55 عامًا على إنشائها.. هل انحرفت “بوصلة” إذاعة القرآن الكريم عن مسارها الحقيقي؟

- ‎فيتقارير

تحتفل اليوم إذاعة القرآن الكريم بمرور 55 عامًا على إنشائها، حيث أُنشئت في 25 مارس عام 1964.

وبدأ إرسال “إذاعة القرآن الكريم” في الساعة السادسة من صبيحة الأربعاء 11 من ذي القعدة لسنة 1383هـ الموافق 25 مارس لسنة 1964م، بمدة إرسال 14 ساعة يوميًّا، من السادسة حتى الحادية عشرة صباحًا، ومن الثانية حتى الحادية عشرة مساء، وكان الشيخ محمود خليل الحصري أول من قرأ القرآن الكريم مرتلاً بقراءة حفص عن عاصم داخل الإذاعة لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات.

ضلت طريقها

وتبدّل منهج الإذاعة التي يستمع لها ملايين المصريين، حيث باتت منبرًا لأبواق وأذرع العسكر الانقلابية تروج لأفكارها الكارثية على مسمع من المصريين. بل لم يكتف العسكر بالسيطرة التامة على فضائيات وقنوات مصر العامة والخاصة حتى تحولوا إلى الإذاعات، ومنها “القرآن الكريم”، الأمر الذى دفع الجنرال المنقلب وحاشيته لحذف عدد كبير من البرامج، وإدخال ما يحلو لهم من برامج تهدف لدعم الانقلاب وقائده عبد الفتاح السيسي.

وأصبحت إذاعة القرآن الكريم، التي اهتمت بالقرآن الكريم والبرامج الإسلامية، هدفًا استراتيجيًّا  للجنرالات، كونها الإذاعة الوحيدة التي يلتف حولها ملايين المصريين من العمال والموظفين وأصحاب المهن المختلفة.

من بين ما نفّذته الإذاعة الأعوام الماضية، ما كشف عنه الدكتور حسن سليمان، رئيس إذاعة القرآن الكريم، من إيقاف عدد من البرامج الشهيرة على الشبكة، وهي ”قطوف من حدائق الإيمان”، و”الأزهر جامعًا وجامعة”، و”البرامج التعليمية للثانوية الأزهرية”، و”الإسلام والتنمية”، و”قيم إسلامية”.

لعب بالنار

بدوره، انتقد عميد كلية الإعلام السابق بجامعة قناة السويس الدكتور ”حسن علي”، زيادة الجرعة السياسية بإذاعة القرآن الكريم، وخلط بعض الفتاوى الدينية بالشأن السياسي، وطالب القائمين عليها بإعادتها إلى مسارها السليم.

وأضاف “علي”، في تصريحات صحفية: “تسييس إذاعة القرآن الكريم بعد دخول البرامج واتساع مساحتها في الخريطة، أصبح للأسف ليس محسوبًا جيدًا.

وتابع “أنا لست ضد أن تحتوي إذاعة القرآن الكريم على محتوى سياسي، لكن يجب أن يُدرس هذا الأمر بشكل جيد، وتنأى الإذاعة بنفسها عن الصراعات السياسية، بمعنى أنه لو جاء برنامج سياسي على إذاعة البرنامج العام أو الشرق الأوسط، أو الشباب والرياضة، فيمكن أن يتناول السياسة بكل أبعادها ويدخل في مشاكلها، ويقدم الرأي والرأي الآخر، بينما إذا قدمت إذاعة القرآن الكريم محتوىً سياسيًّا، فيجب أن تركز على الجانب التوعوي وبث الوعي؛ لأن عملية نشر الوعي في حد ذاتها سياسة، وهذا ما سيقبله المواطنون من إذاعة القرآن الكريم، وسوى هذا يعتبر لعبًا بالنار”.

ومن بين النماذج التي تعمّدت إذاعة القرآن الكريم الإسقاط السياسي عليها، ما روجته إحدى حلقات الظهيرة، بعدما استضافت من أُطلق عليه أحد علماء الأزهر الشريف، حين تحدث عن القضية التي شغلت الرأي العام التي عُرفت باسم ”أطفال ميت سلسيل”، حين قال إن ما ارتكبه ”محمود نظمي” والد الطفلين فى حق أطفاله يجب أن يُعاقب عليه بأشد الأحكام دون تشويه صورة الدولة، ثم تلا قول الله عز وجل: ”ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم”.. فيرد عليه المذيع: فتح الله عليك فضيلة الشيخ!.

الخروج على الحاكم

ودأبت الإذاعة خلال السنوات الماضية، على الترويج لفكرة حرمة الخروج على الحاكم (الانقلاب العسكري)، حتى بدت الإذاعة الدينية وكأنها محطة سياسية بامتياز، بعدها تم مد ساعات الفترة المفتوحة التي تتناول قضايا سياسية، بعد صبغها بصبغة دينية.

الناشط السياسي خالد سعيد قال، في تدوينة له: إن إذاعة القرآن الكريم تنفذ هجومًا حادًّا منذ الانقلاب العسكري، واصفا إياها بأنها تشوه الدين، وتسعى للتدليس في أمور الدين، مشيرا إلى أن ما تقوم به إذاعة القرآن الكريم منذ 30 يونيو هو تشويه للدين الإسلامي، ولشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وتم تسييسها لتساند القوات المسلحة وقياداتها.

”أطيعوا السيسي”

من جانبه، ادعى رئيس إذاعة القرآن الكريم، الدكتور حسن سليمان، أن إذاعة القرآن الكريم إذاعة تخصصية تهتم بالشئون الدينية فقط، من عقيدة وتفسير وحديث ومعاملات، لكنها لا تتصل على الإطلاق بالجانب السياسي، بسبب أنها تعي وتعلم أن الدور السياسي منوط به الإذاعات الأخرى ونشرات الأخبار والمواد السياسية وما شابه ذلك.

وعن خروج المذيع عن إطار عنوان برنامجه، يؤكد سليمان أن هذا نوع من أنواع الخلل لا يحدث في إذاعة القرآن الكريم، لكن هناك بعض القضايا الملحة التي تخدم إطار الوطن مثل (حب المواطنة والتعامل مع الآخر ومحاربة التطرف والإرهاب) وما شابه ذلك، يتم تناولها في فترات مفتوحة بوجود ضيف معتدل في آرائه، ولكنها تبعد تمامًا عن أي شيء يتصل بالجانب السياسي.

وبالنسبة لتطرق بعض الضيوف إلى الحديث عما يأمرنا به (عبد الفتاح السيسي)، والدعوة إلى الاستجابة له، يقول رئيس الشبكة: إن هذا نادرا ما يحدث، ويمكن أن يكون الضيف تطرق له بغرض الأمر بـ”وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”، وأن مثل هذه الأمور تأتي في مجمل الحديث وليست كموضوع رئيسي للحلقة أو للبرنامج، وهذا ليس معناه ربط الدين بالسياسة على الإطلاق، وفق زعمه.

فضيحة منع الأذان

وشهدت إذاعة القرآن الكريم فضيحة فى عهد الانقلاب، حيث تجاهلت الإذاعة رفع أذان الظهر  فى إحدى المرات بسبب خطبة البابا تواضروس الثاني.

وكشفت الناشطة السياسية غادة عبد السلام، عبر منشور لها بالفيسبوك، عن أن يوم الخميس 27/4/2017، كانت إذاعة القرآن الكريم تقوم بعرض كلمة الأنبا بولا نيابة عن البابا تواضروس، قبل الظهر بربع ساعة تقريبا، وظل يتحدث ولم يرفع أذان الظهر!، وأردفت ساخرة: وهي دي المسيحية الوسطية الجميلة.

لم تكن واقعة تجاهل إذاعة القرآن الكريم الأولى من نوعها، فقد سبق وأن قطعت الإذاعة عصر 23/10/2016، الاتصال عن متصلة بعد سؤالها عن حكم الظلم الموجود حاليًا في أقسام الشرطة!.

حملة اعتقالات

كانت داخلية الانقلاب قد قامت باعتقال الدكتور محمود خليل، كبير مذيعي شبكة إذاعة القرآن الكريم، بزعم الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين وحيازته سلاحًا ناريًا!.

وادعت نادية مبروك، رئيسة قطاع الإذاعة بالهيئة الوطنية للإعلام، أنه “تم استبعاده منذ فترة، من تقديم برامج الهواء والمسجلة أيضا، وتم حصر نشاطه في كتابة مواد تحريرية يتم مراجعتها بعناية شديدة من خلال رؤسائه”.

كان محمود خليل مديرًا عامًا لبرامج علوم القرآن بشبكة القرآن الكريم، وكبير مذيعي الشبكة، وتخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1982، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في تخصص الإعلام، وعلى ليسانس أصول الدين قسم التفسير وعلوم القرآن من جامعة الأزهر.