8 سنوات على ثورة ابتلعها تحالف أهل الشر.. كيف دمرت السعودية والإمارات اليمن السعيد؟

- ‎فيعربي ودولي

لم يكن الانقلاب الذي قامت به جماعة الحوثي هو العقبة الوحيدة والمبرر الرخو لإطالة أمد الحرب ولكنه صراع المشاريع ونزوات الغرور والكبرياء والأطماع التي قسّمت الأدوار بين دولة مراهقة كالإمارات تسرح وتمرح وتمارس الاستبداد والقهر في حق أبناء اليمن الذي أتت لإنقاذهم كما تقول.

ثمانية أعوام على الثورة اليمنية خرج فيها ملايين اليمنيين في الشوارع مضحين بأنفسهم ودمائهم، من أجل نيل حريتهم، وإنقاذ يمنهم السعيد من يد الذين أتعسوه بالفقر، من حكام الاستبداد في الدول العربيةـ وممثلهم في اليمن علي عبد الله صالح، إلا أن اليمنيون فوجئوا أنهم لا يحاربون نظاما فاسدا بقدر ما يحاربون مخطط دولي يقوده تحالف الشر ممثلا في دولة والإمارات والمملكة العربية السعودية.

فبعد أن خدع تحالف الشر المكون من الإمارات والسعودية، أهل اليمن بإنقاذهم من انقلاب اجماعة الحوثي على الشرعية في اليمن، توقفت بوصلة التحالف عن العمل في خدمة الشرعية المزعومة، وانحرف مسارها، ومضى تحالف الشر السعودي الإماراتي بنفس المشروع وعلى مستقيم واحد مع جماعة الحوثي في تدمير اليمن، والبقاء على ما تبقى من أهله، وابتلاع الثورة التي لطالما خرج فيها ملايين اليمنيون لعودة اليمن السعيد.

خيبة أمل كبيرة

وسيطرت خيبة أمل كبيرة وصادمة لليمنيين الذين كانوا يعولون على التحالف لإنقاذهم ظنا منهم بحسن نية تحالف الشر، ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح. فلم تكن مسألة السطّو والسيطرة هي الدوافع الوحيدة في هندسة التحالف الذي من المفترض أن يعمل على إصلاح وضع المواطن اليمني ولو في إطار المناطق المحررة فقط ولكنه يعمل بجد واجتهاد لإخضاع المواطن اليمني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، للسيطرة على أراضيه وثرواته وموانئه.

فكانت الحرب الحقيقية التي دمر من خلالها تحالف الشر اليمن السعيد، وتعاون مع جماعة الحوثي على الإثم والعدوان من أجلها، هي حرب الاقتصاد، لتكشف الحقيقة أن الأطراف الدّولية والإقليمية والداخلية، وعلى رأسها تحالف الشر اتحدت على هزيمة الثورة اليمنية، للتقاتل في حرب طاحنة على جغرافيا اليمن، والسطو على حق اليمنيين باستثمار ثورتهم وتضحياتهم لبناء دولة قوية جديرة بمكونها السكاني.

جوع ومرض وقتل

بعد ثمانية أعوام على الثورة اليمنية، كان يفترض أن يعدد اليمنيون إنجازات ثورتهم المجيدة، إلا أن تحالف أهل الشر جعلهم يعون ضحياهم وقتلاهم ومصابيهم، ليتساءلوا عمّا إذا كانت ثورة الحادي عشر من فبراير 2011 قد نجحت أم لا؟

واجهت الثورة اليمنية حرباً شرسة تماماً، كالتي واجهتها الثورة الليبية 17 من فبراير، والثورة المصرية 25 يناير، والثورة السورية التي مازالت شاهدا على جرائم نزظام بشار الأسد حتى الآن.

إلا أن الاستثناء في الثورة اليمنية هو أنها رغم كل الأسلحة التي اشهرت في وجهها لم تهزم بعدُ، ولا تزال صامدة وتبني قوتها الصلبة، عبر الآلاف من رجال الجيش الوطني، والمقاومة، والطيف الواسع من النخب السياسية والفكرية والحقوقية، والسواد الأعظم من الشعب اليمني الواقف خلف خيار الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم، التي أقرّها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

فالذين قرروا هزيمة الثورة اليمنية، ولم ينجحوا حتى الآن، استخدموا الغدر والخيانة للالتفاف على الثقة الكبيرة التي وضعها اليمنيون في السعودية وبمجلس التعاون الخليجي، وحينما قرروا الانقضاض على على هذه الثورة، كانت الخيانة أسوأ الأسلحة التي استخدمتها السعودية ممثلة في تحالف الشر مع الإمارات .

غرفة عمليات أبو ظبي

فقد عمل تحالف الشر من خلال غرفة عمليات أبو ظبي لإدارة الثورة المضادة في بلدان الربيع العربي، وبرز دور الإمارات، منذ ذلك الحين معبراً عن بلد تبني نهج التطرف والعدائية الشديدة تجاه الربيع العربي وضد كل من يعتقد أن الإسلام عقيدة وأسلوب حياة ومصدر إلهام لنظام سياسي يضمن تحقيق مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة والتداول السلمي للسلطة.

ووضع تحالف الشر نفوذه وإمكانياته للقضاء على الثورة اليمنية، فكانت كارثةً على اليمن وثورته؛ فقد وقع الاختيار على الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وشبكة النفوذ والمصالح التي أقامها على مدى 33 عاماً من حكمه للقيام بمهمة تقويض النظام الانتقالي، بما هو المنتج السياسي الأهم لثورة 11فبراير 2011.

يقول تقرير للتلفزيون التركي إنه في ذلك الحين كان الجزء الأكبر من القوات المسلّحة اليمنية، والوحدات الأكثر تدريباً وتسليحاً في الجيش والقوات الأمنية، لا يزال يدين بالولاء للنظام القديم ويتبنى أجندة المخلوع صالح.

وأشار التقرير إلى أنه وفي موازاة ذلك عمل الحوثيون على كسب ولاء العشرات من القادة العسكريين، واستثمروا البنية القتالية، التي تجلّت في الوحدات المدعومة أمريكياً في الجيش اليمني بهدف مكافحة ما يُسمّى بالإرهاب؛ حيث جرى الحرص على أن يكون معظم عناصرها من التركيبة القبلية الزيدية، وتمكين ضباط من فصيل الحوثي من قيادات العديد من الكتائب داخل القوات الخاصة والحرس الجمهوري المنحل، وقوات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات الأمن الخاصة.

حلفاء واشنطن

واستغل حلفاء واشنطن في السعودية من نظام محمد بن سلمان وعصابته بالتنسيق مع محمد بن زايد في أبو ظبي، الثورة اليمنية والتخلص من علي عبد الله صالح، لتبني مواقف أحدثت تحولات خطيرة في النمط المعهود لهذا النظام الذي اتسم بالمحافظة وعدم المجابهة والنزوع نحو احتواء الخلافات ومواجهة التطورات الإقليمية الخطيرة بطرق عديدة غير هذه العدائية السافرة والمجرّدة من قيم الدولة السعودية المحافظة على نحو ما شهدناه من موقف ضد الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا وتونس واليمن.

وأعطى الملك سلمان بن عبد العزيز الضوء الأخضر لانطلاق الثورة المضادة استناداً إلى الإمكانيات السعودية الهائلة المالية والعسكرية والدعائية وشبكة التحالفات الدولية المساندة.

وعلى الجانب الأخر كانت إيران ترقب المخطط السعودي الذي اختار أهم أدوات إيران (الحوثيين) لتنفيذ الثورة المضادة في اليمن، والذين كانوا قد أُعدّوا بشكل جيد، ونُسجت حول من يسمون أنفسهم (أنصار الله) شبكة من الولاءات عبر عامين من عمل المخابرات الإيرانية وعناصر حزب الله في ساحات التغيير والحرية في مختلف أنحاء اليمن، والهدف النهائي بالنسبة لإيران هو قيام ثورة إسلامية برأس واحد وقائد واحد هو عبد الملك الحوثي، على غرار النموذج الإيراني، واستنساخاً لتجربة حزب الله في لبنان.

إيران

إلا أن التطورات الميدانية التي تلت سقوط صنعاء من قبل الحوثيين سارت على عكس ما خططت له الرياض، وأصبحت إيران هي صاحبة النفوذ الأقوى في صنعاء، وقرر الملك سلمان التدخل العسكري في اليمن لتحجيم ذلك النفوذ ولتحقيق جملة أهداف من بينها خلق ظرف استثنائي في المملكة يسمح لنجله الطموح في الحكم من بلوغ أهدافه متجاوزاً السلسلة الطويلة من الأمراء النافذين في العائلة.

وفي السادس والعشرين من مارس 2015، بدأ التدخل العسكري الواسع في اليمن من تحالف الشر الذي تقوده السعودية، وعند هذه اللحظة اشتبك أعداء ثورة الحادي عشر من فبراير، في مواجهة جرفت نفوذ علي عبد الله صالح وأنهته تماماً من الساحة السياسية، ودمّرت الإمكانيات العسكرية الهائلة للسلطة الانقلابية التي يهيمن عليها الحوثيون في صنعاء، وبدأ أنصار الثورة يتنفّسون الصعداء، فلملموا شتاتهم وتجمعوا في كل من تعز ومأرب والجوف.

وعبر ثماني سنوات من المواجهات أكثر من نصفها كانت عسكرية، امتلك أنصار الثورة البنية اللازمة للقتال على قاعدة استعادة الدولة والحفاظ على قيم ومبادئ وأهداف الثورة، وبعد نحو أربع سنوات من الحرب المدمرة، انكشفت نوايا الرياض وأبو ظبي، وبات واضحاً أنهما يغرقان أكثر في المستنقع اليمني.