباب المجازف ليخوض معاركه بطريقة مختلفة؟”.

 

لا لإعدام الأبرياء

في السياق ذاته نفذت سلطات الانقلاب العسكري صباح اليوم حكم الإعدام الجائر ضد 9 شباب أبرياء بزعم مشاركتهم في قتل النائب العام السابق هشام بركات، وهي التهمة التي فندها المحامون والمتهمون وأثبتوا أنها مجرد تلفيق لا أصل له، وأن الاعترافات التي أدلى بها الشباب كانت تحت التعذيب الشديد الذي لا يتحمله بشر، فضلا عن أن نفس تلك الحادثة تم قتل 9 من قيادات الإخوان بعدها بيومين، فيما عرف ب”شقة أكتوبر”، وبعدها قتل اثنان آخران بنفس التهمة. وحذر حقوقيون من توظيف نظام الانقلاب لموجة التفجيرات الجارية من خلال زيادة منسوب الممارسات الإجرامية والانتقامية من نشطاء ثورة 25 يناير.

وأصدرت منظمة العفو الدولية مساء أمس الثلاثاء بيانا حذرت فيه من إقدام نظام العسكر الانقلابي صعلى قتل الشباب التسعة، والتوقف عن تنفيذ جميع عمليات الإعدام بهدف إلغاء العقوبة تمامًا. وهي المناشدات التي ضربت بها سلطات الانقلاب عرض الحائط.

وتم تنفيذ حكم الإعدام ضد الشهداء:أحمد محمد طه، وأبو القاسم أحمد علي يوسف، وأحمد محمود حجازي، ومحمود وهدان، وأبو بكر السيد عبد المجيد علي، وعبد الرحمن سليمان كحوش، وأحمد محمد هيثم الدجوي، وأحمد محروس عبد الرحمن، وإسلام مكاوي”.

وطالبت ثلاث منظمات حقوقية في وقت سابق، السلطات المصرية بالتوقف عن تنفيذ المزيد من أحكام الإعدام من دون قيد أو شرط، وتعليق العمل بهذه العقوبة إلى حين فتح حوار مجتمعي واسع حولها وفقاً لالتزامات مصر الدولية.

ورصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومنظمة “كوميتي فور جستس”، والمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية (نضال)، أن المحاكم المصرية، المدنية والعسكرية، أصدرت منذ الإنقلاب العسكري في 2013، وحتى نهاية العام الماضي، 2532 حكما قضائيا بالإعدام على متهمين في قضايا جنائية وسياسية، وتم تنفيذ أحكام الإعدام بحق 165 شخصاً على الأقل.

يشار إلى أن الإعلامي عمرو أديب الموالي للنظام كان قد تنبأ بموسم تفجيرات يستمر 3 شهور خلال برنامجه “الحكاية” على فضائية “أم بي سي” السعودية مساء السبت الماضي ما عده خبراء ومحللون دليلا على تورط أجنحة داخل النظام في هذه التفجيرات أو على الأقل السماح بحدوثها لتوظيفيها سياسيا وإعلاميا لخدمة أهداف النظام خلال المرحلة الحالية والقادمة.