2018.. هل كان عامًا هادئًا بين المصريين والانقلاب؟

- ‎فيتقارير

يعمل قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، منذ انقلاب 3 يوليو 2013 والغدر بالرئيس المنتخب محمد مرسي، على توطيد أركان عصابته على جميع الأصعدة، عبر وسائل عدة، يتمثل آخرها في الدفع بكثافة بعناصر جديدة موالية له في جميع أجهزة الدولة، والتوجه إلى تعديل دستوري يسمح له بالاستمرار على رأس السلطة، وعدم الالتزام بمبدأ الولايتين المنصوص عليه في دستور الانقلاب ذاته 2014.

في المقابل تستمر حكومة الانقلاب في تضييق الخناق على الحقوق الأساسية، ويواصل قضاء العسكر إصدار الأحكام الجائرة ضد خصومه الرافضين للانقلاب، والحال أنّ الجيش هو المؤسسة التي قامت بالانقلاب ضدّ مرسي، أوّل رئيس منتخَب ديمقراطيا في تاريخ مصر؛ ولم يكن السفيه السيسي سوى الوزير الذي تصدّر الواجهة، ثمّ تولى الإشراف على تمكين المؤسسة العسكرية بمختلف أجهزتها، حتى ساعة وصولها بمصر إلى الدرك المحزن، فهل كان عام 2018 هادئًا بين الانقلاب من جهة والرافضين له من جهة أخرى؟.

جحيم السيسي

من جانبه، رأى المحامي والحقوقي عمرو عبد الهادي، أنه “أولا لا يجب التعامل مع معارضي السيسي على أنهم كتلة واحدة بل إنهم ثلاثة أقسام”، موضحا أن “القسم الأول هم مناهضو الانقلاب وأنا منهم، والذين وقفوا ضد الانقلاب منذ حدوثه إلى الآن، مصممين على عودة الشرعية”.

عبد الهادي، المؤيد لشرعية الرئيس محمد مرسي، أوضح أن “هذا الفصيل قمة مكاسبه التي حققها هي صموده أمام الحملة الشرسة من المنضمين حديثًا للمعارضة بالخارج والمسيطرين على  إعلام إسطنبول”، وقال إن “ثاني كتل المعارضة هم العائدون من (30 يونيو) والهاربون من جحيم السيسي بعد أن لفظهم ورفض مشاركتهم بالحكم، وهؤلاء أصبحت مكاسب بعضهم المادية مغانم فملكوا قنوات ومنصات وعاملين بالمئات تحت إمرتهم”.

وبين أن ثالث جبهات المعارضة هم “المطالبون بتحسينات من السيسي وفتح بعض الأفق ليتحركوا من خلاله، وهم لا ينادون بإسقاط النظام؛ بل يريدون أي تجميل يقوم به السيسي ولا مانع لديهم من التعامل معه ومع الجيش”، مشيرا إلى أن “الفصيلين الأول والثاني أصبحا معارضين رغما عنهما”.

وحول المكاسب التي حققتها المعارضة في 2018، أكد عبد الهادي أنه “منذ 2015، لم تحقق المعارضة أي نجاح، أما من ناحية الخسائر فكلنا خاسرون حتى من يؤيدون السيسي؛ لأن الثمن الذي ندفعه الآن هو مصر التي يستنزفها السيسي لصالح إسرائيل”.

ومنذ انقلاب السيسي في يوليو ٢٠١٣ والكثير من المحللين السياسيين وأصحاب الرأي يرون أن هذا الانقلاب يشبه إلى حد كبير انقلاب ٥٢، وأن السفيه السيسي يسير على خطى عبد الناصر، وكلاهما انقلابيان أتيا بالدمار والخراب على مصر، ولكن هناك فروق جوهرية اختلفت من حقبة عبد الناصر إلى السفيه السيسي.

فخ التقديس

ويعد لجوء السفيه السيسي إلى توريط الجيش في الانقلاب، والإعلان صراحة أنّ مصيره في كرسي الرئاسة هو مصير الجيش، سواء بسواء، بدلا من إبعاده عن صراعات النظام ضدّ المجتمع المدني، لم يكن مستغربا لأنه رأس الانقلاب، ونقد الرأس مع تنزيه المؤسسة ليس أقلّ من لعبة مخادعةٍ معلنة، كاشفة مثلما هي مكشوفة، تُفقر لاعبيها قبل أن تنقلب وبالا عليهم.

وبلغ الأمر بالسفيه السيسي في 2018 أن استنجد بسلاح الجوّ الإسرائيلي في سيناء، وأشاع أجواء تسميم وطني معمم تضمنت اعتقال مرشحين، ومقاضاة معارضين، وتجنيد إعلاميين، وابتزاز رأي عام.. فهل ينساق قادة الحراك الثوري نحو فخّ معلن قوامه معارضة السفيه السيسي وتقديس جيشه، في آن معا؟.

هنا يأتي السؤال الأهم: من الذي استفاد من أخطاء الماضي، وأصبح يمتلك أدوات لم يكن يمتلكها من قبل؟ في أدبيات الإخوان يسمى ما حدث “المحنة”، والمحنة هذه المرة اختلفت جذريا؛ وبعيدا عن الأسباب والنتائج التي أدت إليها تبقى الغلبة لمن فهم الماضي ووعى الحاضر وخطط للمستقبل.

الانقلاب في حقبة عبد الناصر كان يمتلك كل الأدوات التي تجعل من الحق باطلا ومن الباطل حقا، فكان يمتلك الجيش والشرطة والقضاء كما هو الآن، إضافة إلى الإعلام وبشكل كامل وبالتالي كان يمتلك الشارع والرأي العام، الذى لم يكن يعلم ماذا يحدث حتى في أثناء الحرب؛ فبينما كانت الهزيمة تضرب الجيش المصري، كان إعلام عبد الناصر يتحدث عن توجيه ضربات للعدو.

ولكن الآن ربما الوضع اختلف إلى حدٍ كبير، صحيح أن السفيه السيسي يمتلك أبواقا إعلامية ذات إمكانات ضخمة لكنها لا تسمن ولا تغنى من جوع، وفى نفس الوقت هو لا يمتلك تلك الوسيلة بالشكل الكامل الذي كان يمتلكه عبد الناصر، فهو يسيطر على جزء لا بأس به، بينما ذهب الإخوان لامتلاك تلك الوسيلة لما وجدوه من عظمة تأثيرها، فهل تتغير المعادلة في 2019؟.