“ولادة قيصرية”.. بيزنس اللعب في “البطون” كارثة زمن العسكر

- ‎فيتقارير

مصر لا تخلو من الكوارث كل يوم فى ظل استمرار حكم العسكر.وكشف أحدث تقرير من منظمة الصحة العالمية أن مصر تحتل المرتبة الثالثة فى ارتفاع معدلات الولادات القيصرية بها، حيث بلغت النسبة 52%، لتكسر القاعدة التى وضعتها منظمة الصحة العالمية، بألا تتجاوز نسب الولادات القيصرية فى أى مجتمع 15%، ما يشكل خطورة كبيرة على المجتمع مسببا مضاعفات غير محسوبة على الأطفال وأمهاتهم.

الثالثة عالمياً

في هذا السياق قال الدكتور خيري عبدالدايم نقيب الأطباء السابق، إن النسبة مرتفعة للغاية، وطالب بضرورة وضع ضوابط محددة للولادة من الجمعيات العلمية والصحية وأساتذة كليات الطب، بالتعاون مع وزارة الصحة.

وأشار إلى أهمية أن تلزم الوزارة الأطباء بتنفيذ هذه الضوابط، وفي حال المخالفة يتعرض المخالف للتأديب من جانب النقابة، مع نشر ثقافة أفضلية الولادة الطبيعية بين الأطباء والسيدات الحوامل، وتعريف الطرفين بأنها أفضل من الولادة القيصرية.

فيما أرجعت الدكتورة فاطمة السيد استشارية التوليد، وعضو الجمعية المصرية للأمراض النسائية، انتشار الظاهرة إلى تخوف الكثير من الأطباء والأمهات من حدوث مضاعفات للأم والجنين أثناء الولادة الطبيعية، الأمر الذي ربما يتسبب في تشوه الجنين، ووقتها يخشى الطبيب من التعرض للمساءلة القانونية.

وفي أحيان كثيرة يتعرض لدفع غرامات مالية بموجب صدور أحكام قضائية، إضافة إلى ارتفاع العائد المادي الذي يتقاضاه الأطباء من الولادات القيصرية، وتصل أحيانا في بعض العيادات والمستشفيات الخاصة الكبرى إلى 30 ألف جنيه.

المعدل العالمى

وأصبح شائعا أن تذهب سيدة حامل إلى طبيب أمراض النساء والتوليد، ورغم أن حملها مستقر، وحالتها الصحية جيدة، وموعد ولادتها طبيعي، تُفاجأ بأن طبيبها أنجز عملية الولادة بتدخل “قيصري”.

وتبلغ معدلات الولادات القيصرية في مصر نسب عالية جدًا بالنسبة لدول العالم، حيث تأتي في المركز الثالث عالميًا بنسبة 52% بعد جمهورية الدومينيكان ،لتكسرالقاعدة التي وضعتها منظمة الصحة العاليمة والتي تحذر من تجاوز نسب الولادات القيصرية عن 15% ما يشكل خطوة كبيرة على المجتمع مسببًا مضاعفات غير محسوبة على الأطفال وأمهاتهم.

المسح الصحى السكانى الأخير الذى صدر عن وزارة الصحة والسكان كشف عن تكلفة فاتورة الولادات القيصرية فى مصر والذي ارتفع إلى 14مليار و525 مليون جنيه سنويًا فى مقابل الولادات الطبيعية التى بلغت فاتورتها 3 مليار و675 مليون جنيه، حيث قدرت تسعيرة الولاداة الطبيعية بين أطباء النساء والتوليد من 1000 إلى 3000 جنيه بينما الولادة القيصرية من 8 آلاف إلى 14 ألف جنيه.

مليون حالة

وأكد المسح الصحي أن عدد الولادات الطبيعية بلغ مليون و225 ألف ولادة بينما عدد الولادات القيصرية بلغ مليون و375 ألف حالة سنويًا، مشيرًا إلى أن 60% من الولادات الأولى للسيدات تتم قيصرياً والولادة الثانية والثالثة تتم قيصرياً بنسبة 52 %، والرابعة الخامسة بنسبة 38.8% والسادسة فأكثر بنسبة 33% بمعنى أن أكثر تعرض للولادة بالقيصرية يحدث فى الولادة الأولى للسيدة ما يجعلها تلد قيصريا طوال فترات عمرها الإنجابى.

تقارير المسح الصحى تشير أن حوالى مليون و375 ألف ولادة قيصرية تتم سنويًا فى القطاعين الحكومي والخاص بنسبة 77.6% من إجمالى العدد بواسطة القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الولادة فى القطاع الخاص تزيد احتمال التعرض للقيصرية بمرة ونصف عن الولادة فى القطاع الحكومى وتابعت: أماكن الولادة فى عمر الإنجاب تتمثل فى أن القطاع الحكومى يستحوذ على 25.6% منها 45.3% قيصرية وفى القطاع الخاص 61.1 % منها 65.7 % ولادة قيصرية بينما نسبة الولادات فى البيت بلغت 13.2%.

نموذج البرتغال

وقررت حكومة البرتغال قطع التمويل عن المستشفيات التي تزيد فيها معدلات الولادات القيصرية على 5,29 % أو 5,31 % .
وذلك للحد من الولادات القيصرية ووفقا لما جاء في بنود الرعاية الصحية المتعاقد عليها في الخدمة الصحية القومية في البلد لعام 2018 ، فإنه من غير المتوقع أن يؤدي هذا الإجراء إلى زيادة المخاطر الصحية للمرضى والتي تمثل أولوية رئيسية عند اتخاذ القرارات السريرية ،و مع الأخذ بعين الاعتبار أن العملية القيصرية يمكن أن تحقق الفوائد الصحية للمرضى وأطفالهن إذا تطلب الأمر ذلك، ولكن سوء استخدامها يشكل مخاطر متزايدة للطرفين.

الحافز المادى

يوضح الدكتور خالد العطيفى، مدير الادارة العامة لرعاية الأمومة والطفولة بوزارة الصحة والسكان، الأسباب التى أدت لزيادة الاتجاه للولادة القيصرية وفقا للدراسة التى أجريت على 13 مستشفى حكومى و3 مستشفيات خاصة، وشملت على:
افتقار البروتوكولات المنظمة لإجراء الولادة القيصرية ،و قلة الموارد مثل المسكنات وأطباء التخدير للمساعدة على الولادة الطبيعى و الحافز المادى الذى يحصل عليه الطبيب، حيث إن تكاليف الولادات القيصرية تزيد عن الطبيعية ،وبعض الأطباء يرون أنها وسيلة لتحسين المهارات والتدريب على الحالات خاصة فى المستشفيات الحكومية.

بيزنس شق البطون

وكنموذج للمستشفيات،تم إجراء جولة من إحدى المتخصصات فى الشأن الطبى، حيث وجدت فى مستشفى “روكسي” في مصر الجديدة، وتكلفة الولادة طبيعية 1300 جنيها، يضاف إليها أجر الطبيب وهو 2500 جنيها، وتكلفة الولادة القيصرية 2400 جنيها، يضاف لها أجر الطبيب وهو 4000 جنيها، غير شاملة تكلفة المبيت في الغرفة.

وفي مستشفى “مصر الدولي” في الدقي، تكلفة الولادة الطبيعية 3500 جنيه، أما القيصرية 6 ألاف جنيه بدون احتساب أجر الطبيب في كلا منهما.وفي مستشفى الهرم التخصصي تساوت تكلفة الولادة الطبيعية والقيصرية وهي 2500 جنيه يضاف لها 1700 جنيها أخرى أجر الطبيب إضافة إلى تكلفة الغرفة.

وعلق الدكتور ممدوح وهبه، استشاري أمراض النساء و رئيس الجمعية المصرية لصحة الأسرة، قائلا إن العنصر المادي متروك لضمير الأطباء لكن من الواضح أنه أصبح طاغيا على تعاملات الأطباء.

ويضيف وهبه، إن الأزمة تتمثل في أن الأساس أصبح اللجوء لكل ما هو صناعي ونسينا كل ما هو طبيعي؛ بالتالي زادت معدلات الإقبال على الحقن والتخصيب المجهري والولادة القيصرية.

يكمل قائلا:”من المؤسف أننا أصبحنا نجد سيدات عشرينيات لم يمر على زواجهن مدة زمنية طويلة يلجأن للحقن المجهري، وأخريات بصحة جيدة يلدن قيصريا، وهو ناتج عن البرامج الإعلانية الموجهه التي تؤثر سلبا على المرضى ولا تقدم معلومة طبية قيمه وفي ظل غياب دور الإعلام الحكومي الذي يسمح للأطباء بالظهور مجانا من أجل توعية المرضى”.

خطر شديد

أما الدكتور محمد مراد مدير إحدى المستشفيات فيؤكد: “ستظل الولادة الطبيعية أفضل من القيصرية، لكن للأسف ما نلاحظه حاليا أن الولادات القيصرية زادت نسبتها في مصر بصورة مخيفة، ومقلقة مع الوضع في الاعتبار أن الولادة القيصرية في كل دول العالم لا تتعدي نسبتها من 10 إلي 20٪، ولكن عندما تصل إلي 52٪ في مصر فتصبح نسبا مخيفة ولها مضاعفات كثيرة. علي الأم والجنين .

يوضح أنه نتيجة لكثرة الولادات القيصرية وانتشارها تحدث حالات المشيمة المندمجة في عضلة الرحم وتصل إلي المثانة ونسب الوفيات فيها من 7 إلي 10٪ وهذه النسبة في الخارج تكون مرتفعة جدا ، مشيرا إلي أنه منذ سنوات مضت منذ أن كان طبيبا مقيما كان يري مثل هذه النوعية مرة كل عدة أشهر، ولكنه حاليا يراها يوميا وكلما زادت نسب الولادات القيصرية زادت الحالات المعرضة لتلك الحالة، موضحا أن مصر بها نسبة زيادة مفرطة من الولادات القيصرية وأن منظمة الصحة العالمية ضربت جرس إنذار بسبب هذة الزيادة المفرطة وغير المبررة وهو مايعد خطرا شديداً على بطون النساء فى مصر ولسنوات طويلة.