بعد أشهر من الجدل السياسي، صدّق البرلمان الصهيوني (الكنيست)، أمس الخميس، على قانون “الدولة القومية” الذي يمنح اليهود وحدهم حقّ تقرير المصير في البلاد.
القانون جرت الموافقة عليه من 62 نائبا، ومعارضة 55، وامتناع نائبين عن التصويت، وسط رفض للنوّاب العرب الذين مزّقوا أوراق القانون بعد التصويت.
ولكن القانون يشكّل خطورة على القضيّة الفلسطينية، وتمكين الدولة اليهودية على الأراضي المحتلّة انطلاقا من أساس عنصري يهمّش الفلسطينيين.
الأسوأ في التاريخ
ويعتبر القانون “دولة إسرائيل الوطن القومي للشعب اليهودي، الذي يحقّق فيه طموحاته لتقرير المصير”. ويزعم أن “أرض إسرائيل (فلسطين المحتلة) هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي ومكان إقامة دولة إسرائيلية”.
وهدف القانون الأساسي يتمثّل في تحديد هوية دولة الاحتلال الإسرائيلي “على أساس قومي”. كما يفتح القانون المجال أمام قدوم مزيد من اليهود من جميع أنحاء العالم إلى أرض فلسطين المحتلة، ويمنح “حقّ المواطنة” لكل يهودي يأتي إلى “إسرائيل”؛ بهدف “جمع الشتات”.
ويشكّل القانون طمسا للهوية الفلسطينية من خلال “تعزيز ثقافة وتقاليد وتاريخ الشعب اليهودي والحفاظ عليها وتعميمها”. وظهر القانون على جدول أعمال “الكنيست” كمشروع قانون في الدورة البرلمانية الـ 18 (2009- 2013)، وقدّمته كتلة “يسرائيل بيتينو”، التي يتزعّمها أفيغدور ليبرمان، وكان المبادر للقانون النائب شارون غال. وبعد أشهر من الجدل السياسي، أقر الكنيست، المؤلفُ من 120 عضوا، قانون “الدولة القومية” بموافقة 62 نائبا.
مخاطر مستقبلية
ويميز قانون “الدولة القومية للشعب اليهودي”، بين اليهود والفلسطينيين، ويجعل فلسطينيي الأرض المحتلة عام 49 (20% من السكان) مواطنين درجة ثانية، ولغتهم العربية أيضا لغة ثانية بعد “العبرية”.
جنوب إفريقيا
والأبارتهايد (بالإفريقية Apartheid أي “فصل”) هو نظام فصل عنصري حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا من عام 1948 وحتى 1994، لا يعترف سوى بالعنصر الأوروبي الأبيض، ويميزه عن السود والآسيويين في السكن والثروة والحكم.
وتكمن مخاطر القانون أيضا، في تثبيت وضعية “القدس عاصمة لإسرائيل، واللغة العبرية والتقويم العبري هما الرسميان”، ويُقصي عمليا 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية عام 1948 (إسرائيل)، ويُشرّع الأبواب أمام الهجرة اليهودية، ويمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين.
نحو صفقة القرن
وبحسب مراقبين، فصدور هذا القانون في هذا التوقيت يظهر كيفية التعامل الصهيوني مع الحكومات العربية وينسف مزاعم السلام والتسوية السلمية، في وقت يشرعن فيه الصهاينة هيمنتهم على الأرض المحتلة، بالتوافق مع ما يدور تجهيزه على أصعدة دولية وإقليمية لما يعرف بصفقة القرن؛ لنقل ملايين الفلسطينيين من المناطق الفلسطينية بالداخل إلى أراضي سيناء المصرية، التي يقدمها الخائن السيسي للصهاينة، لإنهاء الوجود الفلسطيني في الداخل.
وعد هرتزل
القانون وصفه نائب الليكود، آفي ديختر، رئيس الشاباك السابق، الذي قدم القانون بقوله: “لقد أنهينا اليوم في الكنيست المهمة التي بدأها هرتزل وبن غوريون”، بينما قال نتنياهو: “بعد 122 عاما من نشر هرتزل (مؤسس الدولة الصهيونية) رؤياه، حددنا بالقانون مبدأ الأساس لوجودنا، وهو أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي”.